وسط ترحيب دولي بخطوة الجامعة العربية الداعية الى فرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا والانفتاح على المجلس الوطني الانتقالي المعارض، انتقد نظام الزعيم الليبي معمر القذافي الخطو بشدة، ونقل التلفزيون الليبي الحكومي عن اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي (وزارة الخارجية) قولها ان القرار «خروج غير مقبول على ميثاق الجامعة العربية وعلى الممارسات التي تكرست في الجامعة العربية منذ انشائها».
من جهته كشف، رئيس الوزراء التركي عن مبادرة طرحها لتنحي الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي. وقال اردوغان في حوار مع «العربية» انه اتصل بالزعيم الليبي وطلب منه التنحي وقال «اقترحت عليه بما انه ليس رئيسا كما يقول، أن يطرح هو شخصا يتولى السلطة ويكون بنفس الوقت مقبولا من المعارضين.
لكن مسؤولا ليبيا بارزا نفى أن يكون أي من الوفود الأفريقية أو العالمية التي ستصل إلى ليبيا خلال اليومين المقبلين سيبحث مقترحات سرية لإقناع الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي بالتخلي عن السلطة التي يتولاها منذ 42 عاما.
وقال المسؤول الليبي، في حديث لصحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية نشر أمس: «نرحب بأي وفد أو لجنة لتقصي الحقائق على الطبيعة. نحن نتعرض لمؤامرة خارجية، هذا فقط هو ما يتعين على من يأتي إلينا أن يناقشه».
واستبقت طرابلس وصول وفد من خمسة من زعماء دول الاتحاد الأفريقي، بالإضافة إلى رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي جان بينغ، ومبعوث خاص للأمم المتحدة، بالتأكيد على أنها تتعرض لما وصفته بمؤامرة خارجية يقودها «تنظيم القاعدة» و«متطرفون إسلاميون». وكان الاتحاد الأفريقي قد اعلن أنه شكل لجنة سداسية تضم رئيسه بينغ ورؤساء جنوب أفريقيا وأوغندا وموريتانيا والكونغو ومالي، للتوجه للقاء القذافي في العاصمة الليبية طرابلس للمساعدة في إنهاء العنف هناك. ونقلت الصحيفة عن «مصادر ديبلوماسية أفريقية» قولها «لا يبدو أن الاتحاد الأفريقي الذي أسهم القذافي في تأسيسه وتعتبر ليبيا أحد أكبر المساهمين ماليا في ميزانيته السنوية، مستعدا للاعتراف بشرعية المجلس الوطني المناهض للقذافي، أو حتى قبول فكرة فتح قنوات حوار معه».
وأضافت المصادر أن «المناهضين للقذافي حاولوا إرسال وفد إلى أديس أبابا، لكن مسؤولي الاتحاد الأفريقي رفضوا الفكرة تماما. للقذافي تأثير ونفوذ كبير وملحوظ على الدولاب اليومي للاتحاد».
تطهير البريقة
على صعيد المواجهات الميدانية، قال المتحدث باسم الجيش الليبي العقيد ميلاد حسين في مؤتمر صحافي ان القوات الموالية للعقيد تتقدم باتجاه الشرق بهدف «تطهير» باقي المناطق. وقال حسين ان من وصفها بـ «المجموعات الارهابية» تهرب جراء الضربات. واضاف «لقد حررنا الزاوية والعقيلة ورأس لانوف والبريقة والجيش يتقدم لتطهير باقي المناطق».
ونفى المتحدث ان تكون القوات الموالية قد رفعت السلاح بوجه أي مواطن ليبي.
ووصف المتحدث الزعيم الليبي بأنه «ملكية عالمية لا تختص بليبيا وحدها» وأنه «قائد الثورة العالمية لا بل الانسانية» مؤكدا أنه كان وسيبقى «مرجعية» عالمية ثورية.
من جهة أخرى ذكر صحافي من وكالة فرانس برس. وانسحب عدد كبير من الثوار بآلياتهم امس من البريقة.
