بعد اصدار الشرطة الدولية (الانتربول) مذكرة توقيف دولية بحق الزعيم الليبي معمر القذافي و15 من اعوانه، حذر الأمين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فوغ راسموسين امس من ان الهجمات ضد المدنيين في ليبيا يمكن ان تعتبر جرائم ضد الانسانية، مؤكدا ان الحلف والامم المتحدة لا يمكن ان يقفا مكتوفي الايدي اذا استمرت.
امن جهته، حذر وزير الدفاع البريطاني ليام فوكس امس من ان ليبيا قد تنفصل في نهاية المطاف الى جزأين جراء اطلاق قائد الثورة الليبية معمر القذافي العنان لترسانة اسلحته وارساله طائرات حربية وقوات مشاة لشن هجوم عنيف على المواقع التي يسيطر عليها الثوار عبر انحاء الدولة.
ونقلت صحيفة «ديلي تليغراف» البريطانية عن فوكس قوله «نستطيع ان نرى قوات القذافي تنتشر حول طرابلس كما نرى بشكل واقعي انفصال الدولة»، مضيفا ان ليبيا تكون في طريقها الى حرب اهلية.
وفي هذه الاثناء بات مألوفا ظهور العقيد القذافي في وسائل الاعلام يوميا للتعبير ربما عن سيطرته على الوضع، حيث اعتبر في مقابلة مع تلفزيون «فرنسا 24» الفرنسي ان «اعتراف فرنسا بالمجلس الوطني الليبي الذي انشأه الثوار في مدينة بنغازي امر مضحك وهو تدخل في الشؤون الداخلية الليبية»، مشيرا الى ان «ليبيا بإمكانها في هذه الحالة الاعتراف بكورسيكا وسردينيا وبادينيا شمال ايطاليا».
وجدد العقيد معمر القذافي اتهامه لتنظيم القاعدة بالوقوف وراء الاضطرابات مؤكدا ان «المسلحين في بنغازي ليسوا سوى عناصر من تنظيم القاعدة لا مطالب سياسية لهم بل هم بشر لا رغبة لديهم سوى القتل والاستيلاء على اسلحة قوات الامن الليبية».
واتهم العقيد الليبي القنوات الاجنبية بالتآمر على بلاده قائلا «انها تزيف الحقائق وفق اجنداتها الخاصة وتسمح فقط ببث ما يناسب مصالحها وتروج لصورة كاذبة عما يحصل في ليبيا».
واكد القذافي ان «علاقة ليبيا طيبة مع دول الجوار والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وهي تلعب دورا اساسيا في الحفاظ على السلام الاقليمي والعالمي».
وحول وساطة الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز بين النظام الليبي والثوار في بنغازي قال القذافي «لا داعي لهذه الوساطة بما ان الاوضاع مستقرة اصلا في ليبيا وحتى في مدينة بنغازي».
في غضون ذلك، قال المجلس الوطني الانتقالي المعارض في ليبيا أمس ان الثوار الليبيين يسيطرون على 75% من البلاد داعيا تركيا لإدانة المرتزقة الذين يقاتلون الليبيين. وقال نائب رئيس المجلس عبد الحفيظ غوقة لوكالة أنباء الأناضول ان المعارضين الليبيين يسيطرون على 75% من البلاد مع دخول الانتفاضة الشعبية أسبوعها الثالث. وشدد على ان الهدف الوحيد للانتفاضة هو تحقيق إرادة الشعب الليبي مضيفا ان هذا الشعب يريد رحيل العقيد معمر القذافي من الحكم فورا. وتعهد بمواصلة النضال من أجل تحقيق هذا الهدف.
وقال غوقة ان القذافي يسيطر على العاصمة طرابلس بفضل المرتزقة والوحدات الخاصة مضيفا ان الثوار سيقضون على وحدات القذافي ويخلصون طرابلس قريبا. وكان المجلس الوطني أعلن في وقت سابق أنه ليس هناك مجال لحوار موسع مع حكومة القذافي وان أي محادثات يجب أن تكون على أساس تنحي القذافي.
