- عائلة القذافي قسمت الأدوار بينها.. الجيش لساعدي والاتصالات لمحمد والأعمال البحرية لهنيبعل وإدارة الأعمال لعائشة والنفط لسيف الإسلام
لندن ـ عاصم علي
في لقاء مع «الأنباء» في لندن قبيل توجهه الى مدينته بنغازي بعد 36 عاما من الغياب القسري، كشف المعارض الليبي محمد مخلوف أن سيف الإسلام القذافي يستخدم شركة أمنية خاصة لجلب مرتزقة أفارقة الى ليبيا للقتال الى جانب نظامه. وقال مخلوف القيادي السابق في المعارضة الليبية، والناشط منذ سنتين على موقع «فيس بوك» عبر صفحة أنشأها للشباب الليبي، إن هذا الموقع وغيره على الشبكة العنكبوتية لعب دورا مهما في الثورة والتمهيد لها، واصفا إياها بأنها ثورة شباب لا علاقة لهم بمعارضة الخارج. والى تفاصيل الحوار:
كيف بدأت صفحة «صوت الحرية» الليبية على «فيس بوك»؟
الحقيقة، أطلقت على الفيس بوك صفحة «صوت الحرية» أو بالانجليزية «فويس أوف فريدوم كامباين»، واشترك اخوة من ليبيا في الصفحة. وكنت أقدم مشاركات من أجل كسر حاجز الخوف في ليبيا. اعتقل بعض الأعضاء من مدينة بنغازي قبل الانتفاضة بشهرين تقريبا. لدى النظام الليبي قسم خاص لمكافحة النشاط المعادي على الانترنت، يسرقون حساباتنا ويدخلون اليها ويصنعون أشرطة فيديو مضادة وينشرون مقالات ضدنا. الحمد لله، هذه البداية كانت جيدة لكسر حاجز الخوف، ثم جاءت صفحة «يوم الغضب 17 فبراير»، وطلب مني الشباب مساعدتهم في هذه الصفحة كإداريين (أدمين) عبر الأخبار وغيرها. إلا أن بنغازي بدأت بالتحركات الشعبية قبل 17 فبراير. اختيار هذا التاريخ مرتبط بعملية إطلاق قوات الأمن الرصاص أمام السفارة الايطالية في 17 فبراير عام 2006. عندها قتل وأصيب مئات من الشباب الليبي الذين كانوا يتظاهرون أمام القنصلية الايطالية احتجاجا على ارتداء نائب ايطالي قميصا «تي شرت» عليه أحد الرسومات المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
ما الخريطة السياسية للثوار؟
يجب أن نقول ونحدد أن هذه ثورة شبابية لا علاقة لها بالمعارضة في الخارج ولا بأحزاب ولا بأي دولة. هذه ثورة محلية. شباب وأجيال جديدة، وهذا النظام لم يستطع الاتصال بهذه الأجيال لأنه مازال يعيش في العهد السوفييتي. يريدون دستورا وشرعية ونظاما، ديموقراطية وحرية اختيار ممثلي الشعب، حرية التعبير والصحافة مثل أي شباب في العالم. ولكن بعد الهجوم الشرس من النظام وقتل المئات، تحول الأمر إلى المطالبة بإسقاط النظام والقذافي وعائلته.
هل هناك انقسام شرقي – غربي؟
القذافي يحاول الترويج لهذا الانقسام لكنه غير حقيقي. الشرق انتفض كله فتحرر، لكن مازالت هناك طرابلس حيث تتمركز كل الأسلحة واللجان الثورية وسرت، وهي الملجأ الأخير للنظام. لكن هذه نهايته بالتأكيد.
ما المعلومات المتوافرة عن المرتزقة؟
قبض على كثير من المرتزقة. يأتون من تشاد وغينيا وغانا ونيجيريا ويقال بعض السودانيين، في بنغازي، قبض على أحد عناصر المرتزقة وكان يحمل بادجا باسم «ماريتايم» وهي شركة أمن تعمل في افريقيا. المسؤول عن إحضار المرتزقة هو سيف الإسلام. هؤلاء المرتزقة بدأوا يخافون حاليا، لأن الشباب بدأوا بشنقهم بعد اعتقالهم، ثم تصويرهم لإخافة الباقين منهم. وهذا الشباب الليبي أعزل لكنه صلب العود، إنهم شباب عمر المختار – شعبنا قاتل ببندقيات بدائية القوات الايطالية المدججة بالسلاح والمدرعات 37 سنة.
