دفعت التصريحات المثيرة التي أدلى بها الزعيم الليبي معمر القذافي منذ بدء الانتفاضة التي تشهدها ليبيا من يوم 17 فبراير الماضي، بكثيرين الى الإقدام على وصفه بأنه رجل مجنون أو مضطرب العقل او غير متصل بالواقع.
ومن بين أبرز التصريحات التي أدلى بها القذافي ودفعت بالمراقبين للاستفسار عن مدى سلامة قواه العقلية، تلك التي وصف فيها المتمردين بـ «الشباب المخبول بالمخدرات وحبوب الهلوسة».
وكذلك ما أدلى به من تصريحات يتهم فيها القاعدة بالوقوف خلف أعمال التمرد التي تشهدها بلاده، ثم إقدامه بعد ذلك على اتهام الولايات المتحدة.
فضلا عن تأكيده في اول مقابلة يجريها مع وسائل الإعلام بعد حدوث الانتفاضة، مع كل من قناتي «بي.بي.سي» و«ايه.بي.سي» وصحيفة صنداي تايمز البريطانية، على ان الشعب الليبي يحبه ويدعمه وعلى استعداد للموت من اجل حمايته، نافيا بشكل جازم في الوقت ذاته وقوع اي تظاهرات او احتجاجات في شوارع ليبيا.
وأخيرا، أشار القذافي الى ان التمرد الذي تشهده بلاده حاليا ليس إلا نتاج مؤامرة يحكيها الغرب ضده، لإعادة استعمار ليبيا وفرض السيطرة على ثروتها النفطية. وفي هذا الصدد، قالت مجلة فورين بوليسي الأميركية ان اتهام القذافي بكونه شخصية مضطربة العقل هو اتهام يواجهه منذ توليه مقاليد الحكم في ليبيا، عبر انقلاب غير دموي نفذه العام 1969 عندما كان يبلغ من العمر حينها 27 عاما.
وسبق لمجلة التايم الأميركية ان نقلت عن الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان، في ابريل عام 1986 تصريحا نعته فيه بـ «كلب الشرق الأوسط المسعور». لكن فورين بوليسي رأت انه كان مجنونا مثل الثعلب طيلة الجزء الأكبر من فترة حكمه المستمرة على مدار 24 عاما. وفي الوقت الذي لا يمكن ان ينظر فيه الى ذلك على انه تشخيص سريري نهائي، فإن أفضل وصف يمكن ان يوصف به القذافي هو انه صاحب شخصية حدودية، بمعنى انه غالبا ما يتأرجح بين الغضب الشديد والنشوة.
ومضت المجلة تقول انه يخضع الآن لأكثر فترات حكمه محاصرة بالضغوط منذ توليه زمام الأمور في ليبيا. ولهذا السبب، ربما تعكس سلسلة تصريحاته الأخيرة معتقداته الحقيقية بشكل دقيق.
بعدها، انتقلت المجلة لتسرد جوانب من طفولة القذافي، وأبرزت مدى تأثره بحركة الضباط الأحرار المصرية التي أسسها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر. ثم تطرقت لنشأته فيما بعد، حيث كان يتسم بالذكاء، وانه ذهب الى طرابلس لكي يكمل تعليمه، ثم صدامه مع أطفال النخبة الحضرية بسبب أخلاقه الخشنة.
ثم أشارت إلى التحاقه بالأكاديمية العسكرية الليبية في بنغازي العام 1961. وحينها كان القذافي ورفاقه من الطلبة متأثرين بشكل كبير بشخصية عبدالناصر وقوميته الثورية. وقد فكر بداية في ان يقوم بتنظيم انقلاب عسكري ضد نظام الملك إدريس الفاسد وقت ان كان في الكلية العسكرية، وفي الأول من سبتمبر العام 1969، قام برفقة عدد محدود من صغار ضباط الجيش بتشكيل حركة الضباط الأحرار الليبية، وهو ما أدى بنجاح الى القيام بانقلاب غير دموي أسفر في النهاية عن الإطاحة بالملك.
ثم تابعت المجلة بقولها ان ابرز سمتين في حكم القذافي هما: تطابقه مع المستضعفين، والوقوف في وجه السلطة. وكذلك شراسته في القضاء على أي تهديد يحدق بسلطته. وأخيرا، رأت المجلة ان القذافي هو ذلك الرجل الذي لا يضعف مع التقدم في السن، لاسيما انه زعيم نرجسي تستهلكه أحلام المجد. ومع تزايد الضغوط، يبدو ان القذافي يفقد الاتصال بشكل متزايد بما يحدث من حوله على أرض الواقع.