شهدت مدينة حرستا بالغوطة الشرقية المحاصرة أمس أول عملية تهجير بعد اربع سنوات من الحصار الخانق ونحو شهرين من اطلاق النظام هجوما غير مسبوق، تزامن مع استمرار القصف الجوي والمدفعي على المناطق التي لم توافق على التهجير بعد، ما أسفر عن مقتل 20 مدنيا.
وغادرت حافلات تقل مقاتلين ينتمون الى «حركة أحرار الشام» ومدنيين مساء امس الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق باتجاه ادلب بعد انتظار لساعات طويلة عند أطراف مدينة حرستا، وفق ما أفاد التلفزيون الرسمي السوري.
ويأتي الإجلاء بموجب اتفاق أعلنت عنه حركة أحرار الشام اول من امس بعد مفاوضات شاقة مع روسيا.
وأفادت مصادر النظام بخروج نحو ألفي شخص بينهم 700 مقاتل من مقاتلي المعارضة في دفعة أولى على متن 40 حافلة، انتقلت من حرستا الواقعة على بعد حوالى خمسة كيلومترات شرق العاصمة إلى محافظة إدلب في الشمال، على أن تخرج «آخر دفعة اليوم».
وأوضحت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) ان العدد الاجمالي للاشخاص الذين سيخرجون بموجب الاتفاق يصل الى 1500 مقاتل وستة آلاف من عائلاتهم، على دفعات.
وحصل قبل عملية الاجلاء تبادل أسرى بين قوات النظام والفصائل المعارضة.
وقال مصدر عسكري في المكان لـ «فرانس برس»: «سلمناهم ستة معتقلين وأفرجوا هم عن 13 عسكريا ومدنيا». وشاهد مراسل «فرانس برس» سيارات إسعاف تابعة للهلال الأحمر السوري تخرج الرجال الـ 13 الذين تراوحت فترات اعتقالهم بين ثلاثة اشهر وثلاث سنوات، وفق قولهم.
ولطالما شكلت الغوطة الشرقية هدفا لقوات النظام كونها إحدى بوابات دمشق. وقد فرضت عليها حصارا محكما منذ العام 2013 رافقه طوال سنوات قصف منتظم شاركت فيه روسيا.
وأسفر الحصار عن أزمة انسانية تجلت بنقص فادح في المواد الغذائية والطبية، ووفيات ناتجة عن سوء التغذية.
وردا على سؤال حول الاسباب التي دفعت الى إبرام الاتفاق، قال رئيس المجلس المحلي لحرستا حسام البيروتي لـ «فرانس برس»: «حرستا حوصرت من دون مقومات طبية وإغاثية، تدمرت بالكامل وأحوال الناس باتت في الويل».
وأضاف «خلال الأسبوع الأخير، لم تجد 50% من العائلات ما تأكله، وانتشر الجرب والمرض في الأقبية، وبالإضافة إلى ذلك كانت الصواريخ تطال حتى الأقبية، حوالي خمس مجازر حصلت في الأقبية».
في موازاة ذلك، تعرضت بلدات عدة في القطاع الجنوبي للغوطة ومدينة دوما لقصف جوي ومدفعي مكثف، أسفر عن مقتل 20 مدنيا على الأقل، بينهم ناشط إعلامي وجرح عشرات آخرون، في سياق تصعيد النظام وروسيا ضغطها على ما تبقى من مدنيين ومقاتلين معارضين لقبول «التهجير القسري» بحسب ما نقلت شبكة «شام الإخبارية.
ونقلت الشبكة عن مصادر ميدانية، أن أكثر من 17 قتيلا كحصيلة أولية وأكثر من 90 جريحا سقطوا في مدينة زملكا جراء غارات جوية من الطيران السوري والروسي، استهدفت الأحياء السكنية في المدينة، كما قتل ثلاثة مدنيين في عربين بقصف عنيف من الطيران الحربي والمروحي على أحياء المدينة.
وبين القتلى ناشط إعلامي يدعى صهيب عيون «أبو البراء»، أحد إعلاميي منظومة شام الإسعافية، بقصف مدفعي لقوات النظام على مدينة دوما.
في هذه الاثناء، تواصل خروج المدنيين الراغبين من الغوطة الشرقية، عبر 3 معابر هي حرستا ومخيم الوافدين قرب دوما وحمورية جنوبا.
ودفع القصف والمعارك أكثر من 80 ألف مدني للنزوح، وأمس غادر أكثر من أربعة آلاف مدني مدينة دوما. وأعرب كثيرون في وقت سابق عن خشيتهم من تعرضهم للاعتقال من قبل النظام أو الاحتجاز للتجنيد الإلزامي لزجهم في جبهات القتال بالنسبة الى الشبان، لكنهم لم يجدوا خيارات أخرى أمامهم مع كثافة القصف والمعارك.
من جهة أخرى، تعرضت أحياء عدة في مدينة دمشق لقصف بقذائف النابالم، وأسفرت عن سقوط اربعة قتلى على الأقل وعدد من الجرحى. واتهم النظام على عادته فصائل المعارضة بتنفيذ القصف، لكن شبكة «شام» قالت ان مصدر القصف هو الفروع الأمنية داخل العاصمة، في محاولة لإعطاء المزيد من الشرعية لروسيا والنظام للاستمرار في إبادة الغوطة الشرقية وتجاوز قرارات مجلس الأمن.