لم يرد الجيش الأميركي المثقل بأعباء ضخمة بعد نحو عشر سنوات من الحرب أن يكون واجهة لضربة ينفذها التحالف في دولة عربية أخرى.
لكن بعد ساعات من إطلاق السفن الحربية والغواصات الأميركية وابلا من صواريخ توماهوك كروز على ليبيا لم يعد السؤال الأهم في وزارة الدفاع الأميركية (الپنتاغون) هو ما إذا كانت الولايات المتحدة في الصدارة بالفعل وإنما متى قد تسلم مقاليد الأمور لأحد الحلفاء؟
صحيح أن طائرات حربية فرنسية هي التي نفذت الغارات الجوية الأولى على ليبيا وشاركت قوات بريطانية وانضمت غواصة بريطانية للولايات المتحدة في إطلاق صواريخ كروز على الساحل الليبي... لكن الپنتاغون اعترفت بأن الهجوم على ليبيا وهو أكبر تدخل عسكري في العالم العربي منذ غزو العراق عام 2003 تصدرته الولايات المتحدة في البداية.
وقال الأميرال بيل جورتني مدير هيئة الأركان الأميركية المشتركة «نتصدر عمليات التحالف اذ تتولى الولايات المتحدة تحت قيادة الجنرال كارتر هام في قيادة افريقيا المسؤولية. إنه يقود هذا (العملية) في هذه المرحلة». لكن جورتني حذر من أنه «في الأيام المقبلة نعتزم نقلها الى قيادة للتحالف». وحتى الآن يضم التحالف بريطانيا وايطاليا وفرنسا وكندا. وقالت قطر إنها ستشارك ومن المتوقع أن يشارك حلفاء عرب آخرون.
وتنفيذ المهمة ببطء ليس خيارا مطروحا بالنسبة للولايات المتحدة. وهي تواجه قتالا شرسا في أفغانستان ومازالت تعمل على إنهاء عملياتها بالعراق وتشارك في عملية إغاثة ضخمة في اليابان التي ضربها زلزال عنيف. وتواجه الدول العربية في شمال افريقيا والخليج اضطرابات غير مسبوقة.
وأكد الرئيس الأميركي باراك أوباما في تصريحات أدلى بها في البرازيل تركيز جيش الولايات المتحدة على «المرحلة الأولية» من المهمة لحماية المدنيين الليبيين والمساعدة في إنشاء منطقة حظر طيران لمنع الزعيم الليبي معمر القذافي من قتل المدنيين خلال محاولته إخماد الانتفاضة.
غير أن أوباما قال إن حظر الطيران «سيقوده شركاؤنا الدوليون». ولن تدخل قوات برية أميركية ليبيا.
ويقول مسؤولون أميركيون إن من المفهوم أن تلعب الولايات المتحدة دور القيادة في البداية نظرا للقدرات المتفردة لأكثر جيش تقدما في العالم لإسكات الدفاعات الجوية للقذافي.
ونجحت هذه القدرات حتى الآن في إبقاء المخاطر على مبعدة اذ تشن غارات على أهداف محددة من سفن في البحر المتوسط.
وبعض صواريخ توماهوك التي استخدمت في غارة أمس كانت أكثر تطورا من اللازم لتفادي دفاعات القذافي الجوية بما في ذلك القدرة على «التلكؤ» في الجو قبل توجيه الصاروخ الى هدفه النهائي. ولم تستخدم هذه الإمكانية في الهجوم على ليبيا. وقال جورتني «في هذه المهمة على وجه الخصوص استخدمنا (الصواريخ الجديدة) كأنها من صواريخ توماهوك القديمة». وينوي الجيش الأميركي إرسال طائرة متقدمة بلا طيار من طراز جلوبال هوك لتصوير لقطات من ساحة القتال تعود بها الى القادة.
ويتشكك الجنرال المتقاعد جيمز دوبيك القائد الكبير بالعراق سابقا في المهمة لكنه يعترف بأن الولايات المتحدة لديها بعض القدرات القتالية الضرورية.
وقال «لدينا بعض القدرات المتفردة (في مجال المراقبة وجمع معلومات المخابرات) وبعض القدرات المتفردة المضادة لأجهزة الرادار وبالطبع نحن الدولة الأكثر تقدما في العالم فيما يتعلق بصواريخ توماهوك».
لكن دوبيك تساءل عما اذا كان فرض منطقة حظر طيران سيكون كافيا لحماية المدنيين.
وتساءل قائلا: ماذا عن الميليشيات الموالية للقذافي وهو سؤال طرحه كثيرون في واشنطن.
وأضاف «أتفهم الرغبة الأخلاقية والشرعية الأخلاقية لكنني غير مقتنع في هذه المرحلة بأن من الممكن تحقيق الهدف الاستراتيجي بالفعل بالوسيلة التي تم اختيارها فرض منطقة حظر جوي».