بيروت ـ اتحاد درويش
عاد الامين القطري السابق لحزب البعث النائب عاصم قانصو الى واجهة العمل السياسي، بعد الزلزال الذي اصاب لبنان باستشهاد الرئيس رفيق الحريري وجهت اصابع الاتهام الى سورية وعمت التظاهرات المناوئة لها شوارع بيروت وصولا الى انسحاب جيشها، هذه الاتهامات طالت بعض حلفاء سورية في لبنان ومنهم النائب قانصو الذي يرى في هذه الاتهامات انها جائرة ومغرضة، وقال: ذهبت الى التحقيق اكثر من مرة مع المحقق الدولي ديتليف ميليس انا وغيري من السياسيين وبعض الضباط السوريين الذين كانوا ابان الوجود السوري.
سيف ذو حدين
وشرح قانصو لـ «الأنباء» انه في الفترة الماضية وبعد استشهاد الرئيس الحريري برزت معطيات جديدة على الساحة المحلية والاقليمية وكان لها الاثر الكبير على الساحة الدولية بحكم علاقات الرئيس الحريري الكبير وشخصيته المميزة، وما جرى انه اصابنا طيلة هذه الفترة بعض الشطط في المعاملة وفي كيفية التعامل مع القوى المؤيدة للخط العروبي وخط المقاومة وكل هذه الثقافة المناهضة للمشروع الاميركي في المنطقة وخاصة مشروع بوش التي عملت وزيرة خارجيته انذاك رايس على تسويقه تحت شعار «ولادة شرق اوسط جديد» هذا المشروع الذي هو لصالح اسرائيل في مواجهة القوى المناهضة التي تسعى لاستعادة الحق الفلسطيني والعربي.
اتهام فتح الإسلام!
واضاف: ان اتهام سورية بجريمة اغتيال الرئيس الحريري سيبقى سيفا ذا حدين تستخدمه الولايات المتحدة الاميركية للتهديد به داخليا، لاعطاء نوع من القوة والدعم لجماعتها المناهضة للخط السوري والايراني وكل القوى الممانعة والمقاومة، والحد الثاني هو خدمة لاسرائيل.
وتابع انه بعد هذه الاجواء التي تكونت بدأت الصورة تتضح عندما عمت التظاهرات المطالبة بالحقيقة واكتفوا بان الموضوع اصبح في عهدة المحكمة الدولية، اما نحن فنريد الحقيقة وشهود الزور الذين اتوا بهم للادلاء بشهادات كاذبة، والا لماذا خرج الضباط الاربعة؟ خرجوا لانه لم يعد هناك منفذ امام احتجازهم، وهذا الامر هو احد مظاهر الحقيقة، وان المعطيات على الارض تؤكد ان السوريين ليس لهم علاقة وان الحقيقة بدأت تظهر والامور بدأت تتوضح ان اميركا واسرائيل وراء مقتل الحريري الذي قد يكون بأيادي بعض المسلمين المتعصبين او الاسلام السياسي الذي رأينا احد مظاهره «فتح الاسلام» وما قام به على الساحة اللبنانية من اغتيالات والتي يجري التغطية عليها، ونحن نطالب بفتح كل الملفات بدءا من اغتيال جورج حاوي وصولا الى جبران تويني، ونسأل الا يعرف الرئيس امين الجميل من قتل ولده، هو يعلم ولا احد بامكانه ان يفهمنا ان الامور نظيفة في البلد مئة بالمئة، وان ما هو حاصل اليوم من تشكيل لحكومة وحدة وطنية هو تسوية لتمرير المرحلة التي هي تغطية على الحقيقة، حقيقة استشهاد الرئيس الحريري، لانه من غير المنطقي ان رئيس الحكومة سعد الحريري لم تصبح لديه قناعة ان السوريين لا دخل لهم بمقتل والده، واذا لم يكن مقتنعا فإن لديه على الاقل معطيات ان السوريين لا دخل لهم وهو في فمه ماء ولا يمكنه قول شيء لان الجو الاميركي مازال ضاغطا على الاجواء السياسية في لبنان.
