تداعى وزراء الخارجية العرب لاجتماع طارئ أمس لبحث الأزمة المتفاقمة في ليبيا ودعوا مجلس الأمن إلى فرض حظر جوي على ليبيا وقرروا «فتح قنوات اتصال» مع المعارضة الليبية.
وكان الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي رئيس الدورة الحالية الـ 135 لمجلس الجامعة افتتح جلسة المحادثات، مؤكدا ان الأحداث الدامية والمؤسفة في ليبيا تتطلب العمل السريع للحيلولة دون إراقة مزيد من الدماء.
وذكر بن علوي في كلمته أمام الاجتماع الطارئ بما أصدره المجلس من قرار في دورته السابقة ومضيفا انه «لا يمكن للمجلس ان يبقى دون تحمل مسؤولياته إزاء هذه الأحداث».
وأشار بن علوي الى أن المطلوب الآن هو تدخل عربي بآليات جامعة وبالتوافق مع الشرعية الدولية، مؤكدا ضرورة اتخاذ قرار الآن قبل أن تتجاوزنا الأحداث وبعد هذه الكلمة الموجزة بدأ اجتماع المجلس في جلسة مغلقة، إلا ان الجزائر استبقت الاجتماع وأعلنت رفضها استصدار الجامعة العربية قرارا بفرض حظر جوي على ليبيا، معبرة عن قلقها إزاء موقف بعض الدول العربية من الأزمة الليبية.
ونقلت صحيفة «الخبر» الجزائرية عن مصدر بوزارة الشؤون الخارجية القول إن «مسألة فرض حظر جوي في ليبيا، ليست من اختصاص أو صلاحيات المنظمات الإقليمية وإنما هي من صميم مهام واختصاص مجلس الأمن الدولي التابع لمنظمة الأمم المتحدة».
وأضاف تعارض الجزائر بشكل قاطع أي تدخل أجنبي في ليبيا، وكان المجلس الوطني الانتقالي المعارض استبق الاجتماع ودعا الجامعة لإصدار قرار بإقامة منطقة حظر جوي في ليبيا، بحسب ما أعلنت ممثلة للمعارضة الليبية بعد ان سلمت رسالة من المجلس للامين العام للجامعة العربية.
وسلمت بعثة من المعارضة الليبية رسالة من المجلس الوطني الانتقالي للامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى يطالبه فيها بالعمل على وضع حد لإراقة الدماء من خلال فرض منطقة حظر جوي، وقالت تهاني سليمان امبارك عضو الوفد عقب اللقاء «جئنا من ليبيا بتفويض مكتوب من المجلس الوطني الانتقالي الليبي للقاء الأمين العام للجامعة العربية لنقل مطالبنا.
وأضافت «طلبنا من الأمين العام للجامعة العربية الاعتراف بالمجلس الانتقالي برئاسة مصطفى عبدالجليل ووضع علم الاستقلال الليبي بدلا من العلم الحالي».
إلا ان أعضاء آخرين نقلوا عن موسى ان تغير العلم هو «موضوع سابق لأوانه»، وكان موسى فرض الحظر الجوي وأوضح في تصريحات لمجلة «دير شبيغل» الألمانية تنشرها غدا أنه يتحدث عن حملة إنسانية تدور حول فرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا لمساعدة الشعب الليبي «في كفاحه من أجل الحرية ضد نظام يزدري الإنسانية بشكل متزايد».
وقال موسى، بحسب المجلة الألمانية، إن القذافي يفتقد لحسن الإدراك الذي أظهره الرئيسان التونسي زين العابدين بن علي والمصري حسني مبارك بتنحيهما عن منصبيهما، وذكر موسى أن القذافي يعتقد أن الاضطرابات التي تحدث في بلاده موجهة من الخارج وأن شعبه ما زال يحبه.
على الأرض وبعد حققت القوات الحكومية الليبية على ما يبدو مكاسب خلال اشتباكاتها مع الثوار الليبيين، لاستعادة السيطرة على العديد من المدن خاصة الزاوية ورأس لانوف، قالت مصادر إعلامية انها بدأت معركتها لاستعادة مدينة مصراتة.