وأوضح المجلس موقفه بعد أن أذاع التلفزيون الحكومي كلمة تدعو لاجراء حوار، كان جاد الله عزوز الطلحي رئيس الوزراء الليبي في الثمانينيات وهو من شرق ليبيا قرأها متوجها لشيوخ قبائل مدينة بنغازي يدعوهم فيها لحوار وطني لوقف إراقة الدماء.
وردا على سؤال عن هذه الكلمة قال أحمد جبريل المسؤول بالمجلس الوطني الانتقالي لـ «رويترز» إنه على معرفة وثيقة بالطلحي وهو شخصية محترمة في ليبيا كرجل وقف أمام القذافي، إلا أن جبريل أضاف أن المحتجين أوضحوا أن أي مفاوضات يجب أن تكون على أساس تنحي القذافي مشيرا إلى أنه ليست هناك أي تسوية أخرى.
ميدانيا، تصاعدت الاشتباكات بشكل غير مسبوق أمس واوقعت عددا من القتلى والجرحى، وتركزت جبهة القتال في رأس مرفأ لانوف أمس حيث شهد قصفا جويا عنيفا بالطائرات وردت عليها المضادات الارضية البسيطة التي يمتلكها الثوار. وذلك أدى الى فرار سكان هذا المرفأ النفطي الذي يسيطر عليه الثوار منذ ايام، خوفا من هجوم آخر للقوات الموالية للزعيم الليبي.
وقد واجهت الثورة انتكاسة أمس الاول في بن جواد الواقعة على بعد 300 كلم جنوب غرب بنغازي، واضطرت للانسحاب بعدما وقعت في كمين نصبه الجيش ليلا.
وسيحاول الثوار الذين تراجعوا بضعة كيلومترات شرق مرفأ راس لانوف الاستراتيجي الذي يقصفه الطيران باستمرار تعزيز مواقعهم هناك.
وخوفا من استمرار الهجوم الذي تشنه القوات الموالية للقذافي، يغادر سكان راس لانوف المدينة الاستراتيجية باتجاه الشرق او الغرب.
وفي اقل من ربع ساعة، شاهد صحافيو «فرانس برس» صباح امس عشرات السيارات عند مدخل المدينة متوجهة شرقا الى البريقة التي يسيطر عليها الثوار منذ الاسبوع الماضي. وقال رب اسرة جلس ابناه على المقعد الخلفي للسيارة «سمعنا انهم يعتقلون ويخطفون اشخاصا وعلينا ان نرحل الآن».
إلى ذلك، ذكر موقع صحيفة «ليبيا اليوم» الالكتروني ان القصف تواصل أمس على منطقة الزاوية بشمال البلاد وان الثوار تمكنوا من تدمير دبابتين تابعتين للكتائب الأمنية لنظام العقيد القذافي.
وقال الموقع الالكتروني للصحيفة ان الثوار في مدينة الزاوية تمكنوا من أسر أحد الجنود الذي اعترف بأن لديهم تعليمات بضرورة استرجاع الزاوية قبل يوم غد. من جهة أخرى أشار الموقع الى مواصلة «اعتقال الشباب في بن عاشور والمناطق الأخرى من طرابلس» وقال ان اثنين من المعتقلين تمت تصفيتهما.
وأضاف «يعتقد انه يتم قتل كل شخص يقبض عليه ويمنع تسليم الجثمان إلا بعد التوقيع على إقرار بان الوفاة نتيجة مشاجرة».
وذكر الموقع ان قوات القذافي احتجزت آلاف العمال الأجانب في معسكرات في منطقة ما بين مدينة مصراتة وزليتن ومنطقة أخرى قرب مدينة زوارة» لإرسالهم بحرا لأوروبا بعد ان قام نظام القذافى بإعداد قوارب لهم وذلك لإشعار أوروبا بان النظام الليبي هو الكفيل الوحيد بمنع الهجرة.