بروين ابراهيم
الرسوم والضرائب بشقيها «المالي والمحلي» باتت تثقل أصحاب المنشآت السياحية والعاملين فيها، ومن مؤشرات ذلك الجدل الدائر بين غرف السياحة والجهات الحكومية حول عدالة تلك الضرائب والرسوم ونسبها التي أثرت سلبا على مستوى أداء وخدمات تلك المنشآت وخاصة المنشآت ذات التصنيف ما دون الخمس نجوم.
ولعل السؤال الأهم هو: هل تطبيق أو فرض «الضريبة المقطوعة» على المنشآت السياحية يخدم التوجه المطلوب للارتقاء بمستوى أعمالها وقدرتها على المنافسة من خلال تطوير منتجاتها السياحية في مقابل أسعار جاذبة تحقق معايير الجودة السياحية وفي الوقت ذاته تحقق النمو المطلوب في حجم الأعمال؟ أم أن الموضوع برمته يعكس عدم الرغبة في العمل على تطبيق حسابات دقيقة على كل منشأة واستسهال اللجوء إلى اقتطاع كل جهة لحصتها «من رأس الكوم» دون دراسة آثار الضرائب والرسوم على استدامة عمل المنشآت وقدرتها على التطور.
عبء حقيقي
في هذا الموضوع يرى محمد سعيد عماد رئيس غرفة سياحة دمشق، أن تلك الضرائب والرسوم باتت تشكل عبئا في الوقت الحالي على المنشآت السياحية ولذلك تم إعداد مذكرة بهذا الخصوص للهيئة العامة للضرائب والرسوم بعد أن طلبت الهيئة من المنشآت القيام بإعداد نظام للفوترة في جميع الأنشطة الاقتصادية كي تتمكن الهيئة من الوقوف على حقيقة تطبيق الأنظمة والقوانين أولا وثانيا لاستيفاء الضرائب بشكل مناسب من كل منشأة استنادا لمؤشرات الفوترة. وقد قامت الغرف بتضمين المذكرة عددا من النقاط الواجبة المعالجة كي تتمكن من تطبيق ما هو مطلوب منها بشكل فاعل وشفاف ولتلافي اللجوء والوقوع في مطب التهرب من التكليف الضريبي، كما تم إعداد مذكرة أخرى للدوائر المحلية بين فيها تعدد المطارح الضريبية التي أصبحت تفرض على المنشآت السياحية بشكل خاص والتي أصبحت تثقل كاهل تلك المنشآت وتؤدي إلى ارتفاع تكلفة المنتج السياحي والخدمات المقدمة بشكل دائم.
وأوضح عماد أن هذه الضرائب والرسوم بما تشكله من كتل مالية كبيرة جدا لعبت دورا سلبيا في قدرة منشآتنا السياحية على المنافسة في السوق الإقليمية نظرا لارتفاعها وتعددها وهذا يتأكد عبر العروض التي تقدمها المنشآت السياحية في دول الجوار «الرحلات والإقامة» على مدار العام.
علما أن هناك عددا من الدول في ظل الأزمات الأخيرة قامت بإلغاء الضرائب نهائيا على المنشآت السياحية كلها لا بل قامت بدعم منشآتها لتستطيع المنافسة.
واستعرض رئيس غرفة سياحة دمشق الضرائب والرسوم المفروضة على المنشآت السياحية ومنها الضرائب التي تستوفى على المنشأة وضرائب أخرى تستوفى من الزبون لصالح الدوائر المالية.
فبخصــوص الضرائـب المستوفاة لصالح الإدارات المالية فهي نوعان: أحدهما يستوفى من المنشآت، والثاني من الزبون. أما بالنسبة للضرائب التي تستوفيها الدوائر المالية فهي عبارة عن ضرائب دخل، تم بموجب المرسوم 51 تحديدها بـ 2.5% من قيمة كامل الأعمال والمتضمنة تكاليف التشغيل المباشر وغير المباشر. وهذه النسبة لاتزال مرتفعة قياسا على ما تم الاتفاق عليه أو النقاش حوله فيما بين الغرف والدوائر المالية حيث كانت المنشآت السياحية في حينها تستفيد من إعفاء 50% على الضرائب المتوجبة. ولكن عندما صدر المرسوم 51 تم إلغاء هذه الميزة «الإعفاء 50%» والتي كانت الغاية منها تشجيع المنشآت على تطوير أعمالها. إلا أن إلغاء هذه النسبة أفقد المنشآت السياحية وفرا جيدا، أكثر من ذلك أنه وبعد إلغاء الـ 50% أصبحت المنشآت السياحية تدفع هذه النسبة لتغطية الضرائب والرسوم وبالتالي غدت عاجزة عما هو مطلوب منها، لا بل انخفض مستوى خدمات وجودة المنشآت السياحية.
