- العقيد يؤكد عدم امتلاكه أي رصيد في الخارج: فجأة جاءت جماعات الإرهابيين من تحت الأرض ومن تحت الثكنات وأصبحت تقتل في الناس
على وقع الاشتباكات التي دارت بين المتظاهرين وقوات النظام الليبي، خرج الزعيم معمر القذافي للمرة الرابعة خلال نحو عشرة أيام بحديث مطول جدد فيه الاتهامات السابقة للقاعدة بالوقوف وراء الاحتجاجات الدامية التي كلفت ليبيا نحو 6 آلاف قتيل نصفهم في طرابلس وحدها، على ما اعلنت المنظمة الليبية لحقوق الانسان.
فقد كشف علي زيدان المتحدث باسم الرابطة الليبية لحقوق الانسان في باريس أمس ان ستة آلاف قتيل سقطوا منذ بدء الانتفاضة في ليبيا بينهم ثلاثة آلاف في طرابلس وحدها.
أما العقيد القذافي فقد اختار أن يكون ظهوره هذا هادئا ومهرجانيا خلافا لخطابه في الساحة الخضراء الذي برره بأنه كان موجها للثوار، بينما ألقى أمس خطابا تجاوز الساعتين في احتفال اقيم في طرابلس بمناسبة الذكرى الـ 34 لاعلان قيام «سلطة الشعب» في ليبيا، في صالة صغيرة اقتصرت على بضعة مئات من مؤيديه وحشد من ممثلي وسائل الاعلام.
ووعد بالعفو عن كل من يسلم سلاحه من الليبيين «الذين غرر بهم» وشاركوا في الانتفاضة ضد نظامه.
وقال الزعيم الليبي «نرجو من اهلنا هناك ان ينتزعوا السلاح من اولادهم وسنعفو عنهم، اما الذين يحركونهم فسنسمح لهم بالهرب».
واعلن العقيد ان سيطرة المسلحين المعارضين له على مدن ليبية «لا يمكن ان تستمر ويجب القضاء عليها».
وقال «لا احد يسمح ان تكون في بلاده مجموعات مسلحة ترهب السكان، هذا لا يمكن ان يستمر ولابد من القضاء عليه».
وتابع مهددا المتمردين على سلطته «اذا عجزنا عن ذلك بالوسائل السلمية، لا يجب ان نترك بلادنا على هذا الشكل».
وجدد القذافي تنصله من المسؤولية، وقال النظام الليبي ليس نظام رئيس او حزب او عائلة او طبقة ونحن لا علاقة لنا بالسلطة قمنا بالثورة لتحرير البلاد وسلمناها للشعب عام 1977.
واضاف متحديا «نضع اصابعنا في عيني من يشكك في سطة الشعب في ليبيا وفي نفس هذا اليوم اصبح النظام في ليبيا هو نظام سلطة الشعب»، موضحا «أي المؤتمرات واللجان الشعبية التي تمثل كل الشعب الليبي وهو يمارس السلطة عبر هذه اللجان والمؤتمرات وليس هناك من مكان لرئيس او ملك في هذا النظام والشعب هو صاحب السلطة ويمارسها».
وبالحديث عن الهتافات التي رددها عدد من الحضور في الحفل، قال «الهتافات التي تؤيدني الفها الشعب الليبي، وانا استغربت لأني لا اتابع المحطات التلفزيونية لأنها للاثارة وتملي الفراغ بالاشياء المثيرة وهي مضيعة للوقت».
وعاد الى نغمة ايطاليا وقال «الشعب الليبي يعرف ان ما يجري هو اهانة له والشعب اصبح مرفوع الرأس بعد الثورة التي اجبرت ايطاليا على طأطأة الرأس».
وقال «لم يكن هناك فرق بين ليبيا وليبيريا ولبنان، لكنني مجد غير ذلك من خلال الثورة، والآن عندما يقولون ليبيا يردون آه ليبيا القذافي، ليبيا المجد، ليبيا الثورة».
وحول ما يقال عن ارصدته وتجميدها، قال القذافي ساخرا «أنا ما عندي أرصدة يا ريت عندي ارصدة جيبولي حتى ولو مليون دينار باسمي»، واضاف «رصيدي القيم والشعب والتاريخ».
واذ نفى الزعيم الليبي نفيا قاطعا وجود مظاهرات معارضة له، قال «كلها مظاهرات مساندة ولا تعرضها القنوات الاجنبية والخارج يريد ان يتنحى القذافي لكن عن ماذا القذافي رمز والشعب الليبي اعتبر ان المطلوب الرمز والكبرياء»، معتبرا ان الشعب كله يحبه.
واعتبر أن المحتجين هم خلايا نائمة للقاعدة تلقت اوامرها من الخارج وتسللت الى ليبيا تدريجيا بعضهم من ليبيا والبعض الآخر من جنسيات مختلفة تسللوا تدريجيا من العراق وافغانستان وبعض هذه العناصر كانت في غوانتانامو وسلمتهم اميركا للمخابرات الليبية ونحن اخرجناهم بعد ان اعلنوا التوبة واذ بهم يخونون العهد».
وأضاف أن «الارهابيين استولوا على مخازن الاسلحة. ليس هناك أي مظاهرة انطلقت أبدا لا في بنغازي ولا البيضاء وليس هناك أي مظاهرات. فجأة، جاءت جماعات من تحت الارض ومن تحت الثكنات وأصبحت تقتل في الناس. نترحم على أولادنا الذين قتلوا والاولاد الذين غرر بهم».
وطالب القذافي الامم المتحدة والناتو «بلجان تقصي الحقائق ليعرفوا ان كان القتلى قتلوا في الشارع او امام الثكنات وان كانوا من الجنود وعناصر الشرطة او مواطنين»، معتبرا ان الابواب مفتوحة لها للتحقيق.
