تزامنا مع الدعوات التي أطلقتها المعارضة السورية امس للتظاهر في «جمعة العشائر» اليوم، تواجه سورية تحديا خارجيا أيـــضا مع إعداد فرنسا وبريطانـــيا وألمانيا والبرتغال مشروع قـــرار يدين العنف الذي يمارسه النظام السوري، إلا ان روسيا أكدت امس انها تعارض اي قرار في الأمم المتحدة حول سورية، ما يهدد باندلاع خلاف كبير بينها وبين الغرب حول الاستجابة لحملة القمع التي تشنها دمشق ضد المحتجين.
وصرح المتحدث الكسندر لوكاشيفيتش للصحافيين، ان «روسيا تعارض اي قرار في مجلس الأمن حول سورية، كما تم الإعلان عن ذلك مرارا على مستوى الرئاسة».
وأضاف ان «الوضع في هذا البلد لا يشكل في رأينا تهديدا للأمن والسلم العالميين».
واضاف «اذا صوّت احد ضد مشروع القرار او حاول استخدام حق النقض ضده، فإنه سيتحمل وزر أفعاله».
وتابع ان «مناقشة قرار ضد سورية في مجلس الأمن قد يؤدي الى «مزيد من التصعيد للوضع الداخلي» في سورية، مؤكدا انه «يجب ان نمنح وقتا لتحقيق الخطوات الإصلاحية».
لكن وزير خارجية فرنسا ألان جوبيه أعلن عن «استنفاد كل وسائل الحوار مع سورية»، متهما عقب انتهاء اجتماع لجنة التواصل من أجل ليبيا في أبوظبي «النظام السوري بارتكاب مجازر بحق المدنيين»، واعتبر أن مواقف النظام «غير مقبولة».
بدورها، أدانت سورية أمس بشدة تصريحات جوبيه مؤكدة أن تصريحاته تعبر عن عودة لمناخات عصر الاستعمار القديم ومندوبيه الساميين والذي ولى منذ زمن ولا عودة له. وأضاف مصدر في وزارة الخارجية السورية «إن سورية المصممة على مواصلة مهام الإصلاح بقيادة الرئيس بشار الأسد تؤكد على عدم سماحها لأي تدخل خارجي في هذا الشأن، الإصلاح الذي تسعى لتحقيقه هو تلبية لإرادة الشعب السوري وبمعزل تام عن تقييمات ومواقف خارجية لا مكان لها في شؤوننا الداخلية».
في غضون ذلك، دعا الناشطون المطالبون بالديموقراطية في سورية إلى يوم تظاهرات جديد اليوم وناشدوا العشائر إلى «التحرك ضد نظام الرئيس بشار الأسد».
وأكدت صفحة «الثورة السورية 2011» على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» أن «العشائر كل العشائر من البداية مع كل ثائر»، لافتة إلى أن «العشائر تأبى الذل والهوان والضيم والعدوان تنصر الحق ولا تخشى لومة».
وتجدر الإشارة إلى أنه على الصفحة نفسها دعت عشائر القنيطرة إلى «جمعة العشائر» اليوم، وأكدت أنه «منذ البداية ساندت وشاركت بشكل فاعل في الثورة»، وقالت: «حيا الله الرجال»، في حين أكدت عشائر حوران المنطقة الواقعة جنوب غرب سورية وتضم مدينتي درعا والسويداء دعمها للثورة، داعية عشائر حلب ودير الزور والرقة وحمص إلى «الوقوف معنا ليرحل هذا النظام». إلى ذلك، يبقى السؤال هل تتجه سورية بعد 3 أشهر من القمع نحو حرب أهلية قد تهدد النظام الذي يمسك بقبضة من حديد هذا البلد المتعدد المكونات؟ يطرح هذا السؤال نفسه على العديد من المحللين منذ الإعلان عن مقتل 120 شرطيا الاثنين الماضي. وأعلنت السلطات السورية ان عناصر قوى الأمن قتلوا في جسر الشغور بأيدي «جماعات مسلحة»، لكن ناشطين في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان وشهود عيان نفوا ذلك بحيث يؤكد بعضهم ان القتلى لقوا مصرعهم خلال تمرد في مقر عام لقوات الأمن.
ويقول محمد بزي من مركز الشؤون الخارجية في نيويورك لوكالة فرانس برس ان سيناريو محاولة التمرد او الانشقاق لمساعدة المتظاهرين يضعان نظام الرئيس بشار الأسد «بمواجهة تمرد بأبعاد مختلفة». ويضيف ان «هذا الأمر قد يسفر عن استخدام النظام المزيد من القوة بشكل وحشي في محاولة لسحق التمرد، وسيشكل ذلك ربما منعطفا يؤدي الى حرب أهلية في سورية، اي نزاع واسع النطاق بين السنة والعلويين» الذين يشكلون الأقلية التي تحكم سورية.
ويؤكد بزي ان الضباط العلويين الموالين لعائلة الأسد يسيطرون على قيادة الجيش كما ان الأقليات المسيحية والدرزية والشيعية الذين يشكلون جميعا 15% من السكان «يعتبرون الأسد مصدرا للاستقرار». ويرى ان السنة العلمانيين، خصوصا «البرجوازيين التجار في دمشق وحلب» لا يبدو انهم يشاركون في الاحتجاجات حتى الآن، لكن بداية انشقاق في الجيش قد تحرجهم لأن «الأسد سيخسر حينها مقولة انه الوحيد في السلطة القادر على ضمان الاستقرار». من جهته، يقول ديبلوماسي أوروبي في واشنطن ان «الجميع قلقون من حرب أهلية تدور رحاها في أرجاء البلاد»، مشيرا الى ان ذلك أمر «محتمل». وبحسب المعلومات التي بحوزة المصدر، فإن المعارضة السورية أصبحت الآن أفضل وضعا مما كانت عليه في بداية التظاهرات لكنها لم تصل بعد الى درجة «المعارضة المنظمة». بدوره، يرى المعارض عمرو العظم ان نظام الأسد يخشى ان يشكل المعارضون معاقل حدودية لهم وهذا ما يفسر شدة القمع في درعا أولا على الحدود مع الأردن ومن ثم في بانياس قرب الحدود مع لبنان وبعدها في جسر الشغور قرب الحدود مع تركيا.
ويقول أستاذ التاريخ في جامعة شاوني في نيويورك ان القادة السوريين «يرتعبون من فكرة بنغازي جديدة» في اشارة الى «عاصمة» التمرد في الشرق الليبي وقاعدة الانتفاضة.
إلا ان الناشط الحقوقي ناصر ودادي يعتبر ان الحرب الأهلية «سابقة لأوانها»، مؤكدا ان «النضال السلمي واللا عنف هما الهدف المعلن للمتظاهرين».
ويضيف ان نظام الأسد «في ضيق شديد وفي موقف دفاعي. ويختلق جميع أنواع قصص التآمر» في محاولة لتبرير العنف ويقدم نفسه كضامن للاستقرار وخصوصا لدى الأسرة الدولية.