هدى العبود
عندما ألقى أمين عام الجامعة العربية عمرو موسى كلمته في قمة سرت العربية الـ 22 طمأن القادة العرب الى انه لن يترشح لولاية رئاسية قادمة لجامعة الدول العربية.
الجامعة التي اختلف القادة العرب حولها فمنهم من دعا الى حلها واستبدالها بالاتحاد العربي أسوة بالاتحاد الأوروبي ومنهم من رفض ان تحصر رئاستها بدولة المقر «أي مصر».. وتعال دبرها.
ولكن والحق يقال إن الأمين العام الديبلوماسي البارز والمحنك عمرو موسى، والذي يتمتع بشعبية عريضة في الشارع العربي، دعا في قمة «سرت» الأخيرة الى توسيع الجوار العربي، والحوار مع جيران العرب خاصة مع إيران وتركيا وتنقية الأجواء إضافة إلى لفيف من الدول الأخرى. ونحن بدورنا نأمل ان تلقى دعوته هذه صداها لدى القادة العرب، وأن تترجم على ارض الواقع فعليا وليس نظريا.
واليوم مر على هذه الدعوة ما يقارب الشهر ونيف، دون ان نجد موقفا وحراكا عربيا جديا. ونحن كإعلاميين نتابع المستجدات المتلاحقة على الساحة العربية، ونجد ان الرد الإسرائيلي جاء سريعا قبل الرد العربي وتمثل في «هجمة إسرائيلية شرسة «غير مسبوقة، تستهدف الإنسان العربي ومقدساته وأرضه وقبلها، العربي الفلسطيني الذي عانى ما عاناه من أسوأ استعمار عنصري لم يشهد التاريخ مثيلا له.
وأقصد الأشمل والنوعي والأوسع دولا كانت عبر التاريخ على تعايش دائم مع العرب، وفي تواصل حميم عبر التاريخ، ولها اختلاطات ايجابية كثيرة في الحضارة العربية والإسلامية، مثل تركيا وإيران، إضافة الى دول افريقية أخرى، ونحن بحق ما أحوجنا الى إحياء هذا الجوار، لأننا نواجه كعرب ظروفا قاسية، وتسعى دول وتكتلات عالمية للاستفراد بنا كأمة ودولة إثر دولة، وتعمل على تكسير قوانا وحضارتنا وسلب أراضينا ومقدساتنا بل حتى لغتنا دون رحمة أو رأفة.
الأمين العام وضع دعوته على الطاولة العربية، ومن المفترض ان تبحث القمة الاستثنائية العربية ـ في شهر سبتمبر القادم ـ في هذه القضية المهمة، وألا تترك هذه الدعوة دون عائلة عربية تحميها وكأنها في ميتم ولم تجد أبا يتبناها أو يدافع عنها. إذن فعلى قادتنا والمنطق يقول ويدعو الى تعميق هذا التواصل التاريخي وتعزيزه، بما يكفل إقامة منظومة عربية ـ تركية ـ إيرانية ـ افريقية، تخدم القضايا العربية المصيرية وفي مقدمتها القدس، التي تتعرض اليوم الى هجمة شرسة أكثر من أي وقت مضى.
واليوم نحن ندرك أهمية الحضور التركي في القضايا العربية، خاصة قضية فلسطين، وعلينا ألا ننسى ملتقى دافوس الاقتصادي وموقف رئيس مجلس الوزراء رجب طيب اردوغان من شيمون بيريز، وكذلك فيما يتعلق بالموقف الإيراني من قضية القدس، ودعم القضية الفلسطينية، وهو ما يتطلب ان يستثمر العرب ذلك، وان يسعوا جاهدين الى تطوير هذه العلاقات الى شراكات حقيقية.
لذلك من الضروري النظر بجدية في دعوة الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، وعلى اللجنة المصغرة والمشكلة من سورية ومصر قطر وليبيا واليمن، التي من المفترض ان ترفع تصورات حول تفعيل العمل العربي الى القمة الاستثنائية، ان تبحث قضية توسيع الجوار العربي، وان تسعى هذه اللجنة ـ التي لم تعرف بعد آليات تحركها أو اجتماعاتها ـ الى طرح تصور عملي وجاد للبدء بخطوات فعلية نحو إقامة هذا الجوار ودعمه، وان يحظى بمباركة عربية.
حقيقة الوضع العربي اليوم لا نحسد عليه، وإذا ما استمررنا في ذلك فان المستقبل سيكون أكثر سوادا، والمخاطر التي تحدق بنا ستطبق على صدر العالم العربي إذا لم نسع جاهدين الى عمل عربي موحد وجوار إقليمي يساندنا ويساند قضايانا لأننا نجاور كيانا عنصريا يعمل جاهدا على اقتلاع هويتنا وتراثنا ويسرق أرضنا وحجرنا ويزوّر التاريخ.. هل يتحقق شيء من هذا أم يغدو مصير هذه الدعوة كمصير مبادرة السلام العربية طيب الله ثراها؟