هدى العبود
بداية يقال ان الخمرة لا تخرج من العنقود ما لم تضغط سواء من قبل الآلة العاصرة أو من معدات خاوية أو من أيادي أمهاتنا ونحن صغار، «إذ نحن لا نعرف كيف يؤكل العنب»، كذلك لا يتكون الإخلاص في الإنسان ما لم يعش الألم ويعايش الشقاء الإنساني. والحاجة وحدها هي التي تصفي النفوس، وتطهر السرائر بما يشوبها من ادران الحياة التي لا ترحم.
وأقول مقدمتي هذه لأنني شعرت، وأنا يناديني سعادة السفير ـ والوزير السابق في وزارة الداخلية السورية ـ في مدينة النبك العريقة وقد حضر سعادته لحضور تدشين مشفى جديد في تلك المدينة التي منّ الله عليها بأبناء بررة وبإخوة أشقاء مخلصين من الكويت ساهموا في بناء ومعدات المشفى المخصص لأمراض مستعصية «الله يعافينا ويشافينا «بأنه يريد أن يقول لي شيئا مهما ولا أكتمكم قلت: ترى بماذا أخطأت؟! خاصة وان سعادة السفير رجل عرف بأخلاقه الحميدة وحبه لوطنه ولمواطنين كانوا أمانة في عنقه كوزير للداخلية لسنوات خلت.
ما لنا، أمسك بيدي وقال «كلنا في الكويت كمواطنين سوريين مغتربين نترقب أخبار الوطن بشوق وحنين، لأننا نعلم ان الصحافة الورقية تحمل أشياء دقيقة وموسعة، ولكن أرجو ألا يكون في التقارير المحلية ما يكتب «طي الأدراج». وماذا بعد سعادة السفير؟ «ما أريد قوله انني أتمنى أن يعود أبناء الوطن لبلداتهم وقراهم ومحافظاتهم وكلهم شوق وحنين، وان يساهموا في بناء مشاريع تنموية ترفد الدولة».
إخوتي، بكل تأكيد سعادته صاحب دراية ونظرة ثاقبة وخبرة في الحياة أكثر مما أتمتع به أنا. بداية ناقشته، ولكن في النهاية قلت له حاضر سعادة السفير. وشعرت بأن سعادته وكأنه ملاك يرفرف فوق سورية كل يوم ولم يغادرها ولو للحظة، ولم تبهره الحياة والحفاوة التي تحيط بأمثاله كسفير.
لكنني ولا أكتمكم سرا، بالمقابل تألمت وشعرت بأن نارا متأججة آكلة مضرمة لهابة تعتصرني والسبب بكل تأكيد انني أتمنى على من عليهم تطبيق القوانين، وما توصي به القيادة العليا والحكيمة ان يعملوا جاهدين لخدمة القرارات التي تصدر سواء في مجال «السياحة أو الصناعة أو الزراعة أو أي مجال كان لا على التعيين، وأن يعملوا على محاربة الهرمونات في الخضراوات مثلا، وكلنا يعلم كم لها من ضرر وان يعملوا على كبح جماح تجار العقارات ورجال الأعمال وتجار السوق، الذين لم يعد لهم من هم سوى ملء الجيوب المتخمة بينما الآخرون يكتوون من الفقر وتبعاته. نعم سعادة السفير أنت محق لأنني صحافية أحمل أمانة وأنا عندما أطلع أبناء الوطن على حقيقة مؤلمة أتوجه إليهم ولا أتوجه لأبناء من أميركا أو أوروبا.
وأعود لأقول ان الألم الرفراف يبقى كأجنحة ملائكية، فان لم نعمل على إزالة الألم نبقى في مجتمعنا قاذورات تضج بالعفن، فهل يرضي ذلك أحدا؟