في الوقت الذي استطاعت بلدان عديدة منع استخدام الأكياس البلاستيكية في أسواقها التجارية وبلدان أخرى فرضت ضرائب على تداولها، لايزال تدفق أكياس مادة «البولي إتيلين» البلاستيكية ذات المنشأ النفطي يسري في اتجاه حفظ وتغليف سلعنا الغذائية بالأكاسيد والسموم التي صنعت منها، رغم نتائج الدراسات الصحية السابقة التي تؤكد خطورتها على الصحة وزيادة فرص الإصابة بالسرطان جراء استعمالها.
وأمام تكرار استخدام أكياس النايلون بصورة مستمرة في نقل المواد الغذائية فإن مادة «البولي اتيلين» التي تصنع منها الأكياس البلاستيكية وفقا للمهندس الكيميائي فؤاد العك مدير السلامة الكيميائية في وزارة الدولة لشؤون البيئة، تعد من أخطر المواد التي تغيب عن بال المواطنين وتلقى استخفافا واضحا. وعادة ما يوضع الطعام الحار فيها، فتأخذ متبقيات مادة البلاستيك سبيلها إلى هذا الطعام لتدخل بعدها المادة الغذائية بعملية تفاعل مع مادة «البولي اتيلين»، وتذوب المواد الضارة التي تتضمنها فيه وتسري تأثيراتها بدم الإنسان مما يجعله تحت رحمة الأمراض الخطيرة.
فيما لم تعد ظاهرة التشوه البيئي التي خلفتها الأكياس المتطايرة والمنتشرة في كل مكان خافية على أحد بحسب العك، حيث تكتسي الأشجار والأنهار والحقول الزراعية رداء بلاستيكيا ملوثا، ليستعصي ما يدخل التربة منها عن التحلل إلا بمرور 500 عام على الأقل، مخلفا وراءه انبعاثات غازية وتفاعلات مع التربة تنتهي ضررا بيئيا فادحا.
الدعاية البلاستيكية
«لن يقبل أحد بإحضار وعاء من منزله لشراء الفول» هذا ما علق به أبوحسن بائع الفول في حال تم الاستغناء عن الأكياس البلاستيكية، متمسكا برأيه على أن الأكياس هي الحل الأفضل لتأدية مهمة تعبئة الطعام رغم ما يثار عنها من أضرار صحية. فنقل السلع التجارية والغذائية بات أيسر وأكثر عملية عند تعبئتها بأكياس البلاستيك وفقا لسامر موسى أحد أصحاب محلات البقالة، حيث باتت ضرورة تفرضها الحياة المعاصرة والسريعة، وتعتبر جزءا رئيسيا ومكملا لأي عميلة تجارية مهما صغر حجمها أو كبر، فضلا عن اعتماد الكيس البلاستيكي من قبل بعض التجار كلوحة إعلانية تروج لاسم محله أو علامته التجارية.
لا.. لأكياس النايلون
لم تشهد البشرية مادة ملائمة للاستعمال اليومي في حفظ وحمل السلع كما هي الأكياس البلاستيكية. إلا أن المضي بنهج استعمال الكيس للمرة واحدة فقط كما هي ثقافة الاستهلاك المعاصرة في أسواقنا السورية وفقا للدكتور نادر غازي مدير التوعية والإعلام البيئي في وزارة الدولة لشؤون البيئة أدى إلى توسع دائرة الخطر البيئي الذي تخلفه تلك الأكياس، فباتت خطرا ملحوظا في كل أركان الارض من شواطئ وبحار وسهول وغابات وأنهار حتى بلغت بتطايرها أعماق الصحراء.
ومن منطلق الأزمة البيئية التي سببتها مادة البلاستيك في الأكياس، وأخذت تتفاقم منذ تسعينيات القرن الماضي أطلقت وزارة الدولة للشؤون البيئية في أغسطس الماضي حملة وطنية واسعة للحد من انتشار الأكياس البلاستيكية باسم «لا.. لأكياس النايلون» هدفها بحسب غازي التحريض على استخدام البدائل الصحية والآمنة، كالاستعانة بالبلاستيك السميك الذي يتعدد استعماله أكثر من مرة، ما يخفف من انتشاره أو اللجوء إلى الأكياس القماشية كحل أنســـب من باقي الحلــــول.
وهو ما دعا الوزارة بالتعـــاون مع العديد من الجهات والقطاعات الخاصة والجمعيات البيئية إلى تجهيز ما يقارب 20 ألف كيس قماشي بشكــــل مبدئي لطرحه في الأسواق السورية العامــــة لحض الناس على استخدامها وترك البلاستيك، داعمة ذلك بالعديد من النشرات والبروشورات التي تسهم في رفع وعي المواطنين تجاه بيئتهم المهددة بالتلوث.