سباق محموم شهده الملف السوري أمس بين الجهود الديبلوماسية للبحث عن حل لمنع تدهور الأوضاع نحو الأسوأ وبين تصريحات المسؤولين في الدول المعنية. وصب كل ذلك في مدينة ميونيخ التي شهدت اجتماع مجموعة الدعم الدولية المعروفة بـ «مجموعة الـ 17».
فقد أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده طرحت مقترحات بشأن تنفيذ وقف لإطلاق النار في سورية وتنتظر ردا من القوى الدولية.
وجاء العرض الروسي في مستهل لقاء لافروف مع نظيره الأميركي جون كيري في ميونيخ وقال إن روسيا قدمت عرضا «ملموسا» لوقف إطلاق النار وتنتظر ردا أميركيا.
وعرض لافروف الاقتراح الروسي على كيري قبل عرضه على المجموعة الدولية لدعم سورية التي اجتمعت في ميونيخ أمس، حيث تعمل الولايات المتحدة وحلفاؤها على تعزيز الضغوط على موسكو لوضع أسس وقف لإطلاق ووضع حد لتدفق اللاجئين الذين تجمعوا عند الحدود التركية هربا من القصف الروسي.
وفي هذا الاطار اجتمع كيري مع وفد المعارضة السورية برئاسة رياض حجاب وبحضور وزير الخارجية السعودي عادل الجبير.
وقبل ذلك، أعرب وزير الخارجية الأميركي عن «الأمل في تحقيق نتيجة»، داعيا نظيره الروسي سيرغي لافروف إلى العمل للتوصل إلى وقف لإطلاق النار و«المساهمة في إيجاد أجواء تسمح بالتفاوض».
لكن عددا من المراقبين يشككون في تحقيق نتيجة ملموسة.
وقال الخبير جوزيف باحوط من مؤسسة كارنيغي في واشنطن «لا يزال كيري يعتقد أن في إمكانه الحصول على شيء من شخص يكذب عليه بوقاحة منذ عامين».
وأضاف باحوط «لا شيء نتوقعه من الأميركيين.
انه مجرد كلام فارغ اصبحوا طرفا لم يعد يتمتع بأي مصداقية»، مؤكدا أن «الخطة البديلة الوحيدة هي أخذ الاقتراح السعودي بإرسال قوات على الأرض على محمل الجد».
من جهته، دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، مجلس الأمن الدولي، إلى إصدار قرار يلزم جميع الأطراف المعنية، بإنهاء تصعيد العمليات العسكرية، والوقف الفوري لإطلاق النار، في سورية.
وفي بيان صادر عنه نقلته الأناضول ، قال العربي إن «التدهور الخطير للأوضاع الإنسانية في سورية، وما تشهده المناطق المحيطة بمدينة حلب، من عمليات نزوح جماعي للسكان المدنيين، يستدعي التحرك العاجل لإصدار قرار من مجلس الأمن، يلزم جميع الأطراف المعنية بإنهاء تصعيد العمليات العسكرية، والوقف الفوري لإطلاق النار في سورية».
وأضاف أن «قرار مجلس الأمن رقم 2254، الصادر في 18 ديسمبر الماضي، وإن كان قد طلب من الأمين العام للأمم المتحدة (بان كي مون)، إعداد تقرير عن الخيارات المتاحة لوضع آلية مناسبة لرصد وقف إطلاق النار والتحقق منه، وذلك في موعد لا يتجاوز شهراً من تاريخ اتخاذ هذا القرار، إلا أن مجلس الأمن لم يتوصل حتى الآن إلى إقرار مثل هذه الآلية، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية، وعرقلة مسار مفاوضات جنيف بين المعارضة والحكومة».
وفي تركيا، المتضرر الأكبر من التطورات الأخيرة لاسيما في حلب، قال الرئيس رجب طيب اردوغان إن صبر بلاده ربما ينفد إزاء الأزمة في سورية وإنها قد تضطر للتحرك داعيا الأمم المتحدة لبذل المزيد من الجهود لمنع ما وصفه بأنه «تطهير عرقي» في البلاد.
واتهم اردوغان الأمم المتحدة بعدم الصدق لدعوتها تركيا لبذل المزيد من الجهود لمساعدة اللاجئين السوريين بدلا من التحرك لوقف إراقة الدماء السورية.
وتقصف طائرات حربية روسية المنطقة المحيطة بمدينة حلب السورية دعما لهجوم الحكومة السورية لاستعادة السيطرة على المدينة الأمر الذي أدى إلى فرار عشرات الآلاف من الأشخاص صوب الحدود التركية.
وقال أردوغان في كلمة أمام منتدى اقتصادي في أنقرة «هناك احتمال أن تصل الموجة الجديدة من اللاجئين إلى 600 ألف شخص إذا استمرت الضربات الجوية.
نحن نستعد لذلك».
وتابع قوله «سنتحلى بالصبر حتى مرحلة ما ثم سنقوم بما هو ضروري.
حافلاتنا وطائراتنا لا تنتظر هناك بلا طائل» مضيفا أن تركيا لديها معلومات بأن قوات مدعومة من إيران في سورية تنفذ «مذابح شرسة».
وأكد اردوغان أنه لا يمكن حل الأزمة السورية دون مناطق آمنة مضيفا أنه ينبغي السعي لإيجاد سبل لإبقاء السوريين في بلادهم.
وذكر أنه سبق وأبلغ رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أن تركيا ربما تقوم في مرحلة ما بفتح أبوابها للمهاجرين للسفر إلى أوروبا.
وهدد الرئيس التركي أوروبا بفتح الحدود أمام اللاجئين الراغبين في التوجه إلى الغرب وقال «في الماضي أوقفنا الناس عند بوابات أوروبا.
أوقفنا حافلاتهم في أدرنة.
هذا يحدث مرة أو مرتين.
ثم سنفتح بواباتنا وسنتمنى لهم رحلة آمنة.
هذا ما قلته».
وكان موقع إخباري يوناني قد ذكر يوم الاثنين أن اردوغان هدد خلال اجتماع مع يونكر وتوسك في نوفمبر بإغراق أوروبا بالمهاجرين إذا لم يقدم قادة الاتحاد الأوروبي عرضا أفضل لمساعدة تركيا على التعامل مع أزمة اللاجئين.