لاحظ محللون وخبراء في شؤون الشرق الأوسط أن إيران تشعر بالقلق من الموقف الروسي، حيث انتقلت الشراكة بينهما من مستوى التحالف إلى حالة أقل استقرارا.
عندما تدخلت روسيا عام 2015 في سورية، كانت واضحة برسالتها، ان دعم إيران لنظام بشار الأسد لم يحقق أهدافه، ثم تحولت موسكو إلى أنقرة، باعتبارها أكثر فائدة، لتعود وتمسك وحدها بزمام الأمور، بعدما تأكدت أن الأتراك ليس لديهم ما يكفي من النفوذ على القوات السورية المناهضة للأسد، ثم جاءت الضربة الكيماوية، ولحقتها الغارة الأميركية.
لاحظت إيران خلال هذه الفترة تناقص قيمة التعاون الخاص بينها وبين روسيا، فانعكس ذلك على استراتيجيتها الخاصة بسورية، فتوجهت إلى قطر، لتشرفا معا على صفقة تبادل أهالي كفريا والفوعة (شمال إدلب) بأهالي الزبداني ومضايا (شمال غربي دمشق).
هناك نقطتان بارزتان في هذا «التهجير» المؤلم: روسيا تريد سورية غير مقسمة ودولة علمانية، وهي استثمرت كثيرا في سورية، وتريد أن تحقق هذا الهدف بين أهداف أخرى.
فردت إيران بأنها تستمد قوتها من خطوط إمداداتها، هي تريد إضافة إلى الخطوط الجوية، تأمين خطوط برية من حدودها حتى المتوسط، إنها حاجة استراتيجية لإيصال السلاح إلى حزب الله في لبنان.
من هنا، حمايتها لنظام بشار الأسد، وإسراعها والحزب عام 2011 إلى دعم النظام الذي كان مهددا بالسقوط.
وحسب التقارير، فإن من أهدافها توزيع خطوط إمدادات الطاقة، ولديها خطط لبناء خط أنابيب يمتد من الشرق إلى الغرب عبر العراق إلى الساحل السوري.
ومن هنا، أتت خطة التهجير الأخيرة التي ستغير وجه سورية.
إن التحولات في ديناميكية المنطقة، التي تشمل روسيا وأميركا، تضع إيران في موقف الدفاع.
روسيا بعد القصف الكيماوي، كثفت من اتصالاتها مع السعودية، وسيزور وزير الخارجية السعودي عادل الجبير موسكو في 26 الجاري.
أما الولايات المتحدة الأميركية، فإنها تتعلم بالفعل أن تعزيز العمليات العسكرية في اليمن وسورية، من دون خطة للعبة سياسية مهيمنة، لا تجعل الإدارة الجديدة تبدو في موقع جيد. الجغرافيا السياسية في المنطقة تتحرك بسرعة.
حصل تعاون حول سورية بين روسيا وتركيا، واجتمع جنرالات أميركيون وروس وأتراك في جنوب تركيا لتجنب صدام عسكري أثناء مواجهة «داعش»، ثم تصاعد نجم حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي، وتردد أن قوات أميركية في العراق بدأت بنشر نقاط استطلاع على جزء واسع من الحدود العراقية ـ الإيرانية، وانطلقت أصوات عراقية تهتف «إيران برا برا»، لذلك يمكن ملاحظة أن إيران تفقد الأرض، ولم تعد قادرة على وضع أو عرقلة جداول الأعمال، كأقرانها أو منافسيها الذين يعملون أيضا لحماية مصالحهم الأساسية.