عقد مجلس الوزراء امـس جلســة استثنائية برئاسة رئيس الجمهورية مخصصة لحسم موقف الحكومة من اجراء الانتخابات البلدية والاختيارية في الربيع المقبل في ضوء التعديلات التي اقترحها وزير الداخلية والبلديات زياد بارود على قانونها، وكان مجلس الوزراء قد تسلم قبل يومين هذا المشروع وأبرز ما تضمنه: انتخاب رئيس البلدية ونائبه بالاقتراع الشعبي المباشر، اعتماد النسبية في البلديات الكبرى تأمينا لصحة التمثيل، ادخال الكوتا النسائية بنسبة 30%.
وقد شهدت الساحة اللبنانية مناقشة حادة في شأن مشروع القانون خصوصا حول المسائل التالية:
- اعتماد النسبية في المدن الكبرى والذي يرجح ان يلقى معارضة من تيار المستقبل وخصوصا في بيروت وطرابلس، والتعذر على اعتماد النسبية سيدفع العماد عون الى المطالبة ببديل انتخابي لبيروت يقوم على أساس توزيعها الى ثلاث دوائر انتخابية، وهذا ما يرفضه رئيس الحكومة الذي كان حذرا من تقسيمها وأبلغ قيادات تيار المستقبل وكوادره الجمعة الماضي ان تقسيم العاصمة يعني العودة بلبنان الى الوراء بدلا من التقدم في اتجاه تحقيق المزيد من الانصهار الوطني، وبالتالي لا مجال للبحث في أي شكل من أشكال التقسيم، «خصوصا ان لدينا القدرة على التوافق، وهذا ما حصل من دون ان تعترضنا أي ثغرات في الانتخابات البلدية في دورتي 1998 و2004».
وتقول مصادر ان عون في صورة موقف الحريري الرافض لتقسيم بيروت، وهو لهذا السبب بدأ يميل الى الاستعاضة عن طلبه هذا باشتراط اعتماد النسبية في احتساب نتائج الانتخابات، وتشير الى ان الأطراف السنية الرئيسية ضد تقسيم بيروت لأنها ضد أي خطوة يمكن ان تترتب عليها ارتدادات سلبية تخلق توترا مع السنة وتهدد الاستقرار العام أو تعيد الاحتقان الى ما كان عليه في مايو 2008، وتطرح هذه الأطراف العودة الى المناصفة في المجلس البلدي لبيروت بين المسيحيين والمسلمين، والى تكريس العرف الذي استحدثه الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
- الابقاء على سن الاقتراع 21 عاما، وعدم خفضها الى 18 سنة كما تطالب بذلك حركة أمل وحزب الله، علما ان هذا الخفض يحتاج الى تعديل دستوري، وعلما ان بري أبلغ بارود عندما التقاه في حضور النائب علي حسن خليل اصراره على افساح المجال أمام الشباب ممن بلغوا سن الـ 18 للانتخاب، ونقل عن بري قوله انه مستعد لدعوة المجلس النيابي للانعقاد لإقرار التعديل الدستوري وانه سيتشاور مع الحريري لتحديد موعد الجلسة، داعيا بارود الى اعداد لوائح الشطب بأسماء الناخبين المستفيدين من خفض سن الاقتراع لتكون وزارة الداخلية جاهزة فور اقراره.
وتساءلت مصادر بري حول خلفية تجاوز تخفيض سن الاقتراع، وهل ذلك مرتبط بالسجال الحاصل حول اقتراح تشكيل الهيئة العليا لدرس الغاء الطائفية السياسية.
«في مقابل المطالبة الشيعية بتخفيض سن الاقتراع، تربط القوى المسيحية في الأكثرية هذا الأمر بإعطاء المغتربين حق التصويت».
لا شيء مؤكد حتى اليوم حول اجراء الانتخابات في موعدها (المقرر في مايو) أو حول تأجيلها، وثمة وجهتا نظر:
- الأولى تقول انه من غير الجائز تأجيل هذا الاستحقاق لما يترتب عليه من انتكاسة سياسية تصيب الحكومة في الصميم وتظهرها من أول الطريق غير قادرة على ان تفي بالتزاماتها الواردة في البيان الوزاري، ويشير أصحاب وجهة النظر هذه الى ان ثمة قوى كثيرة لا ترى مصلحة لها في اجراء الانتخابات في موعدها، وهو أمر قد يعرض هذا الاستحقاق لتقاطع مصالح ضمنية حتى بين قوى لا يجمعها فريق واحد، وسيتعين على مجلس الوزراء مواجهة خطورة التلاعب بتجاوز مبدأ دورية الاستحقاقات الانتخابية، خصوصا انه ليس ثمة أي مبرر موضوعي لتأجيل الانتخابات البلدية.
- الثانية تقول انه من الأفضل تأجيل الانتخابات بعض الوقت من أجل اعداد قانون عصري يتيح للبلديات ان تواكب مشروع اللامركزية الادارية، خصوصا ان اجراء الانتخابات البلدية في وقتها لم يعد تحديا للدولة بعدما نجحت في تنظيم الانتخابات النيابية في موعدها، وبالتالي الأولوية الآن يجب ان تكون لوضع قانون حديث للاستحقاق البلدي.
ويبقى أخيرا انه سواء جرت الانتخابات في موعدها أم تأجلت، فإن الاهتمام بها نابع من اعتقاد كل فريق بعلاقتها بنتائج الانتخابات النيابية الأخيرة، بحيث يريد البعض تثبيت نتائج فوزه أو الانتقام لخسارته أو تعديل ميزان التعادل حتى يحوله الى فوز تمهيدا للانتخابات النيابية المقبلة.