كيف تفكك الجيش الليبي سريعا؟
القوات المسلحة تنقسم إلى من يعتمد عليهم من اللجان الثورية وكتائب أبناء القذافي، مثل خميس ومحمد وسيف الإسلام والساعدي، وإلى الجيش الذي ليس لديه ذخائر ولا يثق فيه. ينضم كثير من الضباط إلى الثوار لكن دون سلاح.
ماذا عن دور الإسلاميين والحركة الملكية في الثورة الليبية؟
حاول القذافي الترويج لهذا الأمر، لكنه كلام فارغ. الإخوان بالمئات في ليبيا وهم مسالمون. نحن شعب وسطي على مر التاريخ، كانت الحركة الصوفية سائدة، الملكية السنوسية كانت حركة دينية (صوفية) جهادية ضد المستعمر، الناس لا تطالب بالضرورة بالملكية. هذا جيل جديد لا ينظر بالضرورة الى الماضي.
هل تؤيدون حكومة وزير العدل السابق؟
أنا حرمت من بلادي 36 عاما، وكانت عندي مشكلة مع العسكر، دورهم أن يحموا الوطن، وعلى المدنيين تسيير مقاليد البلاد، أما وزير العدل فإنه رجل له تاريخ مع القذافي. وهذه الحكومة سكتت 4 عقود من حكم القذافي بما تخلله من ذبح وقتل، هم كانوا معه ساكتين، لكنهم اليوم خائفون على رؤوسهم فقرروا نقل ولاءاتهم. سفير ليبيا لدى الأمم المتحدة عبدالرحمن شلقم كان من أشد الموالين للقذافي، ونراه الآن يبكي لأنه يعرف أن زعيمه انتهى. إن شاء الله بعد الثورة سيحاكمون.
هل تخشون من الفوضى نتيجة اختصار القذافي الدولة بشخصه وغياب المؤسسات بعكس مصر وتونس حيث هناك القوات المسلحة؟
كلا، انظر الآن الى بنغازي، أنشأوا لجانا إعلامية وأخرى مختصة بتنظيف البلد. لدي إيمان بالجيل الجديد في كل العالم العربي.
ما دور الفيسبوك في الثورة الليبية؟
دوره خطير لأهميته في التواصل بين الليبيين في الخارج والداخل وتسهيل المعرفة، فهذا الجيل الجديد لم يكن يعرف الكثير عن الملك والعلم وغيرها من الأمور. تعرف الشباب على تاريخهم. إنهم يعرفون من القذافي بأن الملك كان عميلا للاستعمار.. إلخ. كنا في الخارج نلعب دور المحررين فقط لهذه المعرفة، ولكنني أعود وأقول إن هذه ثورة لشباب لا علاقة لها بالمهجر على الاطلاق.
ما دور صفحتكم على الفيسبوك؟
هذا دورنا فقط، لأن لدينا الإمكانية لذلك والحرية المتوافرة لنا في الغرب. أنا مثلا، أصمم يوميا لوحات عن الوضع عبر برنامج «فوتوشوب»، ونرى شبابا من الجيل الجديد يحملون هذه البوسترات في التظاهرات، فأشعر بالتواصل معهم. كما أقدم نصائح عن التظاهر بحكم خبرتي به. مثلا، خبرتي في تنظيم تظاهرة 17 أبريل 1984 عندما أطلق النار من داخل السفارة الليبية وقتلت الشرطية الإنجليزية إيفون فلتشر. اكتسبنا خبرة فأعطيناهم ما تعلمناه، لكنهم تعلموا من عفوية الثورة، ثم تنظموا. كنا نتمنى أن نكون هناك نحارب معهم.
ماذا تشعرون عندما تسمعون خطابات القذافي وترونها؟
كنا في المهجر نصرخ منذ 30 عاما بأن هذا مجرم ومجنون، لكن لم يصدقنا الناس. ما حدث أن القذافي انكشف أمام العالم كله. الآن أصبح الموضوع قضية دولية، شباب عزل يقتلون بالطائرات والمدافع والرصاص الحي.
ما الفارق بين هذين الجيلين، أي جيلكم وهذا الجيل الجديد؟
منذ كنت شابا وحتى هذه اللحظة، أؤمن بالشباب، وكرست حياتي لهم. أؤمن تماما بأن الشباب سيحدث التغيير. الحمد لله إنني عشت ورأيت التغيير على أيدي هؤلاء الشباب. لماذا؟ هؤلاء الحكام انفصلوا تماما عن هذه الأجيال. يعتقد القذافي أن هذا هو جيل الانقلاب نفسه أي جيل عام 1969. كلا، هذا الجيل تغير، وهم يعيشون في أبراج بعيدة عن البشر لا يدرون بأن تغييرات حصلت. هذا شباب الانترنت والفضاء العالمي. قديما، كانت المعرفة محصورة بالراديو والكتاب. الآن أقول لك هل تعرف محمد مخلوف، يمكنك اجراء بحث عني بـ 3 ثوان. الشباب الليبي يرى أن ليبيا أغنى دولة افريقية ويمكن أن تكون خامس أغنى دولة في العالم، وفيها 6 ملايين فقط. يرون دبي وأميركا وأن هناك أناسا يتنعمون بثرواتهم وبأن الحياة جميلة. ثم يتساءلون. أذكر على صفحة الفيسبوك أن المشاركين كانوا يتساءلون عن أوضاعهم ولماذا يعيشون هكذا.