وكانت القوات الموالية لمعمر القذافي تمكنت من استعادة السيطرة على المدينة من أيدي الثوار لفترة وجيزة مساء أمس الجمعة خلال هجوم مضاد، غير أن القتال الذي اندلع ليلا أضعف قدرتهم على السيطرة عليها.
ووردت تقارير عن أن المدينة قد هجرها السكان مع تواصل القتال، كانت قوات القذافي تمكنت من فرض سيطرتها على مدينة البريقة شرقي البلاد، حيث قتل عدد كبير خلال القتال الأسبوع الماضي، بحسب «الجزيرة».
وعرض التلفزيون الليبي الحكومي لقطات لمظاهرات مؤيدة للقذافي أمس الأول في مدينة الزاوية غرب العاصمة طرابلس، والتي تمكنت القوات الحكومية من استعادتها هي الأخرى من أيدي الثوار، وكانت قوات الزعيم الليبي معمر القذافي استعادت الزاوية الواقعة بغرب ليبيا الخميس الماضي بعد قصفها بنيران المدفعية لأيام.
وفي نكسة أخرى للمعارضة، أكد الجنرال عبد الفتاح يونس وزير الداخلية الليبي المنشق والذي انضم إلى صفوف المعارضة أن الكتائب الأمنية الموالية للعقيد الليبي معمر القذافي استولت على ميناء «رأس لانوف» النفطي.
ونقل راديو «سوا» أمس عن يونس قوله «إن قوات القذافي باتت تسيطر حاليا على المنطقة السكانية لـ «رأس لانوف» الواقعة شرق ليبيا ومينائها النفطي»، ولكنه تعهد في الوقت نفسه بأن يعيد الثوار الهجوم لاسترداد الميناء في أقرب وقت ممكن.
في غضون ذلك قال وكيل وزارة الخارجية الليبية خالد كعيم مساء يوم الجمعة إن طرابلس علقت علاقاتها مع فرنسا وذلك إثر قرار الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بالاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي كممثل شرعي للشعب الليبي.
وقال كعيم في مؤتمر صحافي عقده في طرابلس «ان ليبيا اتخذت قرارا بتعليق علاقاتها مع فرنسا»، مؤكدا أنه سيتم تكليف «دولة صديقة» لم يحددها «برعاية مصالح ليبيا لدى باريس»، ولفت إلى أن «فرنسا لا يهمها الآن سوى تقسيم ليبيا فقط».
وأشار كعيم إلى أن الاتحاد الافريقي قرر إرسال لجنة رئاسية إلى ليبيا تضم 5 رؤساء دول وستستقبل بلاده أيضا لجنة من الأمم المتحدة تتعلق بتقييم الاحتياجات الإنسانية غير أنه استبق وصول هذه اللجنة بالتأكيد على «توافر مخزون غذائي ودوائي في البلاد يكفيها لمدة ستة أشهر»، وقال «نحن مستعدون حتى لتزويد المنطقة الشرقية بالأدوية».
من جانبه قال الرئيس الأميركي باراك اوباما امس الأول ان العالم عليه »واجب» منع حدوث مجزرة ضد المدنيين في ليبيا مماثلة للمجازر التي وقعت في البوسنة ورواندا.
واكد اوباما ان «الولايات المتحدة والمجتمع الدولي عليهما واجب القيام بكل ما يقدرون عليه للحيلولة دون تكرار ما حدث في البلقان في التسعينيات وما حدث في رواندا»، وأضاف في مؤتمر صحافي في البيت الأبيض ان وقف عمليات قتل المدنيين هو احد الأسباب التي دفعت الغرب الى القيام بمراقبة جوية متواصلة فوق ليبيا.
وقال ان الولايات المتحدة استشارت دولا عربية وافريقية لقياس مقدار دعمها لفرض حظر جوي على ليبيا.