وقال مراسل فرانس برس ان «عشرات الثوار ينسحبون من بوابة البريقة باتجاه اجدابيا في سيارات مكشوفة تحمل بطاريات مضادة للطيران وتنسحب الواحدة تلو الاخرى». لكن الثوار نفوا سقوط البريقة بأيدي القذافي وأكدوا انهم مازالوا يسيطرون عليها. وفي مصراتة قال اثنان من المعارضة المسلحة إن الهجوم على المدينة الخاضعة لسيطرة المعارضة تعطل لليوم الثاني نتيجة تبادل إطلاق النار بين قوات الكتائب الأمنية التابعة للقذافي التي من المفترض أن تشن الهجوم.
وقال سكان إن القتال اندلع امس الاول بعد أن رفضت وحدات من القوة التي أرسلها الزعيم الليبي معمر القذافي مهاجمة مصراتة ثالث اكبر مدينة في ليبيا والمكان الوحيد بغرب البلاد الذي مازال يتحدى حكم القذافي صراحة.
ولم يتسن التحقق من صحة التقارير بانشقاق الوحدات لأن السلطات الليبية تمنع دخول الصحافيين للمدينة التي تقع على بعد 200 كيلومتر شرقي العاصمة. ونفى مسؤول حكومي في طرابلس هذه التقارير ووصفها بأنها شائعات.
وقال محمد وهو من مقاتلي المعارضة المسلحة بالهاتف لرويترز اليوم «منذ الصباح الباكر يقاتلون (قوات الأمن) بعضهم البعض. نسمع صوت القتال».
وأضاف «هذا الانقسام بينهم جاءنا من عند الله. حين اعتقدنا أن النهاية قادمة حدث هذا. الآن نحن ننتظر لنرى ما سيحدث».
وقال سكان إنهم سمعوا دوي إطلاق نار كثيف من مطار عسكري الى الجنوب من البلدة تمركزت فيه القوات الموالية للقذافي. وأضافوا أنه لم تجر اشتباكات بين المعارضين وقوات الأمن.
وقال متحدث باسم المعارضة المسلحة كان في المدينة «الوضع في وسط البلدة هادئ جدا. ليس هناك قتال الآن. الناس في الشوارع لشراء ما يحتاجونه». واستطرد قائلا «المشكلة على مشارف البلدة. هناك إطلاق نيران بين الكتائب».
وتأتي هذه التطورات قبل جولة لوزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون التي ستسعى لايجاد سبل لمساعدة المعارضة الليبية. وتبدأ الوزيرة الاميركية جولتها في باريس لاجراء لقاءات مباشرة مع المعارضة الليبية قبل التوجه الى تونس ومصر لتكون اول مسؤول اميركي رفيع المستوى يزور هذين البلدين منذ تنحي رئيسيهما زين العابدين بن علي وحسني مبارك.
وقد رحبت واشنطن بطلب الجامعة العربية فرض منطقة حظر جوي الذي رأت انه «يعزز الضغط الدولي على القذافي» مشيرة الى ان المجتمع الدولي «متحد» في دعوته الى وقف اعمال العنف.
كما اشادت الحكومة البريطانية بالموقف الذي اتخذته جامعة الدول العربية وقالت انها ستعمل مع فرنسا على مشروع قرار تنويان عرضه على مجلس الامن ويتضمن تأييدا لفكرة اقامة منطقة حظر جوي فوق ليبيا.
الموانئ النفطية آمنة
في غضون ذلك، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط، أمس، أن الموانئ النفطية الليبية أصبحت امنة، وذلك بعد انتهاء الأعمال التخريبية التي لحقت بها، وعادت إلى العمل تدريجيا.
وطلبت المؤسسة في بيان لها من جميع العاملين، الالتحاق بمقار عملهم في جميع المواقع النفطية المختلفة. كما أهابت بجميع الشركات النفطية الى إرسال ناقلاتها وسفنها للدخول إلى هذه الموانئ ومباشرة نشاط الشحن والتفريغ.