ورأى عضو القيادة القطرية لحزب البعث ردا على سؤال ان سورية لم تخرج من لبنان، بل ان الجيش السوري انسحب عام 2005 لان الرئيس السوري بشار الاسد اراد هذا الانسحاب الكامل للجيش السوري ومن يقول غير ذلك هو مخطئ، لان الرئيس الاسد وجد من مصلحة سورية ان ينسحب جيشها ويتموضع في قلب سورية ليكون هناك نوع من الممانعة ضد الاميركيين والمشاريع الضاغطة عليه من اسرائيل، وقد نجح عندما تغيرت المعادلة وفشل مشروعهم، واقول ان الرئيس سعد الحريري يرى هذه الصورة، وسيتعاطى معها لصالح لبنان من هذا المنظار، انما هناك اشخاص مازالوا مرتبطين من فارس خشان الى مصطفى علوش.
ويتابع القول: «ان سورية لم تخرج من لبنان بالقوة والنضال والثورة كما يقال بل ان الرئيس السوري اراد ذلك، وبالتالي فإن مقررات اتفاق الطائف يفترض ان يكون هناك تموضع جديد للجيش العربي السوري في البقاع حتى يبقى حامي خاصرة دمشق من اي اجتياح كما جرى عام 1982، وقال: «لم نكن ضد خروج الجيش السوري لاننا مع اتفاق الطائف والذي اراد الانسحاب الكامل لهذا الجيش هو واحد اسمه بشار الاسد».
سورية موجودة من خلال حلفائها
واردف قائلا: ان سورية موجودة من خلال حلفائها من حزب البعث الى الحزب القومي وحركة امل وحزب الله والحزب الناصري.
وقال ردا على سؤال حول الواقع القائم اليوم ان الانقسام في لبنان اقل حدة مما كان عليه قبل خمس سنوات جراء المتغيرات والتحولات التي حصلت على المستويين الداخلي والاقليمي، مشيرا الى ان هناك جهات قلقة من هذه المتغيرات وجهات اخرى تفاعلت معها كالنائب وليد جنبلاط الذي انتقل الى ضفة اخرى وغادر قوى 14 آذار، ولفت الى ان اطرافا في الامانة العامة لقوى 14 آذار تحاول تنشيط وتجديد هذا الفريق الذي فقد وظيفته السياسية، ورأى ان اجتماع هذه القوى في البريستول لا يسمح بالقول انه تمكن من استعادة كامل قوته بعد خروج النائب جنبلاط من صفوفه وهو الذي كان المحرك الفعلي له والذي احدث خروجه خللا في بنية هذا الفريق.
المطبات والعراقيل
وشدد النائب قانصو على دور رئيس الحكومة سعد الحريري على رأس السلطة التنفيذية، داعيا الى انجاح مسيرته بإزالة المطبات والعراقيل امام حكومته، مشيدا بمواقفه الوطنية التي اطلقها في زيارته الاخيرة الى تركيا ومصر ولاسيما تلك المتعلقة بالتهديدات الاسرائيلية، ولفت الى ان الرئيس الحريري يملك ارثا سياسيا يشكل له رافعة للعبور الى الحياة السياسية، معتبرا ان هذا الارث تركه والده الشهيد رفيق الحريري الذي كانت له شخصيته المتميزة وعلاقاته العربية والدولية الكبيرة.
وتوقف عند الاثر الايجابي للتقارب السعودي ـ السوري مؤكدا على اهمية الزيارة التي قام بها الرئيس سعد الحريري الى سورية والتي اثبتت ان لديه قناعات جديدة، ولفت الى الاستقبال الذي لقيه من الرئيس بشار الاسد الذي استقبله بمحبة وود وعن قناعة وتعامل معه كأخ، موضحا انه سمع كلاما من القيادة السورية يصب في هذه الاجواء.