وعن نظرية المؤامرة، قال «هناك مؤامرة للسيطرة علي ليبيا وعلى نفطها واعادة استعمارها من جديد، وهذا مستحيل وسنقاتل حتى آخر رجل وامرأة وسندافع عن ليبيا» وحذر من انه في حال حصول تدخل عسكري اجنبي في ليبيا للاطاحة به، فإن «آلاف الآلاف من الليبيين سيموتون».
وقال «سيموت آلاف الآلاف من الليبيين اذا دخلت اميركا او حلف الاطلسي» الى ليبيا.
وبخصوص الشركات الاجنبية اعتبر ان هناك «عصابات تغير على الشركات الاجنبية وهي اجبرت شركات النفط على مغادرة ليبيا وسحب عمالها وهذا اعتراف منهم انه ليس هناك مظاهرات سلمية والا لماذا سحب العمال؟ واستشهد بالمظاهرات التي حصلت في اليونان وايطاليا حيث انه لماذا لم يسحبوا العمال الاجانب من هناك؟ هذا دليل دامغ على ان المظاهرات غير سلمية.
من جهته، توقع نجل الزعيم الليبي أمس أن يقضي النظام على الثورة في بلاده «في غضون يومين».
واعترف سيف الإسلام بأن النظام الليبي ارتبك في شرق البلاد.
وقال «صحيح أن هناك اضطرابات في شرق البلاد. لقد لقي مئات قليلة من الأشخاص حتفهم هناك. وخلال يومين، سيعود كل شيء كما كان».
ونفى سيف الإسلام (38 عاما) تماما ما يتردد عن وقوع جرائم ضد الإنسانية ووصفها بأنها «دعاية» من الإعلام الأجنبي.
وقال انه في بداية الاشتباكات التي اقتصرت بشكل أساسي على بنغازي والبيضاء، أرهبت الشرطة وأطلقت النيران على عشرات المتظاهرين الذين هاجموا مراكز الشرطة.
وأصر على أنه لم يحدث قصف جوي ضد أفراد الشعب أو جرائم أخرى ضد الإنسانية.
معارك ميدانية
ميدانيا، اندلعت اعمال قتالية في الوقت الذي حاولت فيه قوات الزعيم الليبي إعادة السيطرة على عدد من المدن من أيدي المحتجين أمس.
واعلن متحدث باسم الثائرين في بنغازي ان معارك البريقة التي شهدت هجوما مضادا من قوات الزعيم الليبي معمر القذافي خلفت عشرات القتلى، دون تحديد حصيلة دقيقة.
وقال المتحدث مصطفى الغرياني لوكالة «فرانس برس»: «سمعنا محصلات من 10 الى 15 شهيدا، لكننا ما زلنا بصدد تقييم الحصيلة» في البريقة، واضاف «حاولوا استعادة البريقة لكن ذلك باء بالفشل. لقد طردناهم والمعركة انتهت».
وفي اجدابيا، شنت قوات القذافي صباح أمس غارات جوية، وقال شاهد ان الغارات استهدفت كما يبدو مخزنا للذخائر خارج المدينة التي سبق ان تعرضت لهجوم قبل يومين، فيما قال سكان ان الهدف كان قاعدة للجيش سقطت في ايدي المعارضين على بعد 3 كلم من مدينة اجدابيا.
وفي طرابلس، خيم التوتر الشديد على العاصمة بعد إعلان المحتجين الذين يجري تدريبهم عسكريا شرق البلاد عن عزمهم الزحف إلى المدينة وزيادة احتمال التدخل الاجنبي.
وذكرت قناة «الجزيرة» أن شاحنة وقود انفجرت صباح أمس في طرابلس، ووسط حالة الفزع اشتبك الاهالي مع المراسلين الاجانب في مسرح الحادث واضطروهم إلى العودة إلى فندقهم.
ولم يتضح بعد ما إذا كان انفجار الشاحنة عملا مقصودا أم مجرد حادث عارض.
«المجلس الوطني»
في غضون ذلك، اعلن متحدث باسم المجلس الوطني الليبي المعارض الذي أنشأه المتمردون الذين يسيطرون على شرق البلاد ان المجلس سيتألف من 30 عضوا يرأسهم مصطفى عبدالجليل وزير العدل السابق.
وقال متمرد على علم بخطط المجلس إنه لا يعتزم إنشاء شركة منفصلة لتسويق النفط بحسب ما جاء في اقتراح بعض المسؤولين النفطيين في الشرق.
وأوضح عاطف الحصية ان الأمر ليس مطروحا في الوقت الراهن لأنه لا ينبغي فعل شيء يدل على رغبة المتمردين في تقسيم ليبيا إلى بلدين.
وأشار إلى أن الزعيم الليبي معمر القذافي يريد أن نعطي هذا الانطباع.
دوليا، تراجعت بريطانيا عن موقفها العسكري المتشدد حيال ليبيا بعدما نأت ادارة الرئيس الاميركي باراك أوباما بنفسها عن اقتراح رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قيام منظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) بفرض منطقة حظر طيران فوق هذا البلد وتسليح معارضي العقيد معمر القذافي.
وقالت صحيفة «الغارديان» الصادرة امس إن مصادر عسكرية بريطانية وصفتها بـ «البارزة»، اعربت عن قلقها من أن داوننغ ستريت (مكتب رئاسة الحكومة) اقحم نفسه في عملية طويلة وخطرة، واعلن كاميرون أن بريطانيا لن تذهب أبعد من الاتصال بقوات المعارضة الليبية في هذه المرحلة بعدما كان ابلغ مجلس العموم (البرلمان) أنها لا تستبعد استخدام الخيارات العسكرية ضد نظام القذافي.