بعد بداية متسارعة أطلقت الطائرات العسكرية الفرنسية خلالها أولى القذائف، دخلت هذه العملية الهادفة إلى السهر على تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي 1973 مرحلة السير العادي.
كان الهدف الأول لهذه الحملة هو تدمير منظومة الدفاع الجوي الليبية ـ التي تتركز غربي البلاد حول طرابلس ـ أو تحجيمها، وأطلقت السفن الحربية والغواصات الأميركية الموجودة في البحر الأبيــض المتوسط صواريخ كروز على أهداف في البر الليبي.
وتشارك الغواصة ترافلغار وطائرات الترنيدو البريطانية كذلك في العمليات إلى جانب الطائرات المقنبلة بي 2 الأميركية.
كل هذه الترسانة ساهمت في إقامة منطقة الحظر الجوي، كما صرح بذلك الأدميرال مايك مولن رئيس الأركان المشتركة الأميركيــة.
لكن مازال هناك ما ينبغي إنجازه.
حماية المدنيين
لكن تفكيك منظومة الدفاع الجوية الليبية سيتيح لطيران التحالف هامشا واسعا للقيام بمهامه الأخرى، لأن المهمة العاجلة التي يدعو قرار مجلس الأمن إلى إنجازها هي حماية المدنيين.
لم تكن الضربات التي ألحقتها الطائرات الفرنسية بالقوات الليبية خارج بنغازي سوى نوع من «المقبلات».
فبعد أن انتهكت قوات العقيد معمر القذافي ـ أو العناصر القوية فيها من قبيل المدفعية والدبابات ـ قرار مجلس الأمن الدولي باتت الهدف الرئيسي للضربات.
ويبقى هدف القذافي الآن هو الإسراع في التسلل إلى معاقل المعارضة المسلحة في المدن والاختلاط بالمدنيين حتى يزيد من صعوبة الضربات الجوية.
تغيير النظام
إننا نعرف كيف بدأت هذه العملية، وقد يستطيع المرء أن يتكهن بما ستكون عليه خلال الأيام القليلة المقبلة، لكن كيف ستنتهي؟
إن قرار مجلس الأمن وضع هدفا واضحا وهو وقف إطلاق النار، وتوقف القوات الموالية للقذافي عن استهداف المدنيين، والتجمعات السكنية.
ولا يدعو هذا القرار صراحة إلى قلب النظام، على الرغم من أنه يعطي هامشا فسيحا للتحالف بغية حماية المدنيين.
قد يعتبر البعض على ضوء تأويل معين أن العقيد معمر القذافي وعددا من كبار معاونيه العسكريين، صاروا بدورهم هدفا عسكريا.
لكن وجهة النظر هذه ليست بالضرورة وجهة النظر التي قد لا يشاطرها الكثير في التحالف.
مسألة سياسية
إلى أي مدى يبدي التحالف استعدادا للذهاب؟
ليس من المستبعد أن يكون التحالف قد صاغ بعناية ودقة قواعد الاشتباك، لكن السؤال أعلاه سؤال سياسي وليس عسكريا.
من بين العواقب المحتملة للحملة العسكرية على ليبيا انهزام قوات القذافي وانسحابها من المواقع التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة، ما سيؤدي إلى شكل من أشكال الطريق المسدود.
أمام تهديد السلاح الجوي للتحالف لن يستطيع العقيد القذافي أن يشن أي عمل عسكري هجومي، لكن المعارضة المسلحة لن يكون لها القدرة على زعزعته في معقله بالغرب الليبي.
ولن تكون هذه الخاتمــة من النتائج التي قد ترحب بها واشنطن ولندن وباريس، ففي كل هذه العواصم، أصر القادة على ضرورة تنحي العقيد القذافي.