- مسلحون يصبون غضبهم على اللاجئين ومخاوف من عمليات انتقامية بحقهم
تعرضت مدينتا جبلة وطرطوس أمس الأول وأعنف سلسلة هجمات حملت توقيع تنظيم داعش، وأوقعت عشرات القتلى والجرحى، لكن يبدو ان النازحين من باقي المحافظات هم من سيدفعون الثمن.
وتزامنا مع بدء العملية العسكرية ضده في الفلوجة العراقية، وقبل انطلاق عملية تحرير الرقة، تبنى «داعش» الانفجارات السبعة، التي اعتبرها محللون إشارة إلى أن التنظيم يريد أن ينقل المعركة إلى مواقع أخرى تعبيرا عن امتلاكه زمام المبادرة.
التفجيرات غير المسبوقة التي شهدتها المنطقة الساحلية استهدفت بحسب وكالة الأنباء السورية «سانا» منطقة «الكراجات» و«المستشفى الوطني» و«مديرية الكهرباء» في مدينة جبلة، سبقهما 3 تفجيرات في مدينة طرطوس في منطقة «الكراجات الجديدة» و«الضاحية السكنية».
وأفادت تنسيقيات وصفحات موالية للنظام بأن التفجيرات التي ضربت «جبلة» كانت باستخدام سيارتين مفخختين بالإضافة إلى حزامين ناسفين، بينما استخدمت في تفجيرات طرطوس سيارة مفخخة استهدفت منطقة الكراجات، في حين تم ضرب الكراج نفسه مرة أخرى بواسطة حزام ناسف وآخر في الضاحية السكنية المقابلة للكراجات.
وأسفرت التفجيرات عن مقتل 120 شخصا على الاقل واصابة مثلهم في عقر دار النظام لأول مرة منذ بدء الاحتجاجات التي تحولت الى حرب.
بدوره، قال المرصد السوري لحقوق الانسان ان «ثلاثة تفجيرات في طرطوس اسفرت عن مقتل 48 شخصا و73 آخرين في اربعة تفجيرات استهدفت جبلة»، فضلا عن اصابة العشرات بجروح.
ووقعت التفجيرات في مدينة طرطوس بالتزامن عند الساعة التاسعة صباحا، وفق ما قال مصدر في شرطة المدينة لوكالة فرانس برس.
ونقلت سانا ان انتحاريين فجرا نفسهما داخل محطة للحافلات «الكراجات» وانفجرت سيارة مفخخة عند مدخلها.
واوضح المرصد بدوره ان انتحاريين فجرا احزمتهما الناسفة في محطة طرطوس بعد تجمع الاشخاص في المكان اثر انفجار السيارة المفخخة.
وبعد ربع ساعة، ضربت اربعة تفجيرات مدينة جبلة التي تبعد 60 كيلومترا شمال طرطوس.
وافادت مصادر في شرطة جبلة فرانس برس ان «تفجيرا انتحاريا استهدف قسم الاسعاف في المستشفى الوطني، ووقعت التفجيرات الثلاثة الاخرى بواسطة سيارات مفخخة في محطة حافلات المدينة وامام مؤسسة الكهرباء واما مستشفى الاسعد» عند مدخل المدينة.
واختلفت رواية المرصد السوري عن الاعتداءات في جبلة، اذ افاد عن ثلاثة تفجيرات انتحارية داخل موقف الحافلات وعند مديرية الكهرباء وقرب مدخل الاسعاف في المستشفى، اما التفجير الرابع فوقع بعربة مفخخة بالقرب من الموقف.
وبث تلفزيون الاخبارية السوري الحكومي صورا لمكان التفجير في موقف للحافلات في جبلة.
واظهرت الصور عددا من الحافلات المحترقة والمحطمة، فيما تناثرت على الارض الاطارات وركام السيارات الى جانب برك من الدم والاشلاء.
وقال محسن زيّود، طالب جامعي، وكان في زيارة لذويه في جبلة، «كان صوتا مدوّيا واهتزّت جدران المنزل بشكل كامل».
واضاف: «نزلت إلى الشارع لأرى ماذا يحدث وسمعت بعدها تفجيرات متتالية، وهرع الناس إلى منازلهم خائفين وأغلقت المدينة بشكل كامل».
وقد تبنى تنظيم داعش الهجمات، بحسب بيان أوردته وكالة «اعماق» الاخبارية التابعة له.
وبقيت محافظتا اللاذقية وطرطوس الساحليتان وهما أكبر تجمع للطائفة العلوية التي ينتمي اليها الرئيس بشار الاسد، بمنأى عن الهجمات، حيث يقتصر وجود الفصائل المعارضة في اللاذقية على ريفها الشمالي.
وتضم طرطوس قاعدة عسكرية روسية، فيما تتمركز القوات الروسية والطائرات التي تشارك في الحرب دعما للنظام السوري في مطار حميميم باللاذقية.
ولا تواجد معلنا لتنظيم داعش في المحافظتين، واذا صح تبنيه للتفجيرات، فانها ستكون بمنزلة رسالة بان التنظيم المتطرف لا يزال ناشطا وبقوة وبرغم الهزائم التي مني بها في محافظات اخرى.
وفي طرطوس، قال علاء مرعي وهو رسام في الثلاثينيات من العمر: «تركتُ دمشق منذ أكثر من عام بعدما كثرت فيها قذائف الهاون، هربتُ من الموت لأجد أني ذهبتُ إليه بأقدامي».
واضاف في حديث عبر الهاتف مع فرانس برس: «كنتُ نائما واستيقظتُ مرعوبا، ظننتُ للحظات أني في دمشق»، وروى مشاهداته من نافذة غرفته «الناس كانت تركض في الشوارع، والمحلات أغلقت بشكل كامل، ودخلت المدينة في حالة شلل تام». وتابع: «هذه المرة الاولى التي تختبر فيها طرطوس معنى الحرب».
واكد شادي عثمان الموظف في احد مصارف طرطوس، «هذه المرة الأولى التي تسمع فيها طرطوس أصوات انفجارات، والمرة الأولى التي نرى فيها شهداء وأشلاء».
واثر التفجيرات هاجمت مجموعة من المواطنين، وفق المرصد، مخيم الكرنك للاجئين في طرطوس وطردوهم منه بحجة «انهم يشكلون حاضنة شعبية للارهاب».
ويضم مخيم الكرنك وهو عبارة عن بعض المباني قيد الانشاء عشرات الاشخاص النازحين من محافظتي ادلب وحلب.
وهذا ما أكدته مصادر أخرى في المعارضة نقلا عن مصادر محلية في طرطوس أن مجموعات مسلحة قامت بأعمال انتقامية طالت مناطق تواجد النازحين في المدينة، عقب التفجيرات.
وقالت المصادر، بحسب موقع «عنب بلدي»، ان المسلحين قاموا بإحراق مخيم «الكرنك» للنازحين في حي عمريت في مدينة طرطوس، والذي تقطنه عشرات العائلات النازحة من حلب وريفها.
وأشارت إلى أن قوات الأمن أخلت النازحين من منطقة «العقارية القديمة»، وداهمت في الوقت ذاته مركز إيواء الصالة الرياضية في المدينة، والتي تضم عشرات العوائل من محافظة حلب تحديدا، واعتقلت عددا من الشباب والرجال.
وفي وقت دعا فيه محافظ طرطوس، صفوان أبوسعدي، إلى «ضبط النفس» وعدم التعرض للوافدين من باقي المحافظات، أعلنت صفحات محلية عن قيام أحد المسلحين بقتل سبعة نازحين في حي الرادار وسط المدينة.