تقول مصادر اميركية ديبلوماسية ان رغبة واشنطن في ابتعاد دمشق عن طهران أمر تعلم به سورية حتى إن لم توجد تصريحات أميركية متزايدة عنه، والتي كان آخرها تصريحات لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون قبل يوم من زيارة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد لسورية والتي استمرت الى وقت امس الاول، وتضيف المصادر ذاتها أن الأميركيين يراقبون عوامل عدة لقياس رغبة السوريين في إبداء حسن نية، وعلى رأس ذلك عدد المقاتلين الأجانب المتوجهين إلى العراق، والأسلحة المتدفقة إلى حزب الله من سورية بدعم إيراني، وهذه مؤشرات تنظر إليها واشنطن المعرفة التوجهات السورية في المرحلة المقبلة ولقياس نتائج الحوار والانفتاح عليها، وتضيف: «السبب وراء التواصل مع سورية هو معرفة إذا كان مثل هذا التواصل الديبلوماسي يمكن أن يؤدي إلى تغييرات في السياسة لتدفع هذه الأهداف إلى الأمام»، وتعمل واشنطن على أن تظهر للسوريين نقاط تلاق في الأفكار والمصالح بين سورية والولايات المتحدة، مختلفة عن تلك التي تجمع دمشق وطهران، فسورية تقول إنها ملتزمة بالسلام الشامل، وهذه ليست وجهة النظر الإيرانية، وسورية تقول ايضا إنها ملتزمة باستقرار العراق، وحكومة تمثل كل العراقيين، لكن ليست هذه أجندة الحكومة الإيرانية»، مضيفة «أعتقد أنه أمر قد يمكن التساؤل حوله، شعورنا هو أنه يمكن لسورية لعب دور إيجابي جدا في المنطقة، ورأينا أن الحكومة الإيرانية الآن لا تلعب دورا إيجابيا في المنطقة».
كما تشير معلومات ديبلوماسية الى ان واشنطن التي عينت سفيرها لدى سورية روبرت فورد، وسيتسلم مهامه رسميا في غضون ثلاثة أشهر، تنتظر من دمشق تعاونا جوهريا، وبالقدر الذي تسجل فيه تجاوبا سوريا في تلبية المطالب، تتقدم العلاقات الأميركية - السورية لتصبح علاقات طبيعية، لذلك، فإن زيارة وكيل وزارة الخارجية الاميركية وليم بيرنز هدفت إلى معرفة مدى وجود استعدادات لدى دمشق للتجاوب في بعض المطالب.
ان الولايات المتحدة رغبت في إبلاغ سورية بان هناك معادلة تتبع معها وهي العطاء المتبادل والمتوازي، فبالقدر الذي تعطي فيه دمشق، تعطيها واشنطن، واذا كانت دمشق تريد خفض الضغوط عليها، فالمطلوب منها التجاوب في ملفات عدة في المنطقة أبرزها اللبناني والعراقي والفلسطيني، وبالتالي تنتظر واشنطن من سورية أن تقدم قريبا خطوة جوهرية في ملف من هذه الملفات بطريقة من الطرق.
لقد طلبت واشنطن إلى دمشق التحرك بقوة، والمساهمة في دور إيجابي في المنطقة وأن تتفاعل مع السياسة الأميركية، ومع ما تسعى واشنطن إلى تحقيقه، وهذا الطلب يحمل إشارة ضمنية لايران في رغبة للاستمرار في السعي إلى تقريب دمشق من الإدارة الأميركية، وينطلق من النظرة الواقعية للدور السوري في المنطقة، وزيارة بيرنز بهذا المعنى تلاقي أهداف جولة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في الخليج أخيرا، وان كان الأسلوب غير مباشر، وتدرك واشنطن ان دمشق التي تمكن الأوروبيون من تحميلها رسائل دولية إلى طهران حول الموقف من ملفها النووي، غير قادرة على ان تملي على الأخيرة ماذا يجب أن تفعل، أو أن تطلب منها أي مطلب في المجال الدولي، وفي الوقت نفسه لا يمكن لدمشق التخلي عن تحالفها مع طهران لكيلا تخسر الورقة الأهم في يدها، لذلك يأتي الدور الأميركي الذي ينتظر من دمشق خطوة ما، في حين ان زيارة نجاد لسورية هدفها شد التحالف بين البلدين وتعزيزه، في ظل تبادل التهديدات مع إسرائيل.
وكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم قال في رد على ما يقال ان تحسين العلاقات مع اميركا سيكون على حساب العلاقات السورية ـ الايرانية ان «سورية تقيم علاقات مع كل دول العالم بما يخدم مصالح شعبها ولا تقبل شروطا من أحد تقيد علاقاتها الخارجية، كما ان سورية لا تفرض شروطا على الآخرين لتقييد علاقاتهم مع أطراف تعتبرها خصما»، وأقر المعلم بأن العلاقات بين دمشق وواشنطن لا تتطور بسرعة، ولكن «الطرفين وضعا أسسها على سكة التطوير»، مشددا على ان سورية ستقوم بما عليها لتحقيق ذلك.