كلمات حملت الكثير من المعاني السامية التي ينتظرها المواطنون في سورية تلك التي قالتها عقيلة الرئيس السوري بشار الأسد في كلمتها أثناء افتتاح المؤتمر الدولي للتنمية. واذ تحدثت السيدة الأولى عن أهمية هذه المرحلة التي يضطلع بها القطاع الأهلي بدور تنموي مهم ويتكامل في عمله مع الدور الرسمي والخاص ويصب في خدمة المواطن ومستقبله، مثل هذا المؤتمر إعلان نقلة نوعية في العمل الأهلي يتحمل فيه المواطن مسؤوليات تطول شرائح اجتماعية واسعة بحيث لا يبقى أي مواطن أو شريحة خارج دائرة الاهتمام الرسمي أو الشعبي.
وأوضحت عقيلة الرئيس السوري :أن هذه النقلة تأتي تلبية لحاجاتنا الوطنية التنموية وتحمل هذا القطاع مسؤولية تطوير نفسه والاستفادة من التجارب العالمية وإغنائها بما ينسجم وقيمنا الحضارية والتاريخية والتي اعتبرت التكافل الاجتماعي مبدأ مجتمعيا أساسيا لصيانة المجتمع وتحقيق أمنه وازدهاره».
وقالت: ان القفزة التي يطمح هذا المؤتمر لتحقيقها هي تحويل مفهوم هذا القطاع من قطاع خيري بحت إلى قطاع خيري تنموي يلعب دورا فاعلا في عملية التنمية الوطنية والتي هي هدف جهودنا جميعا ومرتجاها كما أن توسع هذا القطاع ليشمل شرائح طبية وتعليمية وثقافية وتراثية دليل على جدية المرحلة القادمة والتوجه الرسمي المؤمن بتكامل دور جميع القطاعات لما فيه خدمة المواطن والوطن.
وعلينا أن نعترف بأن المجتمع السوري تميز باحتضانه العمل الأهلي وهو ليس وليد الساعة. فجميعنا يتذكر جمعية نقطة الحليب «ومقرها في الحميدية بدمشق وعمرها يقارب «الـ 50 عاما» والتي لم تتوقف يوما عن مد يد العون لمن يحتاجونها. ولم يقف عند «الشق الخيري» منه، بل تجاوزه إلى جوانب مختلفة من العمل التنموي. ومن المأمول أن يسهم التعديل المرتقب لقانون الجمعيات في تحسين وتوسيع ضبط آلية العمل عبر أسس تشريعية تعمل على حسن أداء تلك الجمعيات، وتمنع انحرافها عن الأهداف التي تأسست من اجلها.
وعلينا أن نعترف بأن الحراك الأهلي عمل على توسيع نشاطه في السنوات الأخيرة فتضاعف عدد الجمعيات العاملة في هذا الإطار وساهمت رعاية السيدة السورية الأولى في تطوير هذا الحراك، وشكلت مشاريع الأمانة العامة في التنمية نموذجا للاحترافية والرؤية الشاملة ونجحت تلك المشاريع في شراكتها مع المؤسسات الوطنية المشرفة على القطاع الأهلي، خاصة الشؤون الاجتماعية والعمل وأسس لإطلاق التعاون مع القطاع الخاص.
ورأت السيدة الأولى: «أن الإطار الأفضل والأمثل للشراكة يتمثل في تكامل جهود القطاعات الرسمية والأهلية والخاصة». وما أظهره المؤتمر الدولي الأول لدور القطاع الأهلي في التنمية الذي أنهى أنشطته مؤخرا في دمشق بمشاركة محلية وعربية ودولية غنية، أهمية تكامل جهود القطاعات الثلاثة في عملية البناء. كما شكل المؤتمر فرصة لعرض تجارب وطنية، في ميادين العمل الأهلي، مما يفتح الأفق واسعا لاغناء التجربة المحلية، بما ينسجم وقيمنا التي ركزت على التكامل الاجتماعي، كمبدأ لتحقيق الأمن والاستقرار.
كما أبرزت النقاشات والتفاعل الحواري في جلسات وورشات عمل المؤتمر على مدار يومين جملة من الأسس الداعمة للجهد الأهلي، منها تطوير الإطار القانوني، بما يكفل وجود نظام اعتمادية موثوق، لقياس أداء النشاط الأهلي، ويفسح المجال بتوسيع مشاركة القطاع الخاص، والأفراد في توفير الرعاية والدعم، ويعزز الثقة بين الأطراف الثلاثة، في عملية بناء التنمية الشاملة والمتكاملة.
أخيرا والحق يقال: «إننا نعول الكثير على الالتزام من الأمانة السورية باعتبار المؤتمر ما هو إلا بداية لخطة متكاملة ستترجم عبر سلسلة من النشاطات والفعاليات وبرامج التعاون على الصعد النظرية والعملية بين الشركاء الثلاثة».
كما أننا نأمل أن تنتقل التجارب التي طرحت في جلسات النقاش الى حيز التطبيق. وخير دليل على اهمية ذلك، ما قاله مارك براون في حفل الافتتاح «علينا أن نستفيد من تجارب لها باع طويل في هذا المجال ونجاحاته، ولما لا فإن عقيلة الرئيس الأسد هي من السيدات الاول في العالم التي لم تقتصر نشاطاتها على الديبلوماسية «الرئاسية» في العمل كزيارة دور الرعاية للمسنين أو الإشراف على جمعيات خيرية أو معاهد المعاقين وإنما «بدأت في التنمية الحقيقية في بلدها، وكلنا يعرف مسار، وفردوس، والشباب، وروافد الأبحاث، وغيرها» والآن: تفتح مؤتمرا خاصا بالتنمية الحقيقية الفعلية كي تصبح الحماية الاجتماعية تشمل الجميع بما فيهم المتعطلون، ونقطة انطلاق نحو تكامل العمل التنموي المشترك، فلتكن أيدينا رديفا لها.
شكرا سيدة سورية الاولى فالوطن غال ويستحق.
هدى العبود