بروين إبراهيم
تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن عدد المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر يبلغ نحو 120 ألفا. وحول هذا الرقم ومدى دقته يقول د. هشام خياط المستشار في مركز الأعمال والمؤسسات السوري «هذا الرقم غير دقيق أو بالأحرى هذه الإحصائية تعبر عن عدد المشاريع المسجلة وبحسب معلوماتي هناك أكثر من 80 ألف منشأة أخرى غير مسجلة لدى أي جهة كانت، بل هي تعمل في الظل تهربا من الضرائب والتأمين على العمال».
ويرى د.خياط أن هذه الإحصائية تعبر خير تعبير عن أهمية قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر ودوره في بناء الاقتصاد الوطني، معتبرا أن مستقبل الاقتصاد السوري قائم على هذه المشروعات التي ستحدد في الفترات القادمة مدى تطور الاقتصاد عبر توفير فرص العمل لعشرات الآلاف من الأسر والشباب السوري.
ورغم هذا العدد الكبير للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، أغفلت الحكومة هذا القطاع بسبب انشغالها في العمل على اجتذاب الاستثمارات الكبيرة وتهيئة البيئة المناسبة لها من خلال سن التشريعات والقوانين والإعفاءات والتسهيلات، على أمل تحقيق زيادة نسبة النمو وتأمين فرص عمل للداخلين إلى سوق العمل والذين يزيد عددهم عن 250 ألفا سنويا واستثمار الموارد الأولية المتوافرة، وتأمين حاجة السوق المحلية من المنتجات والخدمات التي تتعطش لها السوق السورية. كما تسعى لتطوير القطاعات الاقتصادية الراكدة.
جهة مختصة
ويقول د.خياط: لم تغفل الخطة الخمسية العاشرة هذه المشروعات في جميع المجالات الاقتصادية ويجب العمل فورا على تحديد جهة متخصصة للإشراف والتخطيط لهذا القطاع المهم المتميز بتنوعه وتخصصه. ويجب أن تكلف هذه الجهة-بحسب خياط- بوضع استراتيجية وطنية لتنمية وتطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة وسن قوانين ناظمة لعملها ووضع برامج تنفيذية لدعم المنشآت القائمة والجديدة شأنها في ذلك شأن المشروعات الاستثمارية الضخمة والكبيرة.
ويرى خياط أن الشرط الأساسي المطلوب توافره في هذه الجهة أن تكون ممثلة لجميع الوزارات المختصة والهيئات الاقتصادية العامة والخاصة والممثلة لجميع القطاعات الاقتصادية والداعمة، ويجب عدم إغفال الجانب الأكاديمي في هذا المجال، الأمر الذي من شأنه دفع عملية التنمية إلى الأمام وتطوير الاقتصاد الوطني.
ويضيف خياط: المعايير حول هذا المفهوم متنوعة ومتباينة، ولا بأس في اعتماد المعيار الأوروبي الذي ينص على أن المشروع الصغير هو كل مشروع يشغل من 10 إلى 50 عاملا وتصل قيمة إنتاجه إلى مليون دولار، في حين يعتبر المشروع مشروعا متوسط الحجم إذا كان عدد عماله يتراوح بين 50 و250 عاملا وتبلغ قيمة إنتاجه خمسة ملايين دولار، وكل مشروع لا تنطبق عليه إحدى هاتين الصفتين يصنفه المعيار الأوروبي في قائمة المشروعات متناهية الصغير.
ويبدو أن الأمر الذي يستدعي الوقوف مطولا هو غياب أي استراتيجية وطنية تنظم عمل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والأمر الأكثر غرابة هو ضياع هذه المشروعات بين الوزارات، حيث تدعي كل وزارة مسؤوليتها عن هذا النوع من المشروعات وبالتالي غياب القوانين الناظمة لها. وهنا يقول د. خياط ان وزارات الاقتصاد والصناعة والشؤون الاجتماعية والعمل كل وزارة من هذه الوزارات تعتبر نفسها الجهة المعنية والمسؤولة عن هذه المشروعات الصغيرة والمتوسطة. ويضيف لا يزال برنامج دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مركز الأعمال والمؤسسات السوري يعمل جاهدا من أجل تحديد تعريف موحد لهذه المشروعات، ليصار لاحقا إلى وضع خطة استراتيجية وطنية لتنمية هذه المشروعات ودعمها من قبل هيئة تخطيط الدولة وبمشاركة الوزارات المعنية.
دراسات واقتراحات
تدعو وزارة الصناعة في إحدى الدراسات التي أعدتها إلى إحداث بنى مؤسساتية يناط بها أمر الإشراف على الصناعات الصغيرة والمتوسطة ورعايتها وصياغة التشريعات والقوانين الخاصة بتنظيم الترخيص والدعم والتطوير والتشريعات المالية بما يتلاءم وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتحديد حزمة الحوافز والتسهيلات والإعفاءات من رسوم مالية وضرائب وجمارك، وتوطين المشاريع وتأمين الخدمات الداعمة والبنى التحتية ومناطق صناعية خاصة بها.
ولابد من تحديد التعريفات المناسبة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة للتعرف على الشريحة المستحقة للدعم والتنظيم والحماية ولمعرفة الإجراءات المطلوبة لتأمين ذلك وتبسيط الإجراءات واختصار الحلقات الإدارية لإقامة المشروعات عن طريق النافذة الواحدة اختصارا للوقت والجهد والمصاريف غير المبررة أمام الراغبين في إقامة المشروعات.
كما انه يجب تحسين كفاءة المصارف المتخصصة في تقديم الخدمات المصرفية وزيادة حجم التمويل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتسهيل الإجراءات الإدارية للحصول على القروض، وقيام الحكومة بدعم سعر الفائدة عن القروض الممنوحة لهذه المؤسسات، إحداث مؤسسات لضمان القروض أحدى المسائل الهامة التي يتوجب العمل عليها لتوفير الأرض الخصبة لنمو وتطور هذه المشروعات إضافة إلى زيادة فترة القروض المتوسطة والطويلة الأجل وإحداث صناديق ومؤسسات مالية أهلية متخصصة في تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
صفحة شؤون سورية في ملف ( pdf )