بينما كانت جبهات القتال مشتعلة سواء بين قوات النظام الليبي والثوار في بنغازي ومصراتة وغيرها من المدن أو في المواقع التي قصفتها قوات التحالف الدولي، كان الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي يطلق الوعيد ويوزع التهديد على مهاجميه الغربيين. فقد توعد القذافي الدول التي تهاجم ليبيا حاليا بـ «حرب طويلة تنتصر فيها ليبيا في النهاية».
وبعيد إعلان القذافي أن الشعب الليبي يحصل الآن على السلاح بعد أن فتحت له المخازن وستحمل النساء السلاح لو مات الرجال وقد دربنا النساء على حمل السلاح، منذرا بأن ليبيا قد أعدت «لحرب طويلة ومجيدة في أرض عميقة لا حدود لها»، قال التلفزيون الرسمي ان الحكومة ستسلح أكثر من مليون مواطن في غضون ساعات.
وتابع القذافي في كلمة مسجلة بثتها التلفزة الرسمية إن ليبيا «على حق والمعتدين عليها على الباطل فهم حزب الشيطان ونحن معنا الله، وشعوب العالم حتى شعوب أميركا وفرنسا وبريطانيا»، واعتبر أن «العدوان الذي تتعرض له ليبيا الآن هو حرب صليبية ثانية، والمسألة لم تعد داخلية، لكنها أصبحت مواجهة بين الشعب الليبي ووراءه شعوب العالم، وبين الهتلرية الجديدة».
ووجه القذافي خطابه إلى الدول التي تشن هجمات على ليبيا قائلا: «أنتم لا تستفيدون من الدروس فقد هزمتم في الصومال وفيتنام وفي العراق وكنتم تطمحون الى الوصول إلى إيران ومنها إلى موسكو. هزمكم (زعيم تنظيم القاعدة أسامة) بن لادن الرجل الضعيف.. فما بالكم بليبيا التي ستهزمكم فكل المعطيات في صالحنا لأننا في أرضنا ندافع عن شرفنا وعن قوت عيالنا».
بنغازي ستنتفض
وأعرب القذافي عن ثقته بأن «بنغازي ستنتفض عندما ترى أن المواجهة هي بين الشعب الليبي وحلف أميركي ـ فرنسي ـ بريطاني ـ صهيوني».
وقال موجها حديثه إلى زعماء الدول المهاجمة «نحن نرفع راية كل الشعوب حتى في أوروبا وستسقطون من على كراسيكم.. الله معنا ومعكم الشيطان».
وقال «.. أنتم واهمون.. لن نمكنكم من بترولنا، نحن مظلومون والمظلوم سينتصر. أنتم برابرة وإرهابيون ووحوش». وتساءل: «ما مبرر هذا العدوان، إنها حرب صليبية جديدة تريدون محو الإسلام، والإسلام سيزداد قوة بعد الآن». وتوعد القذافي التحالف «بالانهزام والسقوط مثلما سقط هتلر ونابليون وموسيليني تحت أقدام الجماهير».
كما توعد من وصفهم بـ «الخونة» بالقتل في إشارة إلى الثوار. وقال «بإمكانكم مراجعة حساباتكم وتعودوا إلى دولكم لأننا في أرضنا ولن نرحل عنها». ميدانيا، قامت نحو 19 طائرة اميركية بقصف مواقع وآليات تابعة لكتائب القذافي، في حين ألقت 3 مقاتلات أميركية من طراز (بي 2) ما يصل الى 40 قنبلة على قاعدة جوية ليبية حسبما افادت محطة «سي بي اس نيوز» أمس فيما تحرك الثوار من بنغازي الى اجدابيا. وقالت هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) نقلا عن المحطة الأميركية ان هدف عملية أمس كان تدمير قسم كبير من سلاح الطيران الليبي، مشيرة الى ان الطائرات الحربية الأميركية قامت في الوقت نفسه بملاحقة قوات برية بهدف تدميرها وعادت الى قاعدتها سالمة.وفي شرق ليبيا ذكرت وكالات أنباء عالمية ان حوالي 14 جثة على الأقل وجدت ملقاة حول مركبات عسكرية محترقة تابعة لقوات موالية للقذافي بعد ضربات غربية. وأضافت الوكالات ان الطريق بين بنغازي واجدابيا شهد دمارا وعليه العشرات من العربات المحترقة فيها ذخيرة مازالت تنفجر.
