بيروت ـ عمر حبنجر
مع ازدياد الحاجة الى الوقت لكشف ألغاز سقوط الطائرة الإثيوبية في مياه المتوسط اللبنانية رغم كثافة الجهود المبذولة للعثور على الصندوق الاسود وانتشال هيكل الطائرة وجثامين ركابها السبعين المتبقين، عادت الانتخابات البلدية والتجاذبات السياسية المرتبطة بها الى مقدمة الاهتمامات المحلية تزامنا مع بدء العد التنازلي لهذه الانتخابات المقررة في يونيو من حيث المبدأ، على اعتبار احتمالات التأجيل بسبب تقلص المهل المتصلة بالتعديلات المطروحة لقانون هذه الانتخابات.
وتجلت هذه الصورة في اجتماع مجلس الوزراء مساء اول من امس الذي استغرق 4 ساعات ونصف الساعة، استهلكت ثلاث منها في مناقشة التعديلات المطروحة على قانون البلديات والتي تخللتها مشادات وتبادل لوجهات النظر الحادة والصريحة.
وكان مجلس الوزراء اعتمد في جلسة سابقة مجموعة من الاقتراحات كالتمديد التقني للمجالس البلدية حتى 30/6/2010 والذي لا يعتبر تأجيلا للانتخابات، وكان اتفق ايضا على تحديد مدة ولاية المجلس البلدي بخمس سنوات وعلى عدم اخضاع الانتخابات البلدية والاختيارية للهيئة العامة للاشراف على الانتخابات وعلى اجراء هذه الانتخابات على مراحل (مرحلتين مبدئيا) وعلى نشر القوائم الانتخابية بعد 10 ايام من تاريخ انتهاء اجراء التصحيحات عليها على الموقع الالكتروني لوزارة الداخلية وعلى ان يكون عدد الناخبين في القلم الواحد 600 ناخب كحد اقصى.
وبعد التذكير بما اتفق عليه، جرى التداول بشأن الاتفاقات الاصلاحية الاخرى التي وردت في مشروع وزير الداخلية، واتفق على عدد من الاجراءات الاصلاحية اهمها جواز ترشيح الموظفين لعضوية المجالس البلدية ولمنصب المختار وعضوية المجالس الاختيارية، واتفق على اعتماد نظام الكوتا النسائية بنسبة 20%، اما اقتراح حيازة رئيس البلدية للاجازة الجامعية والمختار للبكالوريا فلم يوافق عليها مجلس الوزراء.
وعلمت «الأنباء» انه امام رفض الوزراء فرض شهادات علمية معينة على المرشحين للبلديات والمختارين، اقترح وزير التربية الوطنية الاجازة لمعلمي المدارس والموظفين المدنيين الترشح لعضوية المجالس البلدية والاختيارية، وقد اجيب طلبه من حيث المبدأ.
تأجيل «الخفض» و«النسبية»
اما عن موضوع خفض سن الاقتراع الى 18 عاما، فلم يناقش في جلسة الجمعة، واشار الوزير طارق متري الى تقدم كبير في التحضير للانتخابات التي قال انها قائمة في موعدها.
وزير الداخلية زياد بارود قال بعد الجلسة انه رغم انها استغرقت ما يزيد على اربع ساعات فإنها خلت من التشنج، وقال ان اعتماد النسبية تم تأجيله الى جلسة خاصة. وقال بارود، في تصريح صحافي، ان الرئيس سليمان كان حريصا على استمزاج آراء الجميع في اصغر الامور واكبرها، مؤكدا انه بعد بحث مستفيض في موضوع انتخاب رئيس البلدية ونائبه من الشعب لم يحسم مجلس الوزراء قراره بشأنه، ولو بدا ان ثمة ميلا لعدم الاخذ به.
وفي موضوع الشهادات لرئيس البلدية والمختار، قال ان بعض الوزراء عارضوه بالمطلق، فيما اشار آخرون الى ان هذا الشرط ليس مطبقا في حالات تمثيلية اخرى (مجلس النواب) عندها سقط الاقتراح.
وعن «الكوتا» النسائية، دافع الوزير بارود عن اقتراحه وقال انه يريد اشراك المرأة في الحياة العامة لكن بعض الوزراء عارضوا بنسبة 30%، وسقط الاقتراح، لكن الرئيسين ميشال سليمان وسعد الحريري اقترحا خفض النسبة الى 20% وهكذا كان، على ان تكون الكلمة الاخيرة لمجلس النواب.
