- ميركل: قوى العالم متفقة على وقف العنف في ليبيا لكننا لن نشارك في عمل عسكري
فور انتهاء القمة العربية ـ الأوروبية حول ليبيا في باريس أمس، بدأ التحرك الغربي بدعم عربي واسع، وحلقت الطائرات الفرنسية فوق سماء البلاد حيث قصفت عددا من الدبابات والآليات التابعة لكتائب الزعيم الليبي معمر القذافي التي اشتبكت مع الثوار في عدة مدن. وقد أكدت لندن وواشنطن أن الائتلاف جاهز لحماية المدنيين ومواجهة نظام القذافي الذي جمع المئات من مؤيديه بمنطقة باب العزيزية التي يتحصن بها ومطار طرابلس وجميع المواقع التي يحتمل قصفها، وهو ما بدأ تطبيقه فعليا على الأرض حيث أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية في وقت لاحق من مساء أمس أن 112 صاروخا من طراز توماهوك أطلقت من بوارج أمريكية وبريطانية ضد الدفاعات الجوية الليبية وخاصة مواقع صواريخ أرض جو.
وكانت تفاصيل المشهد الليبي في وقت سابق من أمس تتمثل في تسارع الأحداث بشكل دراماتيكي وتتشتت الأنظار باتجاهين: الأول على الحركة الديبلوماسية والسياسية الناشطة بين الدول الاوروبية المتحمسة للإطاحة بالعقيد معمر القذافي، والثاني على مسار العمليات العسكرية المستمرة في ليبيا رغم اعلان وزير خارجيتها امس التزام بلاده بقرار مجلس الأمن 1973 ووقف إطلاق النار.
وعلى الصعيد السياسي عقدت امس قمة بين قادة دول غربية وعربية في باريس لبحث الوضع في ليبيا، ومن بين القادة الـ 22 المشاركين المستشارة الألمانية انجيلا ميركل التي امتنعت بلادها عن التصويت على قرار الأمم المتحدة ورئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس ثاباتيرو ورئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم آل ثاني ووزراء الخارجية العراقي هوشيار زيباري والاردني ناصر جودة والاماراتي عبدالله بن زايد آل نهيان وأمين عام الأمم المتحدة بان كي مون، دون ان يشارك اي قائد افريقي في القمة. وأفاد مصدر ديبلوماسي فرنسي بأن رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي جان بينغ الذي اعلن عن مشاركته بقي في نواكشوط (موريتانيا) للمشاركة في اجتماع مع رؤساء الدول الافريقية الخمس الموكلة بالتوصل الى حل سلمي للازمة الليبية.
وفور انتهاء القمة أعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ان الطائرات الفرنسية بدأت منذ الآن بمنع الهجمات الجوية التي يشنها نظام الزعيم الليبي معمر القذافي على الثوار في ليبيا، مؤكدا أن قوات القذافي بدأت منذ ساعات قصف مواقع الثوار.
بدوره اعتبر رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون أن الوقت قد حان لتحرك سريع في ليبيا، مشيرا إلى أن الزعيم الليبي معمر القذافي قد خرق وقف إطلاق النار.
أما المستشارة الألمانية انجيلا ميركل فقد رأت ان القوى العالمية متفقة على ضرورة وقف العنف في ليبيا، لكنها اكدت ان ألمانيا لن تشارك في عمل عسكري.
من جانبها أعلنت قطر ودول اوروبية عدة من بينها بلجيكا وهولندا والدنمارك والنرويج عزمها المشاركة في العمليات العسكرية في ليبيا، على ما افادت مصادر ديبلوماسية.
وقد استبق القذافي القمة العربية الأوروبية بالتحصن بمواطنين حيث أفاد التلفزيون الرسمي بأن مئات منهم تجمعوا أمس في باب العزيزية ومطار طرابلس والمواقع التي يحتمل قصفها.
وفي سياق ردود الفعل الدولية أيضا هدد الرئيس الاميركي باراك اوباما العقيد معمر القذافي بعملية عسكرية اذا لم يمتثل لقرار الأمم المتحدة لكنه استبعد تدخلا بريا في ليبيا. وقال اوباما في كلمة ألقاها في البيت الأبيض «لدينا كل ما يشير الى ان القذافي يمكن ان يرتكب تجاوزات بحق شعبه لو لم يوضع له حد. يمكن ان يموت الآلاف، وان تنشأ عن ذلك أزمة إنسانية»، مشيرا الى ان بلاده ستنشر قوات في اطار فرض الحظر الجوي فوق ليبيا، لكنه لم يحدد مدى المشاركة العسكرية الاميركية في اي تحرك.
