- 98% من الموازنة مصدرها محلي ومساهمة القطاع الخاص بين 62 و63% من الضرائب
أكدت الحكومة السورية مراراً أنها ليست ضد اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي إلا أنها تريد منه أن يتفهم احتياجات ومصالح سورية، وقال وزير المالية د.محمد الحسين أن سورية بشكل عام ليست ضد اتفاق الشراكة لأكثر من سبب موضحا: نحن عموما نؤمن بالشراكات، وقبلنا الشراكة الأوربية لأن الاتحاد الأوروبي هو أكبر شريك اقتصادي مع سورية إضافة إلى روابط الجوار والتاريخ والثقافة وإلى اعتبارات سياسية أخرى، إلا أن الحسن شرح وجهة نظر الحكومة القائلة انه: «إذا افترضنا أن مرحلة الشراكة هي مرحلة أعلى فنحن ببساطة نتمنى أن تحقق هذه الشراكة مصلحة الطرفين، وما نريده من الشريك الأوربي هو أن يتفهم احتياجاتنا ومصالحنا، وإذا تركنا القضايا السياسية والاجتماعية جانبا، وهي طبعا من ضمن «فصول الاتفاقية»، وتحدثنا عن الاقتصاد فقط فسنلمس الآثار السلبية التي يمكن أن تلحق بنا».
وأورد الحسين المخاوف من فقدان الخزينة العامة لمورد مهم في حال تم إلغاء الرسوم الجمركية «لكن أثره الأصعب هو ماذا سيحصل لصناعتنا ومنتجاتنا الوطنية ولمصانعنا وورشنا في القطاعين العام والخاص؟».
ولفت الحسين في تصريحات صحافية الى مطالب سورية بوضوح أكبر «في بنود الاتفاقية يبين ما سيقدمه الأوروبيون من تسهيلات، وكيف سيساعدنا الشريك الأوربي على تجاوز الآثار التي ستنتج عن الاتفاقية عندما تنفذ، ولابد من الأخذ في الحسبان أن تطورات عديدة قد حصلت منذ أن أشرنا على الاتفاقية عام 2004 وقتها مثلا كانت التعرفة الجمركية في سورية عالية جدا، وفي عام 2008 اقتضت مصالح شعبنا أن نخفض هذه التعرفة، وهذا تطور يفرض على الشريك الأوربي أن يساعدنا» وخلص الحسين الى أن دمشق مع اتفاق الشراكة من حيث المبدأ «لكننا مع تفاوض واضح يضمن مصالحنا».
وشدد وزير المالية على أن اقتصاد السوق الاجتماعي أيا كان تعريفه ومفهومه «لا ولن يكون على حساب تراجع دور الدولة ولا على حساب القطاع العام، مشيرا إلى أنه ومنذ ثورة آذار ونحن نعتز بهذا القطاع (العام) الذي توسع وكبر بعد الحركة التصحيحية وليس واردا التخلي عن هذا القطاع بأي حال من الأحوال، أما إصلاح هذا القطاع فمسألة أخرى تحتاج الى حديثا طويلا». ولفت الحسين إلى أن مبدأ الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص لن تكون ولن تتم أبدا على حساب تراجع دور الدولة وتخليها عن مسؤولياتها التنموية والاجتماعية.
وقال الوزير الحسين إن الاقتصاد السوري لم يكن في يوم من الأيام اقتصادا اشتراكيا محضا، والقطاع الخاص لم يغب يوما عن المشهد الاقتصادي في سورية موضحا أن 98.5% من موارد الموازنة تمويل محلي مما يعطي قوة في القرار المالي والاقتصادي والسياسي.
وشدد على أن سندات الخزينة «لن تستخدم إلا لتمويل المشاريع الاستثمارية، وتوفير فرص عمل للعاطلين لا يقل أهمية عن تحصيل الضرائب. واليوم تبلغ حصة هذا القطاع من إجمالي الاقتصاد السوري 65%».
ارتفاع العجز
وفيما يخص العجز في الموازنة قال الحسين: نتوقع أن تصل في العام القادم إلى 176 مليار ليرة، وهو رقم يقل بمقدار 50 مليار ليرة عن الرقم الوارد في خطة العام الحالي.
وحتى رقم خطة 2008 الذي كان يقارب الـ 192 مليار ليرة وفقا لما ورد في موازنة ذلك العام والذي لم يتجاوز وفقا للأرقام الواردة في قطع حسابات موازنة 2008 (41) مليار ل.س، وبناء على ذلك، فإن العجز في الموازنة لدينا مضبوط ولا يسير باتجاه التزايد.