آخر مبادرة قام بها القذافي نهاية العام الماضي هي إعلان أن ليبيا لديها ما يكفيها وسأقدم 90 مليارا الى افريقيا، هنا بدأ الشباب بتساؤلات كثيرة وغضب، ابنه الساعدي لديه شركة سينما بـ 800 مليون دولار، سيف الإسلام لديه 90 مليار دولار من أجل «ليبيا الغد» وهنيبعل لديه سفن.. إلخ. الشعب الليبي انزعج بأن ثرواته تضيع، وبدأ يطرح أسئلة. نحن على الفيسبوك بدأنا بتحرير أشرطة فيديو ومقالات عن قصص خيالية نعرفها فمثلا أقام المعتصم أحد أبناء القذافي وهو مجرم كبير، حفلة في باريس جلب فيها المطربة بيونسيه بمبلغ مليوني دولار، وظهر فيها بشعر طويل وهو يفتح زجاجة شامبانيا مع بنات. طفح الكيل ثم فتح فريق شباب في الداخل والخارج صفحة اسمها «مجموعة ليبيا الحرة» متخصصة بالأفلام عن النظام.
كيف تتوزع ثروة القذافي؟
تتوزع بين أحمد قذاف الدم وعائشة والأبناء، لكن الأنباء الجيدة تجميد أرصدته في الغرب، والمؤسف ان قذاف الدم يمتلك مدينة كاملة في مصر، والأخير لديه كل أسرار وأموال ليبيا. كما كتب القذافي أموالا كثيرة باسم عائشة في دبي وأميركا اللاتينية. وهناك أموال أيضا في افريقيا.
كيف قسمت عائلة القذافي الأدوار فيما بينها؟
الجيش لساعدي طبعا، والشركات لسيف الإسلام، والاتصالات لمحمد، والأعمال البحرية كلها مع السفن لهنيبعل، وعائشة لديها شركات ادارة أعمال. سيف الإسلام لديه آبار نفط خاصة في منطقة مرسى البريخة.
ما نهاية القذافي وعائلته؟
الهروب أو القتل.
هل لديه أمل في استعادة الشرق؟
الشرق انتهى، الشرق قاسى عبر التاريخ، الشرقيون تعرضوا لظلم واضطهاد من القذافي بسبب وقوع محاولات اغتيال ضده وأقسم أن يحول بنغازي إلى قرية نائية. قطع عنهم الماء والكهرباء. هو وأبناؤه لديهم عقدة من بنغازي، إنها مدينة لا تحبه وتحاول قتله. الساعدي هدم النادي الأهلي التاريخي في بنغازي بالجرافة نتيجة حقده، لكن الناس كتبوا اسمه على حمار ودفعوا به الى الملعب لإغاظته. مستحيل أن يعود الى الشرق إلا إذا استعمل قنبلة نووية.
هل يمكن تشكيل حملة مضادة من الشرق باتجاه طرابلس؟
طبعا، هم مجتمعون الآن في بنغازي من أجل ذلك، ولكن ينقصهم السلاح. العقبة الوحيدة الآن هي سرت.
أنت نموذج لليبي الذي حرم من أهله وبلده لعقود، ماذا تعني لك هذه الثورة؟
هذه الثورة أعادت إلي الأمل في الإنسان الليبي وفي القدرة على التغيير، وأعادت إلي الأمل كإنسان بأن الحق دائما ينتصر على الشر، أجمل شيء حصل في حياتي، أنتظر هذه اللحظة من الله 36 عاما.. أنا ذاهب الآن الى قبر والدي في بنغازي.. (دامعا) أذكر أبياتا لصديقي المرحوم بلند الحيدري «بالأمس مر من هنا، قال لنا شيئا ومر من هنا، أبقى لنا شيئا ومر من هنا».
ماذا تشعر وأنت على عتبة العودة الى بلدك؟
مشاعر غريبة: قلق، توجس، الفرح، جسمي غريب، أشعر بأنني شاب عمري 20 سنة، حلمي أن أخرج أن أحب الأرض وأزور قبر والدي.