في اجتماع عام حاشد عقد في لندن للمطالبة بتدخل عسكري غربي في ليبيا لم يذكر أحد فعليا حرب العراق.
وجرى على ما يبدو تبديد حماس استعمال القوة لتصدير الديموقراطية أو حتى وقف انتهاكات حقوق الإنسان نتيجة للآثار المترتبة على الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في عام 2003 التي اتسمت بالفوضى والدموية ناهيك عن الصراع الذي لا يزال دائرا للسيطرة على أفغانستان.
لكن مع الثورات غير المتوقعة التي تجتاح الشرق الأوسط فإن الدعوات المطالبة بالتدخل ربما يعاود البعض الحديث عنها.
ويخشى البعض من أن تقاعس الخارج قد يؤدي ببساطة إلى السماح للزعيم الليبي معمر القذافي بسحق تمرد وليد ويروج نفر قليل لفكرة أن التدخل قد يكون كذلك مصلحة اقتصادية للغرب.
فمن جهتها قالت جزيلا ستيوارت عضو البرلمان البريطاني عن حزب العمال البريطاني وكانت وزيرة في عهد رئيس الوزراء الأسبق توني بلير في الاجتماع «الجائزة هي دولة مستقرة وديموقراطية ومنتجة للنفط في قلب الشرق الأوسط». وكرر متحدثون آخرون رسالتها أمام عدة مئات من السياسيين والصحافيين والأكاديميين وغيرهم اجتمعوا في قاعة المؤتمرات في البرلمان.
ولكن أنصار التدخل مثل جمعية هنري جاكسون وهي مركز أبحاث بريطاني متعاطف مع المحافظين الجدد والتي نظمت الاجتماع يرون أن منطقة حظر الطيران خطوة أولى في تصعيد تدريجي لاستعمال القوة.
ويأمل أنصار التدخل في واشنطن ولندن اغتنام اللحظة كما فعلوا في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001 قائلين إن لديهم دعما من ضباط كبار في الجيش البريطاني وآخرين.
لكن يخشى آخرون من أن يبعث ذلك بالرسالة الخاطئة خصوصا في وقت يتحدث فيه القذافي بنفسه أحيانا عن أن الانتفاضة جزء من مؤامرة خارجية للإطاحة به. ويقول أنصار التدخل إن كل شيء يجب أن يكون مطروحا على الطاولة بما في ذلك إرسال أسلحة إلى قوات المعارضة وإقناع قوى إقليمية مثل مصر وتونس وتركيا بتقديم دعم وربما استخدام قوات برية.
ولكن مع ما يتصور أنه حذر من جانب الرئيس الأميركي باراك أوباما أمل بعض المشاركين في اجتماع لندن أن يتولى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون القيادة كما فعل بلير مع التدخل الدولي في كوسوفو في عام 1999 وجر واشنطن خلفه.
وفي أعقاب الانتقادات التي وجهت للاستجابة البطيئة لإنقاذ رعايا بريطانيين تقطعت بهم السبل في ليبيا وجولة كاميرون في الشرق الأوسط التي جرى ترتيبها على نحو غير ملائم في وقت جولة لمصدري الأسلحة البريطانيين في المنطقة اتخذ كاميرون موقفا متشددا إزاء ليبيا. إذ قلل وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس ورئيس الأركان الأميرال مايك مولن صراحة من شأن احتمال التحرك ويحذران من أن منطقة حظر للطيران قد تتطلب قوات هائلة وهجمات لتدمير الدفاعات الجوية الليبية.
وقال نيكولاس جسوفديف استاذ دراسات الأمن القومي في كلية الحرب البحرية الأميركية «شهادتهما محاولة لفطام السياسيين عن ذهنية أن هناك خيارات خالية من المخاطر ومجانية».
وأضاف «إذا كان هناك تدخل فلا ينبغي أن تكون هناك أوهاما بأنه سيكون خيارا سهلا أو بسيطا». وبدلا من التركيز على الحروب التي وقعت في عهود أقرب تتحدث جماعة الضغط المؤيدة للتدخل عن التقاعس عن التدخل أثناء الحرب في البوسنة ورواندا.
من جهته، قال برندان سيمس أستاذ تاريخ العلاقات الدولية في جامعة كمبردج ورئيس جمعية هنري جاكسون «في ليبيا قد تخمد نيران الثورة، في تونس ومصر.. المخاطر كبيرة جدا».