أما بالنسبة لتمويل عجز الموازنة فيمكن ـ بحسب الوزير ـ «أن يتم وكما جرت العادة من خلال عدة سيناريوهات أهمها: زيادة الإيرادات نفطية كانت أم متأتية من الرسوم والفوائض الاقتصادية، أو من خلال ترشيد الإنفاق العام، أو مكافحة الهدر، ويمكن أن يمتد ذلك في حال استمرار العجز إلى الاقتراض بنوعيه الداخلي والخارجي. والاقتراض الداخلي يمكن اللجوء إليه إما من خلال إصدار سندات خزينة لتمويل بعض المشاريع الاستثمارية حصرا أو من خلال اللجوء إلى التمويل بالعجز عبر المصرف المركزي».
أما تمويل العجز عن طريق الاقتراض الخارجي فأكد وزير المالية، أنه خيار «يخضع لكثير من التدقيق كونه مسألة حساسة، ولاسيما أن قلة هذا الدين هي من مصادر قوة قرارنا الاقتصادي والسياسي».
وهنا أكد الحسين أننا لن نقبل بأي قرض خارجي إلا بشروط ميسرة وبما يتلاءم مع مصالحنا الوطنية بعيدا عن أي إملاءات أو محاولة لفرض ما لا نريده.
وعن الإنفاق العام في ظل الحديث عن عجز الموازنة قال الحسين: تقع مسألة إدارة الإنفاق العام بعد إعداد الموازنة على عاتق آمر الصرف المسؤول، وهو المسؤول ضمن مؤسسته، في حين تبقى وزارة المالية على تواصل مع المؤسسات لتحديد حجم الإنفاق العام، ودراسة وزارة المالية تبقى من داخل الموازنة المحددة بمبلغ 754 مليار ليرة».
وأكد الحسين: حقيقة لو كنا نملك رقما للتهرب الضريبي لأعلناه، ومع ذلك فنحن نعترف بوجوده وأنا لا أتفق مع الأرقام التي نشرت في بعض الصحف لأنها لا تعبر عن الواقع».
وهنا أوضح وزير المالية أنه تبين من «خلال المسح أن 25% من عدد المكلفين غير مسجلين ضريبيا وهم عبارة عن ورشات صغيرة متفرقة. ولقد بلغ إجمالي التحصيل الضريبي نحو 176 مليار ليرة عام 2000، ونحو 238 مليار ليرة عام 2003 وقد وصلت إلى 367 مليار ليرة العام الماضي، وقد تحقق ذلك بفضل ما قامت به المالية على صعيد تخفيض الضرائب» الأمر الذي أسهم بدوره ـ على حد تعبير الحسين ـ «في معالجة ومكافحة التهرب، فقد كانت الضريبة على المنازل المؤجرة للأجانب 48% إضافة إلى 4% للإدارة المحلية ولم يكن هناك حينها من يسجل إيجارات للأجانب، ولكن ومع تخفيض الضريبة إلى 10% أصبح التحصيل المالي على قدر لا بأس به وكذلك في موضوع السيارات حيث كانت الضريبة 255% وتم تخفيضها إلى 40%، وبالمحصلة فقد تراجع التهرب الضريبي لأن الضريبة باتت أكثر عدالة، وقد أثبتت الأيام صحة هذا التوجه».
وعن الشراكة بين القطاعين العام والخاص قال الحسين: موضوع الثقة بين القطاعين العام والخاص مهم جدا وقد كانت هناك عدة لقاءات مع الفعاليات الاقتصادية والتجارية على امتداد السنوات الماضية وقد ركزت في مجملها على الشفافية فيما يخص حقوق القطاع الخاص وما يترتب عليه من واجبات بالمقابل».
ودعا الوزير هذا القطاع لأداء «التزاماته المالية والضريبية والشفافية في القيام بذلك». لافتا الى أن تطورا ما حدث في العلاقة بين القطاعين العام والخاص وقد انعكس ذلك إيجابيا لصالح المالية والخزينة نتيجة لزيادة الحصيلة الضريبية، حيث ساهم القطاع الخاص بنسبة بين 62 و63% من إجمالي التحصيل الضريبي والرسوم بما فيها الجمركية خلال عام 2008، مؤكدا على ضرورة مساهمة القطاع الخاص بأكثر من ذلك، وأشار إلى أن الثقة لا تفرض بقرار أو قانون، فهي ممارسة ومستلزمات وحوار بين الأطراف المختلفة، وسوف تعزز التجربة والأيام ما هو صحيح وما هو خطأ في الطريق إلى اتضاح الصورة النهائية.