هدي العبود
استوقفني خبر السيدة الفرنسية «سيسيل موزا» صاحبة فندق في النرويج تعلن جهارا انها لن تستقبل في فندقها الصغير «دو لا فاب» سياحا اسرائيليين!
السيدة سيسيل مؤكد انها ليست من عشيرة طي السورية المعروفة بالكرم في العالم العربي، العشيرة التي تغنى بها الشعراء والكتاب وفتحت مضاربهم للقاصي والداني ولن يسأل إلا بعد ثلاثة أيام عما جاء به الى مضاربهم، ولن يعود إلا وما جاء من أجله قد تحقق..
وهي بالتأكيد ليست مفتونة بالآثار العربية ولا بما نتغنى به نحن العرب من حضارات قدمت للبشرية.. وأنا واثقة انها لا تعرف انه من رأس شمرا في الساحل السوري قدمت الأبدية للعالم.
وربما علاقتها بالشرق الأوسط محدودة من خلال شباب قدموا اما عبر هجرة شرعية، أو عن طريق التسلل من أجل البحث عن لقمة العيش التي صورت لهم أنهم سيكونون في الجنة، أو ربما معرفتها كانت محدودة بما سمعته من قصص عن التمييز العنصري الذي تمارسه إسرائيل ضد أي عربي، أو شاهدت التلفاز وهو يعرض همجية القتل والتدمير لقطاع غزة أو استمعت للطفل الفلسطيني «لؤي صبح» الذي ناشد العالم شاكيا إسرائيل قائلا: «إحنا شو اعملنا لهم نحن أطفال لازم نعيش زى أطفال العالم ضربونا بالقنابل الفوسفورية الذكية الأميركية فقدت ضوء ونور عيوني.. أنا ما عاد قادر أروح الى مدرستي.. ولا ألعب مع صحابي أحنا اطفال»... لماذا لأن نور عينيه أطفأته الهمجية الاسرائيلية قتلوه وقتلوا أحلامه، وأحلام آلاف الأطفال العرب والفلسطينيين، كما قضوا على آلاف الأسر الفلسطينية بالكامل، إنهم يكرهون الإسلام والعرب ولكن هذا الطفل لؤي صبح أطفأت قنابلهم الذكية الاسرائيلية ـ الأميركية نور عينيه. «ولكنه الآن يحفظ القرآن الكريم «لأن الطب لم يستطع ان يقدم شيئا لهذا الطفل الذي يعتبر سفيرا عبر العالم لقضيته العادلة ومدافعا عن وطنه الذي يغتصبونه كل يوم «ومن منا لا يذكر الطفل احمد عوض زايد الذي اغتالت قنابلهم وصواريخهم احلامه وهو على مقعد الدراسة والذي قال أنا ما عاد اعرف اقرأ أو العب مع صحابي».. أليس من يدعون المحرقة هم جلادي العالم بالأذية ومحرقي آمال الشعوب.
وعودة الى أسباب ظهور السيدة سيسيل في صحيفة يديعوت أحرونوت، كما ذكرت الصحيفة، أن «إسرائيليا» يقيم في تل أبيب رغب في تمضية إجازة استجمام مع زوجته في النرويج، فبحث الاثنان عبر الانترنت عن فندق مناسب في منطقة فروبانس، ووقع اختيارهما على فندق «دو لا فاب» الذي تملكه السيدة سيسيل، وقالت السيدة انها لا ترغب بهما والسبب: «إن إسرائيل دولة عنصرية وخطر على السلام العالمي، وتمارس عملية إبادة ضد الفلسطينيين العزل في الضفة الغربية وغزة»، مشيرة الى «انها ليست الوحيدة التي ترفض استقبال سياح «إسرائيليين»، إذ ان معظم الفنادق في منطقتها تفعل الشيء ذاته.
والمضحك المبكي أنه في الوقت الذي ترفض فيه سيسيل استقبال «الإسرائيليين» في فندقها، ويقاطع أطفال النرويج البضائع «الإسرائيلية» تلتزم الدول العربية الصمت، وكأن الأمر لا يعنيها، بل تعارض مطالبة بعض القادة العرب في القمة العربية الـ 22 بقطع العلاقات مع الدولة العنصرية المارقة وبرفع سقف التعامل معها من خلال دعم المقاومة». ويا سيدة سيسيل، ويا أيها النرويجيون الصغار، ويا أحرار العالم ويا كل من يناصر الشعوب المقهورة ويعرف إسرائيل وكيانها المصطنع والمزروع في قلب الوطن العربي واعتداءاتها على مقدسات المسيحيين والمسلمين شكرا لكم... وحقيقة انه ليس بينكم من كان ينشد في طابور الصباح في المدرسة: بلاد العرب أوطاني، أما العرب الذين رددوا هذا النشيد يوميا... وحماة الديار عليكم السلام.. نعم عليكم السلام يا شهداءنا الأبرار يا من وقفتكم في وجه أي مستعمر قدم لهذا الوطن الذي يشهد ترابه كم روي وسقي من دماء شهدائه، الأبرار.. فاليوم يصادف عيد الاستقلال في سورية... سورية التي عانت ولاتزال تعاني من دولة مارقة عنصرية لم يشهد التاريخ لها مثيلا... أخيرا إخوتي في المغترب كل عام وأنتم بألف خير، الوطن ينتظركم عودوا.. . فالوطن غال ويستحق.