دمشق ـ بروين إبراهيم
حسابات الحقل لم تنطبق على حسابات بيادر وزارة الزراعة، التي حلمت قبل الاوان بانتاج نحو اربع ملايين طن من القمح في موسم 2010.
فقد تضاءلت كميات الحبوب المتوقع توريدها إلى مراكز الشراء لعدة أسباب يتقدمها الجفاف وتعرض محصول القمح لمرض الصدأ الأصفر الذي تراوحت نسبة الضرر به بين 20 و30% في معظم الحقول، وكانت الوزارة قد اكدت سابقا أن تأثير هذه الآفة على المحصول الاستراتيجي طفيف. فضلا عن الإصابة بحشرة السونة، وانتشار موسم حرائق حقول القمح. كل ذلك أثر على الكميات المتوقع إنتاجها وتوريدها لمراكز الحبوب في المحافظات والتي تضاءلت إلى مادون النصف بحسب الفلاحين. والأخطر من هذا وذاك، دخول التجار والسماسرة على خط عمليات تسويق الحبوب المستوردة، وبروز ظاهرة غش الحبوب ومحاولات تمريرها إلى مراكز الشراء الحكومية مستفيدين من فارق السعر بين المحلي والمستورد، حيث تدفع الحكومة 20 ليرة ثمن كيلوغرام القمح الطري و20.5 ليرة للكيلوغرام القاسي بينما يتراوح سعر الكيلوغرام من القمح المستورد بين 10 و14 ليرة، وهذا الفارق أسال لعاب التجار وجعلهم يقدمون على مغامرة تهريب القمح عبر وسائلهم المختلفة.
من جهتها، توقعت صحيفة «البعث» تسلم 2.4 مليون طن قمحا من صغار المزارعين هذا العام مقارنة مع 2.8 مليون طن في 2009.
اذن، خابت توقعات «الزراعة»، ولا يبدو أن الموسم سيلبي حتى الاستهلاك المحلي السنوي الذي يتراوح بين 3.6 و4 ملايين طن، وستضطر الحكومة الى استيراد القمح لسد الفجوة بين الانتاج والاستهلاك للسنة الثالثة على التوالي بعد ان كانت سورية من اهم مصدري القمح في المنطقة.
وقد قال تقرير الصحيفة إن موانيء سورية على البحر المتوسط استقبلت 1.2 مليون طن من واردات القمح في 2009 ومن المتوقع أن تتسلم 25 ألف طن أخرى.
وقالت الصحيفة «الأمر يدعو لإعادة الحسابات، لاسيما أن أحاديث وزارة الزراعة والاصلاح الزراعي تقول ان انتاجنا من الأقماح المروية يكفي لسد احتياجاتنا».
إجراءات مشددة
من جانب آخر، يبدو أن الإجراءات المشددة التي اتخذتها الجهات المعنية في المحافظات فيما يتعلق بالتسويق وشهادة المنشأ ولجان الرقابة أثبتت فاعليتها إلى حد ما، إذ تمكنت من ضبط العديد من الشاحنات والقاطرات المحملة بالقمح المهرب وقدمت المهربين للقضاء، لكن المطلوب اتخاذ الحيطة والحذر للحيلولة دون ذهاب الدعم الحكومي لغير مستحقيه وللحفاظ على جودة ونقاء القمح السوري من ظاهرة الخلط وغش البذار.
وبنظرة على خارطة انتاج القمح، تزايدت مخاوف الفلاحين في الحسكة عاصمة انتاج الحبوب في سورية، من تدني الإنتاج إلى مادون النصف بسبب ظاهرة الصدأ الأصفر.
من جهة أخرى أكد خضر المحيسن رئيس اتحاد فلاحي الحسكة أن الدونم الواحد تراوحت إنتاجيته بين 1 و2.5 كيس بالنسبة للقمح المروي بينما إنتاج القمح/ البعل معدوم، وأن هناك العديد من الفلاحين قرروا ترك حقولهم دون حصاد بسبب تدني الإنتاج وارتفاع تكاليف المحروقات، وأن تقديرات الإنتاج في المحافظة تتراوح بين 700 و750 ألف طن، بينما وصلت العام الماضي إلى مليون و50 ألف طن.
وأضاف المحيسن أن مؤسسة إكثار البذار خفضت خطتها من 75 ألف طن إلى 20 ألف طن وأن الفلاحين يطالبون بالإعفاء من الديون المصرفية ليتمكنوا من إتمام عملياتهم الزراعية، لافتا إلى أن محصول القطن يمكن أن يتأثر على صعيد الخدمات المقدمة له لعدم توافر السيولة المالية لدى شريحة واسعة من الفلاحين لشراء المازوت باعتبار أنهم بنوا آمالهم على العوائد المجزية لمحصول القمح لهذا العام.
الأقماح المستوردة في حمص
وقد تمكن خبراء مركز تسويق الحبوب في منطقة تلكلخ من ضبط ومصادرة حمولة سيارتين محملتين بالأقماح تعود إلى موسم قديم وتحوي نسبة 3% أقماح مستوردة، وذكر م.نادر المرعي مدير فرع حمص للمؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب أن حمولة السيارتين تزيد على 17 طنا.
وعن خطة تسويق القمح في مراكز شراء مؤسسة الحبوب بحمص قال المرعي: بدأ موسم الشراء مبكرا هذا العام في المحافظة كبقية المحافظات وأول كمية تم شراؤها في مركز تلكلخ بتاريخ 23 الشهر الماضي. وحول خطة الشراء قال م.المرعي: الكميات المقدرة للشراء هذا العام هي 65000 طن، بينما إنتاج القمح المقدر بالمحافظة هو 75000 ألف طن، أي ان نسبة الشراء إلى الإنتاج المقدر هي 86%، والباقي 14% يحتفظ به المنتجون للتموين والبذار.
غش في الرقة
وعلى صعيد إنتاج الحبوب في الرقة، أكد أحمد المهباش رئيس اتحاد فلاحي الرقة معاناة الفلاحين جراء تدني الإنتاج بسبب الإصابة بالصدأ الأصفر، وأن الفلاحين في منطقة السلوق سيكونون عاجزين عن سداد ديونهم للمصرف الزراعي وأن الإنتاج المتوقع لهذا الموسم يصل إلى 350 ألف طن بينما وصل العام الماضي إلى 400 ألف طن.
وفيما يتعلق بحالة محصول القمح في محافظة دير الزور وكميات الإنتاج المسوقة، بين صبحي الحنان رئيس اتحاد فلاحي دير الزور أن عمليات التسويق بدأت في 16/5/2010 إلى 8 مراكز، وقد بلغت الكميات المسوقة حتى منتصف الأسبوع الماضي 100 ألف طن ويأمل الفلاحون الوصول إلى رقم 200 ألف طن.
وبين الحنان أن مرض الصدأ أثر على الحقول المزروعة بصنف شام 8 ووصلت نسبة الضرر بين 20 و30% بالنسبة للقمح الطري الذي يفتقد المقاومة التي يتمتع بها القمح القاسي.
وأكد مدير فرع الحبوب في دير الزور أن عمليات التسويق لهذا الموسم كانت مبكرة بسبب الحصاد المبكر نتيجة الظروف الجوية التي سادت المنطقة لهذا الموسم.