من المحتمل أن يصبح «الجيش الوطني» الذي تعمل المعارضة السورية على تأسيسه بمساعدة تركيا عقبة في الأمد البعيد أمام استعادة الرئيس بشار الأسد السيطرة على شمال غرب البلاد، وذلك إذا ما تمكنت المعارضة من إنهاء الخصومات الفئوية التي نكبت بها منذ فترة طويلة.
ويمثل هذا المسعى عنصرا أساسيا في خطط المعارضة المدعومة من تركيا لتأمين شريط من الأرض يشكل جزءا من آخر معقل كبير للمعارضة في سورية وفرض حكمها عليه.
وقد ساعد وجود القوات التركية على الأرض في حماية هذا الشريط من هجوم قوات النظام عليه حتى الآن.
وكان الأسد الذي يحظى بدعم روسيا وإيران قد تعهد باستعادة «كل شبر» من الأرض السورية ورغم أنه استرد السيطرة على معظم أنحاء البلاد فإن الوجود التركي سيعقد أي حملة عسكرية حكومية في الشمال الغربي.
ويقول العقيد هيثم العفيسي قائد «الجيش الوطني» إن إنشاء هذه القوة لم يكن بالمهمة السهلة خلال السنة الأخيرة.
وقال لـ «رويترز» في مقابلة ببلدة اعزاز قرب الحدود التركية «نحن ننتقل في تطوير الجيش من مرحلة إلى مرحلة. ونحن اليوم في بداية التنظيم، أمامنا صعوبات كثيرة ولكن نعمل على تجاوزها».
وفي أواخر الشهر الماضي أصدر عفيسي الذي انشق عن الجيش السوري في 2012 تعليمات لقادة «الجيش الوطني» تقضي بمنع المقاتلين من «إطلاق النار العشوائي منعا باتا» والالتزام بارتداء الزي العسكري.
وتم منع الفصائل التي يتألف منها «الجيش الوطني» من إدارة سجون ومحاكم خاصة بها ومن «اعتقال أي مواطن من قبل أي فصيل كان إلا بموجب كتاب رسمي من القضاء وعن طريق الشرطة العسكرية حصرا».
وقد تعرض مشروع الجيش الوطني للهجوم إذ أصيب عدد من المجندين بجروح في 5 الجاري عندما تعرض حفل تخريج دفعة من المقاتلين في مدينة الباب للقصف بحضور رئيس حكومة المعارضة.
وقال العفيسي إن هذا الهجوم من عمل «أعداء الثورة. كائن من يكون فهو عدو للثورة سواء داخلي أو خارجي».
وأضاف: «تعرفنا على السلاح المستخدم ويمكن القول إننا وصلنا إلى الفاعل».
ويتألف الجيش الوطني من حوالي 35 ألف مقاتل من بعض من أكبر الفصائل التي قاتلت ضد النظام.
وفي السابق فشلت مساع عديدة لتوحيد مقاتلي المعارضة إذ عرقلتها منافسات محلية، وفي بعض الأحيان تعارض أهداف الدول الأجنبية التي كانت تدعم كل منها فصائل معينة وتفرض عليها أجندات خاصة بها.
ومن المحتمل أن يختلف الوضع بالنسبة للجيش الوطني نظرا للوجود التركي على الأرض.
وكان الجيش التركي قد توغل في الشمال الغربي في حملتين. الأولى «درع الفرات» في 2016 وأدت لطرد تنظيم داعش من المنطقة الواقعة بين اعزاز وجرابلس. والثانية «غصن الزيتون» التي انتزعت فيها تركيا السيطرة على منطقة عفرين من وحدات حماية الشعب الكردية التي تسيطر على قوات سوريا الديموقراطية «قسد» في وقت سابق من العام الحالي.
وللمنطقة أهمية خاصة لأنقرة لأنها ترى خطرا أمنيا عليها من الميليشيات الكردية التي تعتبرها امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمردا منذ أكثر من 3 عقود في تركيا.
وقال العفيسي: «كل ما يتم تقديمه حتى الآن من دعم للجيش الوطني هو دعم تركي. لا توجد أي دولة أخرى شريك في هذا الأمر. فقط تركيا».
وقال العفيسي إن الدعم التركي «يتمثل في تقديم رواتب للمقاتلين وفي نفس الوقت إصلاحات وتقديم المساعدة والخبرات في كافة المجالات: مادي ولوجيستي وآليات وسلاح إذا اضطر الأمر».
وقال إن أعداء الجيش الوطني 3 يتمثلون في النظام وحزب العمال الكردستاني وتنظيم داعش.
وقد أقامت تركيا أيضا 12 موقعا عسكريا في محافظة إدلب والمناطق المجاورة لها جنوبي عفرين بموجب اتفاقات أستانا بموافقة الدولتين الضامنتين الأخريين روسيا وإيران. والهدف المعلن لها هو مراقبة اتفاق «خفض التصعيد» في منطقة إدلب.
وقال العفيسي إن من الممكن دمج الجيش الوطني بسرعة مع قوات المعارضة المدعومة من تركيا في إدلب «في حال كانت الرؤية واحدة تماما ونحن جاهزون ونمد يدنا إلى كل تشكيل يمثل أهداف الثورة».