وكان مسؤول في مجلس الأمن القومي الأميركي قال ان القصف الصاروخي الذي شنته القوات الأميركية والبريطانية في وقت سابق قد أعطب الى حد بعيد منظومة الدفاع الجوي الليبية. وأكد المسؤول «ان منظومة الدفاع الجوي التابعة للعقيد الليبي معمر القذافي قد أصيبت بالشلل ولكن من السابق لأوانه التكهن بما سيفعل القذافي وقواته الارضية للرد».
ويبدو أن الرد جاء في مكان آخر، حيث قال سكان في مصراتة أمس إن قوات موالية للقذافي دخلت وسط المدينة التي تسيطر عليها المعارضة بالدبابات وإن النيران أسفرت عن سقوط عدة قتلى. وفي معقل الثوار في بنغازي، اكدت مصادر طبية وصحافيو «فرانس برس» ان اكثر من 90 شخصا قتلوا في المعارك التي دارت اثر مهاجمة القوات الموالية للنظام الليبي لقوات المعارضة.
منطقة الحظر الجوي
في غضون ذلك، قال الأدميرال مايك مولن رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة أمس إن القوات الأميركية وقوات التحالف أوقفت هجوم قوات العقيد على المعارضين المسلحين في بنغازي.
وأضاف في مقابلة مع برنامج بشبكة «إن بي سي» التلفزيونية الأميركية أن الضربات الجوية «قضت على أنظمة الدفاع الجوي الخاصة بالقذافي وأصابت المطارات الليبية» في حين سيرت القوات الغربية دوريات قتالية جوية فوق معاقل المعارضة المسلحة في بنغازي.
وأعلن مولن ان المرحلة المقبلة من ضربات التحالف ضد قوات معمر القذافي ستكون مهاجمة خطوط إمدادها لشل قدرتها على القتال.
من جهة اخرى، قال مولن امس ان طائرات من قطر تتحرك الى مواقع قرب ليبيا للمشاركة في العملية العسكرية الغربية لفرض منطقة حظر للطيران.
واضاف: هناك قوات، طائرات بشكل محدد، من قطر تتحرك ونحن نتكلم الى مواقع، الى مسرح العمليات، وهناك بلدان اخرى التزمت لكنني افضل ان تعلن هي بنفسها هذا الالتزام.
بدوره، أعلن رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني ليل أمس الأول ان بلاده ستساهم في العمليات العسكرية ضد قوات العقيد الليبي معمر القذافي، مشيرا إلى ان جامعة الدول العربية لم تطلب التدخل من الغرب بل طلبته من الأمم المتحدة. وأضاف «نحن لا نقبل للشعب الليبي أي ضرر ولا نقصد الشعب الليبي ولا نقصد حتى العقيد معمر القذافي أو أبناءه، المقصود الآن كيف نوقف حمام الدم».
وأشار رئيس الوزراء القطري «نحن لم نطلب من الغرب (التدخل) ولكن نحن طلبنا من الأمم المتحدة التي نتعاون معها ونشترك بها ونعترف بقراراتها».
إلى ذلك، دعت روسيا الدول الغربية لوقف الاستخدام «العشوائي» للقوة في ليبيا.
ونقلت وسائل إعلام روسية عن بيان للخارجية أن «التقارير تقول إنه خلال الغارات الجوية على ليبيا وجهت الهجمات على منشآت غير عسكرية أيضا.. وبالنتيجة فقد أفيد عن مقتل 48 مدنيا وجرح أكثر من 150 آخرين.. وبهذا الخصوص نحن ندعو الدول المعنية لوقف الاستخدام العشوائي للقوة».
من جانبه جدد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان دعوة الزعيم الليبي معمر القذافي على التخلي عن الحكم ودعا الى وقف فوري لأعمال العنف.
وحين سأله الصحافيون خلال زيارة للسعودية عما اذا كان على القذافي أن يتنحى قال اردوغان «لقد تجاوز هذه المرحلة بالفعل إنه يناقض نفسه».