جاءت التهديدات التي وجهها الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي للغرب بالانسحاب من الحرب على الإرهاب انتقاما من التأييد الذي أبدته الدول الأوروبية والولايات المتحدة للمناهضين لحكمه لاسيما بعد ان أعلنت فرنسا اعترافها بالمجلس الوطني الانتقالي في بنغازي ليجعل من الضروري التذكير بتاريخ الصراع الطويل بين القذافي والتيار الاسلامي في بلاده.
ورأى «راي تاكيي» المتخصص في شؤون الشرق الأوسط بمجلس العلاقات الخارجية الأميركي ان اصدار الكتاب الأخضر عام 1975 في ليبيا يعد «علامة فارقة في تاريخ الصراع بين القذافي والتيار الاسلامي».
وقال في تصريح لمجلة «لكسبريس» الفرنسية ان مولد الكتاب الأخضر الذي تضمن فكر القذافي وتوجهاته سطر بداية تاريخ الصراع الحقيقي بينه وبين التيار الاسلامي الأمر الذي أدى الى ظهور المنظمات الاسلامية الجهادية بعد ان اقتصر الاسلام حتى ذلك التاريخ في ليبيا على افكار جماعة «الاخوان المسلمين».
وذكرت مجلة «لكسبريس» الفرنسية ان الاجراءات القمعية القاسية التي اتخذها القذافي بحق التيار الاسلامي الجهادي أدت الى مزيد من التشدد في فكر هذا التيار لاسيما بعد ان بلغت قسوة تعامل القذافي معه الى حد قيامه في عام 1995 بقصف الجهاديين بالنابالم اثر تحصنهم في أدغال منطقة درنة، وفقا لمصادر المخابرات الأميركية. ولم يكن غريبا ان يبادر علماء الدين في ليبيا بإصدار فتوى في بداية حركة التمرد على حكم العقيد القذافي منتصف فبراير الماضي عبّروا فيها عن مساندتهم للثوار، وقد بلغت هذه المساندة ذروتها بإصدار فتوى أخرى صدرت من بنغازي استنفرت قوى الليبيين للانضمام للحركة المناهضة لحكم العقيد.
وكشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية عن ان الساعدي القذافي ابن الزعيم الليبي الأوسط حاول إبطال مفعول هذه الفتوى بعد ان استصدر فتوى مضادة من احد علماء الدين في السعودية وهو الشيخ عائض القرني الذي حرّم بمقتضاها التمرد على الحاكم.
واعتبر توماس هيجامير الخبير النرويجي المتخصص في شؤون التطرف الإسلامي بمؤسسة أبحاث الدفاع النرويجية اتهام القذافي للثوار بأنهم ينتمون لتنظيم القاعدة «يعكس مدى انفصال القذافي عن الواقع الذي يجري على الأرض في بلاده»، وقال لمجلة «لوبوان» الفرنسية انه لا يوجد أي دليل على أرض الواقع حتى الآن يثبت أن المتمردين على نظام القذافي هم من أنصار تنظيم القاعدة.
من جانبه، أكد المحلل السياسي مانيوس رانستروب مدير مركز الدراسات الإستراتيجية بكلية الدفاع السويدية أن تنظيم «القاعدة» غائب تماما عن أرض ليبيا منذ سنوات كنتيجة لسياسات القذافي القائمة على قمع أعضاء التنظيم وإلقائهم في السجون وإجبار الباقين على الفرار من ليبيا. ونفى رانستروب بشكل قاطع أن يكون لتنظيم «القاعدة» قواعد خلفية على الأراضي الليبية، مؤكدا أن مركزه تأكد من ذلك منذ سنوات طويلة.