واستبعد اوباما إرسال قوات برية في ليبيا موضحا ان اي تحرك اميركي سيتركز على حماية المدنيين.
وقال انه سيكون على القذافي تحمل «عواقب» رفضه احترام قرار مجلس الامن الدولي المتخذ والذي يطالبه بوقف إطلاق النار.
وأوضح «الشروط (القرار) ليست موضع تفاوض. ان لم يمتثل القذافي للقرار، فإن المجتمع الدولي سيتحرك. وسيتم تطبيق القرار عبر تحرك عسكري».
لكن رد القذافي كان سريعا اذ وجه رسالة الى فرنسا واميركا ومجلس الأمن الدولي، نقلها المتحدث باسم الحكومة الليبية، أشار فيها الى أن كل الشعب الليبي معه حتى الاطفال وأنه مستعد للموت من اجله، مؤكدا ان قواته تواجه تنظيم القاعدة.
ورأى أن قرارات مجلس الأمن باطلة، مؤكدا أنه ليس للمجلس حق التدخل بشؤون ليبيا الداخلية، وأنهم سيندمون اذا اقدموا على التدخل. وأكد أنه لا يمكن ان تطلق قواته رصاصة واحدة على الشعب الليبي. وفي كلمات خاصة الى الرئيس الاميركي باراك اوباما قال «لابننا بركة حسين اوباما فخامة الرئيس الاميركي قلت لك من قبل حتى لو ليبيا دخلت حربا مع اميركا فستبقى ابني واكن لك كل الحب كابني واريد ان ابقي نفس الصورة لك عندي».
وفي سياق متصل أكد موسى كوسا وزير الخارجية الليبية أن القذافي وجه رسائل اليوم (امس) الى رؤساء ورؤساء وزراء كل من أميركا والصين وروسيا والأمين العام للأمم المتحدة من أجل السرعة في إرسال مراقبين دوليين من اجل مراقبة الوقف التام لما أعلنته الدولة الليبية منذ صدور القرار 1973 بشأن الحظر الجوي على ليبيا والتزام ليبيا بما جاء في هذا القرار.
وجدد موسى كوسا خلال المؤتمر الصحافي التزام بلاده التام بما أعلنته بالوقف التام لإطلاق النار في جميع ربوع ليبيا ونحن ملتزمون بما جاء في القرار من حماية المواطنين والأجانب والمقيمين والشركات والممتلكات الأجنبية في ليبيا. أما في الشق الأمني وفيما استمرت المعارك في معظم المدن الليبية امس وخاصة على اطراف بنغازي وزنتان، بدأت بريطانيا امس في إعادة نشر طائرات عسكرية في البحر المتوسط تحسبا لحملة عسكرية في الأجواء الليبية.
وذكرت شبكة «بي بي سي» الإخبارية أن الحملة ستضم قاذفات من طراز تورنادو ومقاتلات من طراز يوروفايتر إضافة إلى طائرات مراقبة من طراز «نمرود» وطائرات نقل من طراز «في سي».
ويتوقع الخبراء العسكريون أن يتم استدعاء طائرات تورنادو في حالة حدوث قتال فوق الأجواء الليبية حيث قد تستخدم أسلحة التفجير الدقيق لإضعاف الأهداف الأرضية مثل الأنظمة المضادة للطائرات أو لمنع القوات الليبية من مهاجمة قوات الثوار.
ويحتمل أن تثبت طائرات اليوروفايتر تفوقها على الطائرات الليبية إذا ما آلت الأمور إلى قتال. لكن لايزال من غير الواضح عدد الطائرات البريطانية التي سيمكن إرسالها لأي اشتباك محتمل.
والقواعد التي يمكن أن تشكل نقطة انطلاق لأي عمل ضد ليبيا هي الموجودة جنوبي فرنسا وجنوب إيطاليا وقبرص ومالطا.
|
صورة مركبة لطائرة الميراج التي تعود للثوار وأسقطتها قوات القذافي في بنغازي |