وقال مصدر وزاري انه عندما اصر الرئيس الحريري على الكوتا النسائية، اعترض الوزير جبران باسيل ومعه وزراء حزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي على الاقتراح، وبينما رفض وزيرا حزب الله الفكرة بالمطلق، اعترض الباقون على تحديد النسبة التي اقرت اخيرا بـ 20%، وقد بقي المعترضون على موقفهم عدا وزراء التقدمي. يذكر ان 80% من معلمي المدارس في لبنان هم من النساء.
الحلقة الأولى
من جهته، قال وزير الدولة عدنان السيد حسين ان الاهمية تكمن في اجراء الانتخابات البلدية في موعدها انطلاقا من ان البلديات هي الحلقة الاولى في اللامركزية الادارية الوارد ذكرها في البيان الوزاري، وان اتحاد البلديات يشكل تعزيزا للامركزية الادارية.
واعتبرت مصادر نيابية ان الرفض الواسع لتخفيض سن الاقتراع والتأكيد على اعادة الجنسية كحق طبيعي لمنتسبيها، دفعا الى اعادة النظر في بعض التوجهات وفرض ما يمكن وصفه بمعادلة تشمل عناوين كبيرة، من هنا فإن مجلس الوزراء الذي غاص طويلا في موضوع قانون البلديات خلال اجتماعه مساء اول من امس سيحاول باخراج معين تمرير خفض سن الاقتراع من دون احراجات.
وعن مقررات مجلس الوزراء حول قانون البلديات، لاحظ الرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي ان الجو داخل مجلس الوزراء لم يكن مريحا، ويجب ان نتخلص من موضوع البلديات وعسى ان «نخلص» في جلسة يوم غد ولا اريد ان اصب الزيت على النار.
ولم يعتبر ميقاتي اعطاء النساء كوتا بنسبة 20% في المجلس البلدي انجازا، المطلوب اصلاح باللامركزية الادارية وصلاحيات المجالس البلدية وليس بكوتا نسائية او بغرض الشهادة على رئيس البلدية والمختار او النسبية، علينا البحث عن الانسب للمصلحة الوطنية.
وحول خفض سن الاقتراع الى 18 عاما، قال ان الرئيس نبيه بري استعجل جلسة الاسبوع الماضي للنظر بالتعديل الدستوري، لأن وزير الداخلية قال امامنا 15 يوما لإعداد لوائح القيد الجديدة كي ننجزها قبل 10 فبراير، فلماذا كل الامور محكومة بالمهل؟ الم يفكر احد بتعديل قانون البلديات السنة الماضية؟
هذا فيما يخص الملفات السياسية، اما على صعيد البحث عن هيكل الطائرة الاثيوبية وصندوقها الاسود، كلف مجلس الوزراء الشركة المالكة للباخرة «اوشن اليوت» المتخصصة بالمسح القيام بالعملية، كما قرر الاتفاق مع الشركة صاحبة الغواصة «اوديسي اكسبلورر» المؤهلة لانتشال حطام الطائرة من قاع البحر كي ترسله الى لبنان فورا وعهد الى الهيئة العليا للاغاثة تغطية الكلفة اللازمة. وكانت «اوشن اليوت» قد انتقلت الى مرفأ بيروت امس للتزود بالوقود والمؤن وتبديل الطاقم لتعود بعد فترة. وطلبت الحكومة اللبنانية من فرنسا ارسال سفينة متخصصة لتحل محل السفينة المغادرة طيلة فترة غيابها. مصادر مسؤولة توقعت انجاز عملية رصد مكان الصندوق الاسود قريبا دون تحديد سقف زمني لهذه المهمة. المصادر العسكرية اعتبرت ان الاخبار عن عمل تخريبي اسقط الطائرة لا مصداقية لها، وانه اذا انفجرت الطائرة في الجو فإنها تتشظى ويتناثر حطامها، اما اذا ارتطمت بالماء فإنها تتفتت بطريقة مختلفة، والاجزاء التي عثر عليها تدل مبدئيا على ارتطامها بالماء وليس تفجرها في الجو، على انه لا حقيقة تامة قبل العثور على الصندوق الاسود الذي قد يتطلب العثور عليه استقدام وسائل بحرية اكثر تقنية وتطورا، وهذا ما يبدو رئيس الحكومة سعد الحريري حاضرا له عند الضرورة.