هدى العبود
ثورة شعبية شقت طريقها جراء الظلم والقهر والحيف من معاناة شعب بكامله من حاكمة قرطاج، شاب قامت بضربه شرطية جاهلة لحقوق الإنسان، فكانت ثورة أطاحت بالرئيس، شعب مقهور يحترق على مدى ثلاثة وعشرين عاما، أضحت هذه الثورة علامة فارقة في التاريخ العربي الحديث، وربما تكون مؤشرا لمرحلة جديدة في التعاطي بين الأنظمة العربية وشعوبها، المغلوبة على أمرها، في الكثير من الدول.. الشعوب التي تبحث عن «لقمة العيش البسيطة من رغيف خبز ساخن وكوب ماء نقي» وقبل هذا وذاك انطلقت الحناجر تطلب كرامتها وحريتها اللتين سحقهما مع الأسف، من انتخبهم الشعب ووثق بهم. هذه الثورة الشعبية التي انتفض على أثرها الشارع المصري والجزائري واليمني، جعلت الشعوب تميز بين الرئيس والمرؤوس، الشعب أعطى كل زعيم أو ملك او أمير حقه، لم ينتفض الشارع الكويتي مثلا، ولا الشارع القطري، ولا الإماراتي، ولا السوري، والذي كان مرشحا بقوة، من قبل أعدائه الذين عملوا جاهدين من خلال الانترنت والفيسبوك، لدعوة محدودة ينتفض على أثرها الشارع السوري، ولكن المدهش ان هناك مسيرات مؤيدة للرئيس السوري بشار خرجت وعلى أولها الشباب والنسوة ولكن المعنيين بالأمر أوقفوها ومنعوها، والجواب السوري للقيادة ان ما يجري في أي بلد عربي شأن داخلي. إذن لم تحرض سورية الشعوب على أنظمتها، واعتبرت ان من حق أي إنسان أن يعبر عن رأيه دون أي ضغوطات سواء أكانت خارجية أم داخلية.
ومع هذا فقد كانت هناك بعض الأصوات المبرمجة من الخارج ولكنها فوجئت بآراء جاءت من الشارع العربي، وآرائه في القيادة السورية ممثلة بالسيد الرئيس بشار الأسد، كما كانت هناك بعض البيانات التي صدرت من بعض الأحزاب المناوئة والتي سارعت الى اقتناص الفرصة وتقديم طلباتها. كان هناك بعض من الشفافية كي لا تتهور بعض الأحزاب المناوئة بالنزول الى الشارع مطالبة بهويتها وهذا حق مشروع لها، في حال كان كرديا سوريا، أما ان كان كرديا عراقيا او إيرانيا او تركيا، فهنا الحكومة لها رأي آخر فالجنسية من حق أبنائها الأصليين. وقد كان هناك بيان صادر عن المجلس العام للتحالف الديموقراطي الكردي، دعا المواطنين الكرد الى ضبط النفس وعدم الانسياق وراء إعلام غير مسؤول. وطالبوا في البيان بالحرص على المصلحة الوطنية السورية. وقال البيان «ان المجلس العام يؤكد على ضرورة القيام بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية بغية تحصين البلاد، والحفاظ على السلم الأهلي والوحدة الوطنية والاستقرار في البلاد، وتجنب حدوث هزات اجتماعية فيها. وحل قضية إحصاء 1962 وذلك بإعادة الجنسية السورية وكان هذا من أهم الطلبات التي نادى بها البيان «وهنا مربط الفرس» لعل وعسى ان تكون الفرصة مواتية ليحققوا ما يريدون.
ومن هنا كانت خيبة أمل من روجوا لانتفاضة في الشارع السوري سواء من إسرائيل او من أنصار 14 آذار او أحزاب أخرى تعمل جاهدة لتلبية كل متطلبات إسرائيل وأميركا في حال كان هذا الرئيس لا يروق لهم وينفذ الأجندة المقدمة له.. وأهمها خدمة إسرائيل، ومن هنا وقف الحكماء في سورية ودرسوا كل تحريض سواء أكان داخليا أم خارجيا فهم لا يعانون ظلما او قهرا وإنما مطالبهم يطلبها أي شعب في أي مكان وزمان. خاصة ان التعليم والصحة والحياة الكريمة وفرت لهم، ولكن هناك نسبة من البطالة وان كانت في أدناها، ولكنها متواجدة. والمشاريع الاقتصادية السورية كفيلة باستقطاب هذا الشباب، ووضعت من اجل ذلك الخطط الاقتصادية الكفيلة باستيعاب اليد العاملة اضافة الى وجود صندوق للدعم الاجتماعي ومبالغ مالية كبيرة رصدت للمعونة في الجامعات وغيرها.
- وهنا تعالوا لنستمع الى صوت العقل والحكمة، الى القائد الشاب الرئيس بشار الأسد في حديث له لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية قال: «ان الوضع أفضل مما كان عليه قبل ست سنوات، ولكنه ليس مثاليا، ومازال أمامنا طريق طويل في مجال الإصلاح». كما اشار الى نقطة جوهرية وهامة حينما قال انه عندما يكون هناك اختلاف بين السياسات التي تتبعها الحكومة ومعتقدات الشعب يتولد فراغ قد يؤدي الى اختلالات، فمسيرة الإصلاح مستمرة وعهد الوفاء بين الشعب والقيادة لم يتوقف، رغم انف الكارهين، وواهم جدا من يعتقد ان ما حصل في تونس ومصر سيحدث هنا في سورية. فلا وجه للتشابه بين الحالتين، ما ووجه الشبه هو عظمة هذين الشعبين وبأنهما يستحقان قادة عظماء لهم ونحن في سورية قد نلنا ذلك بإيمان مطلق وقناعة تامة.