لم يتسن تحديد موقع القذافي حتى مساء الأحد الماضي بعدما دفعت الهجمات الصاروخية التي شنتها قوات التحالف بالزعيم الليبي الى الاختباء تحت الأرض. ومع تواصل الهجمات، وتضارب الأنباء على الصعيدين المحلي والدولي، أكدت صحيفة الدايلي تلغراف البريطانية ان فشل القذافي في الظهور قد يعني انه غادر باب العزيزية لتفادي شن هجوم محتمل او لتمثيل خدعة مزدوجة لإرباك قوات التحالف.
وقالت الصحيفة ان رد الفعل الوحيد الذي صدر من القذافي، للتعليق على عشرات الضربات الصاروخية والغارات التي قصف من خلالها سلاح الجو مدافع عدة، كان تلك الاتصالات الهاتفية التي أجراها مع التلفزيون الحكومي، والتي تعهد من خلالها بتوزيع أسلحة على جموع الشعب الليبي وتحويل البحر المتوسط الى ساحة حرب.
ثم أوضحت الصحيفة البريطانية ان القذافي توارى عن الأنظار بعد إلغاء خطاب كان من المفترض ان يلقيه على مسامع الأنصار الموالين له في منطقة باب العزيزية في وسط طرابلس مساء السبت الماضي. ثم أشارت الصحيفة الى ان التصريحات التي نسبت الى القذافي بخصوص الهجمات التي شُنت أخيرا على الجماهيرية ارتقت الى كونها رفضا من شخص محارب للإجراءات التي تدعمها الأمم المتحدة، وتعنى بتوفير الحماية للمدنيين في مناطق تستهدفها قواته. وفي سياق متصل رصدت الـ «ام بي سي» في نشرة التاسعة امس الأول مواقع المخابئ التي اهتم القذافي بتجهيزها من أجل ان تكون حصنا له اذا حدثت اي ازمات تلحق به.
وقال تقرير النشرة ان المخبأ الأشهر والأكثر تحصينا هو قاعدة باب العزيزية في العاصمة طرابلس، فهو محاط بـ 3 أسوار اسمنتية مضادة للقذائف، وفيها مقر إقامة القذافي منذ عام 1969، إضافة الى ثكنات تؤوي اكثر التشكيلات العسكرية والأمنية تطورا وتسليحا.
أما المخبأ الثاني فهو مخبأ نووي، يعتقد ان القذافي أمر ببنائه اسفل احد قصوره في مدينة البيضا، على عمق 20 مترا، بحيث يكون مقاوما للضربات الكيماوية والغازات السامة.
ويتكون هذا المخبأ من عدة طبقات أسمنتية، وجدران يبلغ سمكها 3 أمتار، وقضبان من التنجستين الذي يعد الأقسى والأكثر تحملا للحرارة. ويبعد المخبأ الثالث عن طرابلس 75 ميلا، في منطقة الوطية، التي تجاورها قاعدة جوية.
والشائع ـ حسب التقرير ـ ان للعقيد القذافي مخابئ سرية موجودة في مقر الكتائب العسكرية المرتبطة بأسماء أولاده، مثل كتيبة «خميس» في طرابلس، وكتيبة «الساعدي» في سرت، إضافة الى كتيبة «الفضيل بوعمر» التي كانت ترابط في بنغازي، وكتيبة «الجارح» في مدينة البيضا.
وقد تحدثت تقارير عن حشود لمناصري القذافي جندوا أنفسهم دروعا بشرية لحماية باب العزيزية، فهو ـ حسب مراقبين ـ أحد حصون العقيد الأساسية في ليبيا.
مسؤولة أميركية تعرض ما وراء أسوار باب العزيزية
واشنطن ـ يو.بي.آي: روت فرانسيس فراغوس توساند المسؤولة الأميركية السابقة في حقبة الرئيس الأميركي جورج بوش لشبكة «سي ان ان» «التجربة الغريبة» التي اختبرتها وراء أسوار «باب العزيزية» المقر الرئيسي للزعيم الليبي معمر القذافي.
وقالت فرانسيس انها زارت طرابلس صيف العام 2007 يوم كانت مستشارة لشؤون مكافحة «الإرهاب» بهدف لقاء القذافي، مضيفة ان الأمور بدأت تصبح غريبة بمجرد خروجها من المطار حيث سعى الليبيون الذين كانوا في استقبالها إلى فصلها عن الوفد الأمني الأميركي المكلف بحراستها ودفعها للصعود بمفردها بسيارة خاصة.
وأردفت «لقد نجحوا بالفعل في هذه المهمة ولم يتمكن أحد من مرافقتي إلا حارس واحد قفز في اللحظة الأخيرة إلى داخل السيارة وعندها أدركت انها ستكون بداية تجربة غريبة».
وتابعت فرانسيس ان باب العزيزية عبارة عن مجمع يقع جنوب طرابلس على مقربة من منشآت حكومية استراتيجية كما يرتبط بالمطار عبر طريق سريعة.
وأشارت إلى وجود حراسة أمنية غير تقليدية حوله وفي داخله تبدأ بنقاط التفتيش وتنتهي بأنظمة الدفاع الجوي.
وأضافت فرانسيس «دخلت من بوابة التفتيش الرئيسية وكانت هناك بوابات أخرى وعلى الطريق رأيت مجموعة من الأبنية التي لا يتجاوز ارتفاعها الثلاث طبقات وكذلك منشأة تبدو وكأنها مسجد وكان على الطريق دبابات ومرابض للرشاشات ومجموعات من الجنود بزي عسكري وقطع حربية أخرى».
وذكرت فرانسيس ان السائق أوقف السيارة أمام منزل القذافي المدمر جراء القصف الجوي الأميركي الذي استهدفه بالعام 1986 وشاهدت النصب الذي يمثل قبضة تحطم طائرة مقاتلة أميركية وقالت انه عبارة عن «رمز حربي يدل على تحدي القوة الأميركية».
وأشارت إلى انه تم اصطحابها إلى «مبنى استقبال» فيه مجموعة من الغرف الواسعة المزينة بديكور ونقوش عربية مع وسائد ومقاعد عربية الطابع وقد اضطرت إلى الانتظار في إحدى تلك الغرف «لساعات عدة».
وتابعت «بعد ذلك تم اصطحابي إلى حقل عشبي يصل ارتفاع الأعشاب فيه إلى الركبة تقريبا وهناك كانت خيمة القذافي منصوبة وقام باستقبالي فيها بوجود حراس يحملون أسلحة وهم يرتدون ملابس مدنية بينما كان هناك مسلحون يرتدون الزي العسكري عند باب الخيمة الخارجي».
وبحسب فرانسيس فإن لخيمة القذافي مدخلا واحدا أما السقف والجوانب فكانت من الأقمشة الثقيلة الوزن وهي مليئة بالوسائد والمقاعد العربية.
ولفتت فرانسيس إلى انها شعرت بأن القذافي كان يحاول ترهيبها خلال بداية اللقاء إذ قال لها انه يعرف أصولها اليونانية وقالت «لقد حاول أن يشعرني أنه قام بالبحث عن خلفياتي وكأنه يحاول أن يقول لي: نحن نعرف هويتك».
وختمت فرانسيس بالقول ان التجربة التي عاشتها في باب العزيزية كانت غريبة للغاية وأشبه بـ«فيلم سيئ».