وأكد أن نتائج الزيارة بدأنا نلمسها على الصعيد السياسي من خلال تصريحات الرئيس سعد الحريري باتجاه سورية وعلى الصعيد الاقتصادي من خلال حركة العبور على حدود البلدين.
زيارة جنبلاط: غير سالكة
أما لجهة الزيارة المرتقب للنائب جنبلاط الى سورية، أوضح النائب قانصو ان هذا الموضوع هو بيد الرئيس السوري وحده، الذي يعطي الاشارة. معربا عن اعتقاده ان الامور غير مسهلة والطريق ما زالت غير سالكة، ولو ان الامر غير ذلك لكانت تمت الزيارة، ولفت الى بعض الاشواك التي تعوق هذه الزيارة «والتي يمكن تفسيرها كم تشاءين»، وأكد ان لا شروط تضعها دمشق على جنبلاط، لكن هذه الزيارة لها خصوصية، وقد تكون لدى النائب وليد جنبلاط معطيات اكثر من اي طرف آخر، واحيانا كثيرة تكون هناك رسائل عن طريق بعض جماعة جنبلاط في لبنان أو سورية يكونون قد أوصلوا له اخبارا لا نعرفها ولا يفترض ان نعرفها.
منزل جنبلاط جاهز في المزة
وأوضح ان دمشق لم تكلف احدا لمتابعة موضوع زيارة النائب جنبلاط الى سورية، وان ما يقوله جنبلاط عن ان هذا الموضوع يضعه عند السيد حسن نصرالله فهو حر فيما يقوله، لافتا الى ان منزل زعيم المختارة في المزة جاهز وجرى تنظيفه، ما يعني انه سيذهب، لكن المسألة تحتاج الى بعض الشكليات بسبب الامور الشخصية التي تداخلت في الموضوع والتي لا تسمح بالدفاع عن الكلام الذي صدر عن جنبلاط بحق سورية.
وفي موضوع ترسيم الحدود بين لبنان وسورية، اشار النائب قانصو الى اللجان التي تشكلت بين البلدين والى اللجنة التي بدأت تعمل على ترسيم الحدود من العريضة في عكار وهي تحتاج الى بعض الوقت بسبب تداخل الاراضي اللبنانية بالاراضي السورية، مشيرا الى وجود 24 قرية لبنانية تقع ضمن الاراضي السورية بين الجبل الشرقي والغربي باتجاه حمص، لافتا الى وجود قرية اسمها «ربلة» هي توأم لبلدة القاع ينتخب منها 200 شخص من آل الاحمر في الهرمل.
أما موضوع المفقودين، فأشار الى اللجنة التي تشكلت منذ سنوات، ورأى ان هذا الملف يجب ان تتابعه سفارتا البلدين مادامتا موجودتين. وقال ان هناك مفقودين لبنانيين قيل إنهم في سورية وتبين انهم دفنوا في اليرزة امام وزارة الدفاع (...).
وعن الاتفاقيات الموقعة بين البلدين والمطالبة بإلغاء المجلس الاعلى اللبناني ـ السوري قال: اذا كانت الاتفاقيات الموقعة في غير مصلحة لبنان فليعد النظر فيها، ولفت الى ان المجلس الاعلى اللبناني ـ السوري أوجده الرئيس الشهيد رفيق الحريري بالاتفاق مع الرئيس حافظ الاسد، ما يعني ان اللبنانيين طالبوا به.
تفاهم مؤقت
واعتبر النائب قانصو ان التفاهم الحاصل اليوم بين القوى السياسية اللبنانية هو تفاهم مؤقت فرض نفسه بعد الانفتاح العربي السعودي ـ السوري كما فرضه اتفاق الدوحة الذي شكل محطة لهذا التفاهم، ولفت الى المحطة الاكبر التي حصلت بين لبنان وسورية، ورأى ان وراء الاكمة ما وراءها، حيث ان بعض القوى كالقوات اللبنانية وحزب الكتائب اللذين هما في قلب الحكم وضده في آن معا ويتحدثان عن قضايا تتصل بالمقاومة بعد ان احيل هذا البند على طاولة الحوار.