نقل النظام السوري ضغوطه الميدانية الى ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي، تزامنا مع بدء بعثة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية عملها في مدينة دوما، للتحقيق في تقارير عن الهجوم الكيماوي المتهم النظام بتنفيذه، والذي على إثره شنت دول غربية على اثره ضربات غير مسبوقة ضد أهداف عسكرية للنظام قرب العاصمة.
ورغم تأكيد الدول الثلاث أن الضربة لن تتكرر إلا انها أبقت الباب مفتوحا على كل الاحتمالات.
وقال وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون إن القوى الغربية لا تعتزم شن مزيد من الضربات الصاروخية على سورية لكنها ستدرس «الخيارات» المتاحة إذا استخدم النظام الأسلحة الكيماوية مرة أخرى.
وفي تصريحات للتلفزيون البريطاني أيد جونسون قرار رئيسة الوزراء تيريزا ماي المشاركة في الهجوم قائلا إن هذا هو التصرف الصائب لمنع استخدام الأسلحة الكيماوية مرة أخرى.
وأضاف لتلفزيون هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) «الأمر لا يتعلق بتغيير النظام... ولا يتعلق بمحاولة تحويل دفة الصراع في سورية».
وقال «ليس هناك اقتراح على الطاولة حاليا بشن المزيد من الهجمات لأن نظام الأسد لم يكن من الحماقة لشن هجوم كيماوي آخر».
وتتفق تصريحات جونسون فيما يبدو مع تصريحات سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هيلي التي قالت في اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي إن ترامب أخبرها بأنه إذا استخدمت سورية الغاز السام مرة أخرى «فإن الولايات المتحدة جاهزة للرد».
ولدى سؤاله إن كان ذلك يعني أن بمقدور الأسد أن يواصل استخدام البراميل المتفجرة ووسائل أخرى في الحرب ما دامت ليست أسلحة كيماوية قال جونسون أن تلك هي التبعات «البائسة» للأمر.
وأكدت هيلي بدورها إن بلادها لن تسحب قواتها من سورية إلا بعد أن تحقق أهدافها. وفي حديث مع فوكس نيوز ذكرت هيلي ثلاثة أهداف للولايات المتحدة وهي ضمان عدم استخدام الأسلحة الكيماوية بأي شكل يمكن أن يعرض مصالح الولايات المتحدة للخطر وهزيمة داعش، وضمان وجود نقطة مراقبة جيدة لمتابعة ما تقوم به إيران.
وقالت «هدفنا أن تعود القوات الأميركية للوطن لكننا لن نسحبها إلا بعد أن نتيقن من أننا أنجزنا هذه الأمور».
وفي دمشق ذكرت وكالات أنباء روسية أن الأسد قال لمجموعة من نواب البرلمان الروسي إن الضربات الصاروخية الغربية على بلاده عمل عدواني.
ونقلت الوكالات الروسية عن النواب قولهم إن الأسد كان في «حالة مزاجية جيدة» كما أشاد بالدفاعات الجوية سوفيتية الصنع التي ساعدت في صد الضربات الغربية. وقبل الأسد دعوة لزيارة منطقة خانتي مانسي في سيبيريا بروسيا. ولم يتضح موعد الزيارة.
بدوره قال اللفتنانت جنرال كينيث مكينزي للصحفيين في وزارة الدفاع (الپنتاغون) «نعتقد أننا أصبنا قلب برنامج الأسلحة الكيماوية السوري بضرب برزة بالتحديد». لكن مكينزي أقر بأن عناصر من البرنامج لا تزال قائمة وإنه لا يمكن أن يضمن عدم قدرة سورية على تنفيذ هجوم كيماوي في المستقبل.
وقال معاون وزير الخارجية السورية أيمن سوسان لفرانس برس «وصلت لجنة تقصي الحقائق الى دمشق ومن المقرر أن تذهب الى مدينة دوما لمباشرة عملها».
واضاف «سندعها تقوم بعملها بشكل مهني وموضوعي وحيادي ومن دون أي ضغط». واضاف أن «ما سيصدر عنها سيكذب الادعاءات» بحق بلاده التي نفت مع حليفتيها موسكو وطهران استخدام اي سلاح كيميائي.
وتواجه البعثة مهمة صعبة في سورية بعدما استبقت كل الأطراف الرئيسية نتائج التحقيق، بما فيها الدول الغربية التي وجهت الضربات بناء على أدلة قالت إنها بحوزتها.
وتتعلق المخاطر أيضا باحتمال العبث بالأدلة في موقع الهجوم المفترض في مدينة دوما التي دخلتها قوات شرطة روسية وسورية.
هذا وتقدمت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا بمشروع قرار مشترك الى مجلس الامن. ويدعو وفق نسخة حصلت عليها وكالة فرانس برس الى إنشاء آلية تحقيق جديدة حول استخدام الاسلحة الكيميائية، وكذلك ايصال المساعدات الانسانية وبدء محادثات سلام سورية برعاية الامم المتحدة.
وتشير هذه الخطوة الى سعي الغرب للعودة الى المساعي الديبلوماسية بعد الضربات. وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها اقتراح مشروع قرار داخل مجلس الامن يجمع الجوانب الكيميائية والإنسانية والسياسية للنزاع السوري المستمر منذ أكثر من سبع سنوات.
وقالت مصادر ديبلوماسية ان المفاوضات حول النص يفترض ان تبدأ اليوم. ولم يتم حتى الآن تحديد موعد للتصويت على النص.
ميدانيا، حلقت طوال نهار امس قرابة الـ8 طائرات حربية في سماء ريفي حماة الجنوبي وحمص الشمالي وشنت عشرات الغارات الجوية العنيفة جدا التي ترافقت مع قصف مدفعي وصاروخي مكثف خلف عددا من القتلى والجرحى بين المدنيين.
وأدت الغارات العنيفة والقصف الصاروخي لسقوط قتيلين في بلدة عزالدين والعديد من الجرحى في قرى وبلدات ديرفول والقنيطرات والقنطرة والحمرات وسليم ونزازة والمجدل والفرحانية وعين حسين والسعن الأسود، حيث تقوم فرق الدفاع المدني بعملها لانتشال الضحايا والجرحى من تحت الأنقاض ونقلهم إلى المشافي الميدانية.
ويرى ناشطون أن سبب القصف العنيف على المنطقة الخاضعة لسيطرة الثوار شمال حمص وجنوب حماة هدفها الضغط على مقاتلي المعارضة والمدنيين للقبول بشروط التهجير والتغيير الديمغرافي وتسليم المنطقة للنظام.