دمشق: بروين ابراهيم
مازال الانفتاح الاقتصادي الذي تشهده سورية موضع أخذ ورد. بين داعم بلا قيود لفتح الاسواق السورية بكل قطاعاتها أمام الاستثمار الاجنبي لخلق التنافس الذي يعود في النهاية لمصلحة المواطن. وبين متخوف من عدم قدرة فعالياتنا الاقتصادية على منافسة الوافد الاجنبي. وبين داع الى التدرج في عملية الانفتاح بما يتناسب مع خصوصية السوق السورية.
ويبقى القطاع المصرفي واحدا من الركائز الأساسية للاقتصاد وبالتالي ينسحب عليه النقاش حول فتحه أمام رأس المال الأجنبي. وهنا قال الباحث الاقتصادي السوري د. عابد فضلية أن رفع نسبة مساهمة الأجانب في المصارف السورية الخاصة من 49% إلى 60% سيف ذو حدين، الحد الأول ايجابي وهو إتاحة المجال لمزيد من الاستثمار المصرفي في سورية. أما الآخر فسلبي حيث يخشى من أن يرجح رأس المال الأجنبي على رأس المال الوطني. ويرجع التحكم بهذه الناحية السلبية إلى الضوابط التي سيضعها المصرف المركزي لعدم تحول الناحية الإيجابية إلى سلبية كون رأس المال مسألة حساسة. وبالتالي فإن إعطاء المجال لرأس المال الأجنبي بشكل كبير قد يؤثر سلبا على القرار الوطني في القطاع المصرفي خاصة أن من يملك أكثر يتحكم بقرار مجلس الإدارة وبسياسة المصارف التسليفية وباستراتيجية البنك عموما. وأضاف فضلية «لا أرى حتى الآن ضرورة لرفع نسبة مساهمة الأجانب في مصارفنا الوطنية لكون القطاع المصرفي لا يعاني نقصا في السيولة بقدر ما يعاني من خلل في سياسات التسليف، ولا نجد أن هناك مشروعات استثمارية هامة مطروحة للاستثمار ولا تلقى تمويلا». وتابع «علما أن هدف زيادة المدخرات والودائع لايزال مطلوبا من اجل الاستعداد لتمويل مشروعات استثمارية ذات أهمية اقتصادية استراتيجية، أما فيما يتعلق برفع رأس مال المصارف الخاصة سواء التقليدية أو الإسلامية فهذه خطوة إيجابية جدا لأنها تتيح مجالا أكبر لهذه المصارف لمنح قروض بمبالغ كبيرة من شأنها تغطية استثمارات إستراتيجية هامة.
رئيس مجلس مفوضي هيئة الأوراق والأسواق المالية السورية محمد العمادي قال بدوره، إن رفع نسبة تملك الأجانب في المصارف السورية إلى 60% خطوة هامة لتطوير العمل المصرفي وتوسيع آفاقه وجذب المصارف العالمية الكبيرة لإقامة ليس فروعا وإنما شركات مستقلة لها تستطيع الإسهام في عمليات التمويل الواسعة. خاصة أن سورية متجهة لتوسيع التعاون بين القطاعين العام والخاص في إقامة منشآت المرافق العامة والبنية التحتية وهذا يحتاج حسب د.محمد العمادي إلى رأسمال كبير ويحتاج إلى خبرة واسعة في عمليات الإقراض وإدارة المخاطر والتمويل وعمليات الإقراض. أما عن تأثير دخول المصارف الكبيرة إلى سورية على المصارف العاملة في السوق فلا يرى العمادي أي تأثير والنجاح في جذب المصارف الكبيرة إلى السوق السورية يتوقف على القدرة على تسويق هذا القانون على المستوى الخارجي لجذب المصارف الكبيرة إلى سورية، بينما يرى فضلية أن هذا القانون سيشجع حتما على دخول المصارف الأجنبية الكبيرة إلى سورية وهذا يفتح باب المنافسة مع المصارف السورية العامة والخاصة. ولكن بحسب العمادي فإن «المنافسة لها وجهان ايجابي يتجسد بالتنافس على نيل رضا العملاء وتمويل المزيد من المشروعات، والسلبي إذا لم يحسن استخدام الأموال المصرفية فقد تؤدي إلى هدر الموارد والتنافس على تمويل أنشطة هامشية أو استهلاك ترفي». واضاف «ومن أجل مواجهة حالة المنافسة التي ستفرضها وجود مصارف كبيرة قد تلجأ المصارف الصغيرة إلى الاندماج فيما بينها من أجل المحافظة على بقائها في السوق المصرفية أو قد تلجأ إلى زيادة رأسمالها وتحسين خدماتها وتنويعها وهذه قد تكون من إيجابيات هذا القانون، لكنني لا أعتقد أن هناك تحديا حقيقيا يواجه المصارف العاملة في سورية من ناحية المنافسة على المدى القصير أما على المدى الطويل من 10 سنوات وأكثر فإن البقاء سيكون للأفضل».وكان مجلس الشعب قد أقر مشروع القانون المتضمن تعديل بعض أحكام القانون رقم 28 لعام 2001 الخاص بتأسيس المصارف الخاصة والمرسوم التشريعي رقم 35 لعام 2005 الخاص بتأسيس المصارف الإسلامية وأصبح قانونا.
وتضمن القانون رفع الحد الأدنى لرأسمال المصارف الخاصة التقليدية إلى 10 مليارات ليرة سورية. والمصارف الإسلامية إلى 15 مليار ليرة سورية إضافة إلى رفع الحد الأقصى لنسبة تملك العرب والأجانب من 49% إلى 60% ولنسبة مساهمة الشخصيات الاعتبارية من 49% إلى 60% مع إمكانية رفعها إلى 75% شريطة أن تكون هذه الزيادة لتغطية مساهمات المؤسسات العامة.
وسبق أن أشار نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية عبدالله الدردري إلى أن الهدف من رفع الحد الأدنى لرأسمال المصارف التقليدية والإسلامية هو استقطاب المصارف العالمية الكبيرة ذات السمعة العالية بما يحسن من شروط المنافسة وينعكس في تنويع الخدمات بما يلبي حاجات الاقتصاد الوطني وتخفيض سعر الخدمة المقدمة للجمهور وزيادة قدرة المصارف العاملة على تحمل المخاطر وولوج القطاعات الاقتصادية والمشاريع الكبيرة والأعظم نفعا للاقتصاد الوطني، وأكد الدردري أنه لا يوجد أي قلق لتعرض القرار الوطني النقدي والاقتصادي للخطر بحجة أن نسبة رأس المال الأجنبي في المصارف أكثر من 49% لأن هذه المصارف في النهاية شخصيات اعتبارية سورية ويحكمها قانون الشركات السوري والمصرف المركزي.