بيروت ـ عمر حبنجر
السياسة لبست السواد على ضحايا الطائرة الإثيوبية المنكوبة، في لبنان لليوم الثاني على التوالي أمس، وانصرف المسؤولون اللبنانيون الى متابعة عمليات البحث عن الطائرة وعن جثامين الركاب واشلائهم على الشواطئ، في وقت وجه فيه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله رسالة الى ذوي الضحايا، وبينهم شخصيات مناصرة للحزب، تحدث فيها عن الفجيعة الانسانية والوطنية التي حلت بهم، وحثهم على التجمل بالصبر.
وربما كان رجل الاعمال حسن محمد تاج الدين الذي تم التعرف على جثمانه من جواز سفره الذي وجد في جيبه، احد هذه الشخصيات المحسوبة على الحزب، الذي تم تشييعه في بلدته «حناويه» بقضاء صور (الجنوب).
وابرز الخطوات التي سجلت امس، عثور البحرية الألمانية التابعة لليونيفيل على ست جثث عائمة على سطح الماء عند الفجر، بالاضافة الى أشلاء صغيرة استجمعت على الشاطئ بحيث ارتفع عدد الجثامين المنتشلة الى عشرين بينها جثمان طفل، وتبين ان اصحاب الجثث المنتشلة حديثا لم يكونوا رابطي الأحزمة.
وتردد ان سفينة الانقاذ الاميركية التي وصلت ليل امس الأول تمكنت من رصد وتحديد مكان وجود هيكل الطائرة، على بعد ثلاثة اميال من شاطئ خلدة.
عمق 65 متراً كحد أقصى
وكان وزير الدفاع الياس المر قال ان السفينة الاميركية المختصة بأعمال الانقاذ تقوم بتحديد العمق الذي غرقت فيه الطائرة، وعند التحديد يقوم مغاوير البحر التابعون للجيش اللبناني بالغطس في اثرها.
غير ان الوزير لفت الى ان مغاوير البحر اللبنانيين مزودين بآلات تمكنهم من الغطس حتى 65 مترا كحد اقصى، وفي حال كانت الطائرة على عمق اكبر فسنطلب من فرنسا والولايات المتحدة تقديم فريق من الغطاسين لهذه المهمة.
وقالت تقارير اولية مصدرها السفينة الاميركية ان ركاب الطائرة بمعظمهم مازالوا مثبتين بمقاعدهم داخل هيكل الطائرة، ما يدحض نظرية انفجارها في الجو.
وفي الاجتماع الوزاري المسائي برئاسة الرئيس سعد الحريري طرحت فكرة تشكيل غرفة طوارئ دائمة لمعالجة اي كارثة او طارئ يتعرض له لبنان تلافيا للتقصير الذي ظهر.
واطلق خبراء الطيران والطيارون السابقون سلسلة افتراضات تبقى معلقة على سجل بيانات الصندوق الاسود. وركزت معظم الافتراضات على سوء التنسيق بين برج المراقبة في مطار رفيق الحريري الدولي وقبطان الطائرة الاثيوبية وقد تردد ان هذا الاخير ادار ظهره لتعليمات برج المراقبة لتأخير الاقلاع او عدم التحليق في هذا الاتجاه او ذاك. وقد افاد العاملون في برج المراقبة بأن قائد الطائرة لم يكن يرفض توجيهاتهم لكنه وفي ذات الوقت كان يعمل عكسها.
تسجيلات برج المراقبة
وقد استمع الخبراء الى تسجيل برج المراقبة للمحادثة مع قائد الطائرة، وسمعوا منه عبارة «روجر» اي موافق، لكن تبين انه كان اذا تلقى توجيها بالانحراف شمالا يتوجه جنوبا والعكس بالعكس، وهكذا الحال بالنسبة الى الارتفاع السريع البالغ الذي قصد منه تخطي مستوى العاصفة، مما افقده الاتصال ببرج المراقبة على حين غرة، ومن ثم السيطرة على الطائرة التي اصبحت في عين العاصفة.
وتساءل البعض عما اذا كان يتعين اغلاق المطار ريثما تهدأ العاصفة، لكن وزير الاشغال العامة والنقل غازي العريضي قال ان هناك طائرتين هبطتا قبل دقائق من اقلاع الطائرة الاثيوبية وطائرة اقلعت بعدها، فضلا عن ان مثل هذا التدبير ليس معتمدا في مطارات العالم، وقال العريض: من غير المؤكد ان الطيار التزم بتوجيهات برج المراقبة، فيما اشار وزير الدفاع الياس المر الى ان خطأ ما حصل مع الطيار. وفي سياق الاستنتاجات، لاحظ الطبيب الشرعي الدكتور احمد المقداد الذي كشف على الجثث المنتشلة وعددها 14 جثة (حتى مساء الاثنين) وبعض الاشلاء، ان معظم الاصابات في قمة الرأس وهذا ما يسمح بالاستنتاج ان رؤوس هؤلاء ارتطمت بالمقاعد التي امامها أو بأجسام صلبة، افضت الى تشويهها على النحو الموصوف.
الكلمة للصندوق الأسود
غير ان الكابتن محمد حسون، الطيار في طيران الشرق الأوسط تحدث من لندن، ناصحا بعدم الاسترسال في التنبؤات وبانتظار العثور على الصندوق الاسود الذي فيه الاجابة عن كل التساؤلات ومتوقعا العثور على الصندوق الفسفوري البرتقالي اللون (خلافا لاسمه) نظرا لقرب مكان سقوط الطائرة من الشواطئ اللبنانية.
وقال الكابتن حسون ان الشركة المصنعة وحدها تملك تقنية فتح الصندوق وترجمة محتوياته بحضور الشركة المالكة للطائرة والبلد الذي وقعت فيه (لبنان) إضافة الى منظمة الطيران الدولية.
وكان تم امس توسيع رقعة البحث، في ظل الطقس المستقر والمشمس بمشاركة لجنة تحقيق اثيوبية مع فريق كنسي جاء لمواكبة جثامين الضحايا الاثيوبيين.
وقد عثر رجال الاطفاء على قطعة من احد جناحي الطائرة اضافة الى وسادة تحمل اسم الطيران الاثيوبي فضلا عن 6 مقاعد ومرحاض الطائرة على شاطئ الرملة البيضاء في بيروت.
السفير الفرنسي محبط
وبالنسبة للسفير الفرنسي دانيال بياتون فقد لازم غرفة في منزله منذ تبلغه نبأ سقوط الطائرة وعلى متنها زوجته مارلا ممتنعا عن تلقي الاتصالات.
وتولى المستشار الاعلامي في السفارة فرانسوا ابي صعب الرد على اتصالات المعزين. وعلمت «الأنباء» ان جزءا من الاحباط الذي يعيشه السفير الفرنسي ناجم عن كون عقيلته سافرت بمهمة كلفها بها شخصيا.
واقرأ ايضاً:
محنة الطائرة شغلت الحكومة.. والحريري في القاهرة اليوم
مصدر لـ «الأنباء»: حزب الله متحمس لـ «البلدية» وبري مع التأجيل
الانتخابات البلدية: اتجاهان و3 نقاط خلافية
اخبار واسرار لبنانية