الكلام عن الحرب في المنطقة يتقدم الكلام عن السلام ويغلب عليه، لا يمضي يوم واحد الا وتعلو أصوات وسيناريوهات الحرب، الى ان تطورت وبلغت أخيرا اشتباكا كلاميا حادا بين اسرائيل وسورية، واذا كان من الصعب التقاط اشارات واضحة وجدية في اتجاه تحريك عملية السلام، فإنه من السهل التقاط اشارات كثيرة في اتجاه الحرب أقلها «الحرب النفسية» ولغة التهديد والتهويل، لا يمضي يوم واحد لا تصدر فيه تحذيرات من كبريات عواصم القرار من احتمالات نشوب حرب في مكان ما من المنطقة، ويوضع لبنان في مقدمة المسارح المحتملة لحرب مقبلة، هذا ما سمعه المسؤولون اللبنانيون في انقرة وباريس وواشنطن والقاهرة وعمان، وهذا ما تتزاحم به التقارير الديبلوماسية على طاولاتهم، كل هذا في وقت تنتشر فيه سيناريوهات الحرب المقبلة على الجبهة اللبنانية بين مشهد لحرب برية ضخمة تقوم فيها القوات الاسرائيلية بعمل مماثل لحرب 1982، وبين مشهد آخر تسرب قبل اسابيع الى مراكز الدراسات الاسرائيلية ومنها الى الصحافة هناك يشير الى وجود خطة كبيرة لـ«حزب الله» تقضي باختراق الحدود ونقل المعركة الى الداخل الاسرائيلي باحتلال قرى ومستوطنات محاذية للحدود مع لبنان بغية قلب معادلة استراتيجية لم تتزحزح منذ حرب 1973 حيث صارت كل الحروب تخاض على اراض عربية.
آخر ما رصد في «بورصة الحرب» التي تتأرجح أسهمها صعودا وهبوطا:
1 - استبعد مصدر ديبلوماسي غربي مطلع على الموقف والسياسة الاسرائيلية أن تقدم اسرائيل على أي عمل عسكري ضد لبنان أو سورية في المرحلة الراهنة، إلا إذا حدث تطور مفاجئ على الأرض يحدث تدهورا في الوضع الأمني على الحدود.
وكشف المصدر أن التقويم الإسرائيلي هو أنه منذ عام 2006 عزز حزب الله في شكل كبير تسلحه من الناحية النوعية ومن ناحية الكمية، وترى الإدارة الإسرائيلية ان الحزب لديه حرية تحرك متزايدة في الجنوب اللبناني وهذا يقلقها، ولكن في الوقت نفسه، استنتجت هذه الإدارة في حرب 2006 على لبنان انها لم تجد الحل لمشكلة حزب الله، وتقول انه إذا حدث أي طارئ من جانب حزب الله سيكون لبنان مسؤولا عن ذلك، ووزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان يزيد أن سورية ستكون أيضا مسؤولة، ولكن المصدر رأى انها كلمات وتصريحات ولا تعكس الواقع، لأن اسرائيل لم تجد الوصفة لحل مشكلة حزب الله لا على الصعيد السياسي ولا على الصعيد العسكري.
وقال المصدر ان التفكير الوحيد الذي تستنتجه الأوساط العسكرية والأمنية الإسرائيلية ووزير الدفاع ايهود باراك، أنه ينبغي التحاور والمفاوضة مع سورية لحل مشكلة حزب الله، إلا أن هذا التفكير ليس لدى الجميع في تل ابيب حيث يدور جدل في هذا الشأن، رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو ووزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليڤني مثلا يعتقدان أن سورية غير جدية وأنها تريد فقط استعادة الجولان، ولا تريد اعادة النظر في تحالفاتها الإقليمية مع ايران وحزب الله و«حماس»، فالتقويم الإسرائيلي، بحسب المصدر، ان سلاح حزب الله يمر عبر سورية وهناك صواريخ متطورة بإمكانها الوصول الى تل أبيب، وذلك يمثل تهديدا جديا وكبيرا لاسرائيل ولكنهم لا يعرفون كيف حل هذه المشكلة.
2 - أكد مسؤول اميركي رفيع المستوى ان تسريب السلاح عبر الحدود اللبنانية هو «أمر بغاية الخطورة»، محذرا من خروج الأمور عن السيطرة وتكرار سيناريو حرب يوليو 2006 بين اسرائيل وحزب الله.
3 - أبلغ مرجع أوروبي كبير زار بيروت مؤخرا شخصية سياسية لبنانية التقاها ان لبنان بمأمن عن أي عدوان اسرائيلي خلال فترة الثلاثة أشهر المقبلة وتل أبيب أصبحت على أقل من قاب قوسين من تنفيذ عملية عسكرية كبيرة ضد قطاع غزة مع استكمال كل استعداداتها اللوجستية لذلك.
4 - خلال مؤتمر سياحي في مدريد قال وزير السياحة التركي لصديق لبناني مشارك في المؤتمر المذكور: ان تركيا تقوم باتصالات شبه يومية مع اسرائيل بغية ثنيها عن اي عدوان قد تقوم به على لبنان، واكد الوزير التركي ان انقرة مكلفة من اكثر من جهة لمتابعة هذا الامر، في حين يستبعد الوزير التركي القيام بأي عدوان وفق معلومات يملكها ولأكثر من سبب.