0.5% من العمال
ولذلك فبدلا من أن تكون نسبة الضريبة على الدخل «1.4%» أصبحت تستوفى 2.5% على كامل رقم الأعمال وهذه النسبة تعتبر عالية جدا قياسا للأرباح الصافية التي تحققها المنشآت بينما تكون منخفضة قياسا لرقم الأعمال وهذا أمر لا يخدم المنشأة.
ولفت رئيس الغرفة إلى أنه وإضافة لـ 2.5% هناك أيضا ضريبة «0.5%» تفرض على دخل الرواتب والأجور تستوفى من العاملين في المنشأة وهذه النسبة هي أيضا عالية. وأوضح أنه وفي حال ارتفع «رقم الأعمال» لأي منشآت فإن العامل هنا سيتعرض لعدم إنصاف لأن الضريبة ستكون كبيرة بالنسبة له وبالتالي سيكون هناك شبه إجحاف وغبن بحق العاملين بالنسبة لهذه الضريبة كونها تشكل رقما كبيرا جدا.
الضرائب على الزبائن
كذلك الأمر بالنسبة للضرائب التي تستوفى من الزبون وهي 10% كرسم إنفاق استهلاكي وهي أيضا عالية ولا تتناسب مع إمكانيات المستهلك وخاصة المحلي في ظل ارتفاع الأسعار وغير ذلك.
رسوم الإدارة المحلية
أما فيما يتعلق برسوم الإدارات المحلية فهناك نوعان أيضا الأول تدفعه المنشآت والآخر يستوفى من الزبائن والذي تدفعه المنشآت عبارة عن رسم سنوي «رسم خدمات» مفروض بموجب المرسوم(1) لعام 1954 والذي تم تعديله بموجب القانون 18 لعام 2007 والذي حدد على كل درجة من درجات المنشآت رسما مقطوعا يستوفى سنويا بالإضافة لرسم آخر «رسم المشروبات الكحولية» السنوي. وعلى الرغم من التعديل المتكرر لذلك إلا إن هذا التعديل كان تعديلا تصاعديا ووصلت نسبته إلى أرقام عالية لا تتناسب مع العائدات.
ضريبة على الضريبة؟!
وما يقال هنا يقال في الرسوم التي تستوفى من الزبائن والتي هي في الفنادق 2% من قيمة الفاتورة على إجمالي إقامة الزبون إضافة لـ «0.5%» على رسم الإنفاق الاستهلاكي أي أن الإدارة المحلية تأخذ 0.5% على الـ «10%» وهذا يعني ضريبة على الضريبة وهو أمر غير معهود في الأعراف الضريبية العالمية.
ويرى رئيس الغرفة أن الطينة تزداد بلة إذا ما احتسبنا قيمة الرسوم التي تفرض على فواتير الكهرباء والماء والهاتف وغيرها من الفواتير الأخرى التي تسددها المنشآت السياحية لجهات الدولة المختلفة وهي تعادل ما نسبته 25% من قيمة الاستهلاك في كل منشأة. وهذه نسبة عالية جدا ولا تنسجم مع واقع الحال إضافة للرسوم التي تستوفيها المحافظة عن تخصيص أماكن لمواقف السيارات للمنشآت السياحية فنادق ومطاعم وأجورها السنوية الكبيرة ومع ذلك لا تستفيد تلك المنشآت من هذه المواقف بالشكل الصحيح والعادل. ويلخص رئيس غرفة سياحة دمشق المشكلة مع الدوائر المالية والمحلية بأنها تكمن في آلية وضعها وتحديدها للتكليف الضريبي الذي قامت باستنتاجه استنادا لما كانت تدفعه المنشآت السياحية تاريخيا مثل الضريبة الأخيرة على كامل رقم الأعمال 3% دون أن تأخذ بالحسبان المصاريف والنفقات والأحداث المؤثرة على القطاع السياحي. وبصريح العبارة أي أن الدوائر المالية والمحلية رجعت للأرقام التي كانت تفرضها على المنشآت السياحية وليس للأرقام التي كانت المنشآت السياحية تتقدم بها وهذا لا ينسجم مع القانون والأنظمة الضريبية الجديدة. والتي تعتمد مبدأ المصارحة والشفافية في البيانات الضريبة.