وسط معلومات عن تهاوي المدن التي يسيطر عليها الثوار الليبيون لتعود الى سيطرة القوات الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي في انقلاب لموازين القوى خلال اقل من أسبوع بفضل تفوقها العسكري والقمع السريع في غرب ليبيا.
وبعد قرابة الـ 3 أسابيع، استعاد مؤيدو القذافي السيطرة على مدينة الزاوية، وقضوا بذلك على التهديد الرئيسي الذي كان لايزال يواجه العاصمة الليبية وآخر معقل للثوار في غرب البلاد.
وقالت مولي ترحوني المحللة المستقلة المقيمة في لندن ان «سقوط الزاوية أمر له دلالاته ومهم».
وأشارت الى ان الثوار فشلوا في فرض سيطرتهم على باقي مناطق الغرب الليبي وطرابلس بسبب سرعة القمع في هذه المنطقة، حيث تملك قوات القذافي تفوقا عسكريا واضحا، مضيفة «القذافي أقوى حيثما وجد».
وعلى عكس ذلك، فقد ساعدت العوامل الجغرافية منذ البداية الثوار في الجزء الشرقي.
وأوضحت ترحوني ان «المسافات بين طرابلس والشرق هائلة» إذ تقع بنغازي معقل المتمردين على بعد نحو ألف كلم من طرابلس.
ومنذ ذلك الحين وبعد سقوط الزاوية، أحكمت قوات القذافي قبضتها على الغرب وباتت طليقة اليدين لمهاجمة الشرق، في وقت نشبت خلافات داخل المجتمع الدولي حيال فكرة إقامة منطقة حظر جوي.
وقال شكري السنكي المعارض الليبي المقيم في القاهرة «العالم ضد القذافي، إلا انه يضيع وقتا للتحرك. ولكن على مر تاريخ القذافي على مدى أكثر من 40 عاما، لقد حقق دوما الفوز من خلال استغلال الوقت. وهذا ما يسمح له بالتصرف ولعب أوراقه».
إلى ذلك، وبعكس النظامين التونسي والمصري اللذين سقطا بعد تظاهرات هائلة، لم يبادر النظام الليبي الى تقديم وعود إصلاحية يمكنها ان تحشد الجماهير وتهدئ المخاوف.
وفي النهاية، تتقدم قوات القذافي في طرابلس المتفوقة عسكريا: ففي كل يوم يمنى الثوار بهزيمة وينكفئون بسرعة كبيرة نحو بنغازي.
ورأت ترحوني ان «الروح المعنوية لدى القوات ليست الى تراجع، لكن لسوء الحظ فإن القدرة التكتيكية والبشرية والمالية والعسكرية (للقذافي) أكبر بكثير..»..
وفي وقت تقترب قوات القذافي، أكدت طرابلس ان قبائل شرق البلاد ستهب في وجه الثوار لانتزاع السيطرة على بنغازي.
ويبدو ان المعركة قد تكون قاسية، إذ يرى شكري السنكي ان «كل سكان بنغازي انتفضوا وعليهم القتال حتى النهاية».
وقدمت ترحوني تحليلا مماثلا، مشيرة الى ان القذافي استطاع في 3 أسابيع «العمل بطريقة سرية» بهدف «التسلل» الى مدن الثوار «ما أدى الى تمدد قبضة» الشبكات «الواسعة» لأجهزة استخباراته.
إلا ان المحللين يرون ان المعركة ليست خاسرة حتى الآن بالنسبة للثوار. وحتى الآن، لم تنجح «انتصارات» القذافي في إثارة الحماسة الشعبية في المدن التي جرى «تطهيرها» من «إرهابيي القاعدة» الذين يقفون وراء الثوار بحسب طرابلس.
وكانت مدن الزاوية وبن جواد وراس لانوف مهجورة من سكانها، وسار فيها فقط مسلحون ينتمون الى ميليشيات بحسب صحافي من وكالة فرانس برس توجه الى كل من هذه المدن بعيد انتقالها الى سيطرة قوات القذافي.
لكن ورغم تقدمها شرقا تنذر الصعوبة التي واجهتها القوات التابعة للزعيم الليبي بحرب طويلة وصعبة وبغيضة حين تصل تلك القوات للمعقل الرئيسي للمعارضة في بنغازي.
والدرس الاخر المستفاد من المعارك في الغرب ان فرض منطقة حظر جوي بدعم دولي لن يساعد كثيرا في وقف تقدم قوات القذافي في اللحظات الحاسمة لان قواته توقع الهزيمة بالمعارضة على الارض وليس من الجو.
وكان التقدم في الشرق مباشرا نسبيا حتى الآن إذ تقاتل قوات القذافي في شريط ساحلي صحراوي حيث يمكنها استخدام المدفعية والطائرات لتشتيت المعارضة المسلحة غير المنظمة.
ولكن حين تصل إلى بنغازي فان التفوق العسكري للقذافي من المرجح ان يقابل بنفس نوعية حرب المدن التي شنت لاول مرة في مدينة الزاوية غربي طرابلس العاصمة والتي تشهدها الآن مصراتة على بعد 200 كيلومتر شرقي العاصمة.
وقال غراهام كاندي الخبير العسكري في وكالة ديليغينس للاستشارات الامنية والمخابراتية الغربية «القتال في الحضر ليس صعبا فحسب بل مربكا ويقود إلى فوضى. لذلك ليس مستغربا ان يستغرق تطهير المناطق الحضرية مدة طويلة».
وتابع كاندي الضابط السابق في الجيش البريطاني «الجيش الليبي مدرب على المواجهة بين قوتين لكنه ليس قوة عسكرية متطورة بصفة خاصة سواء من حيث القيادة والسيطرة أو قدرته على الاتصال كما انه يخوض حربا لم يعتدها ولم يتدرب عليها».
من جهته قال شاشانك جوشي من المعهد الملكي للدراسات الدفاعية والامنية ان هذه بعض العيوب الكلاسيكية لحرب المدن.
وقال «تتيح بيئة الحضر العديد من الفرص للقوى الدفاعية حين تدخل اعداد كبيرة من القوات».