بدأ سكان بادية ومدن محافظة الحسكة بالخروج بحثا عن الكمأة التي لم تعرفها المحافظة منذ 4 سنوات بسبب الجفاف وقلة مياه الأمطار. وشهدت عمليات البحث عن الكمأة طقوسا احتفالية بهذا الحدث الذي اعاد بعض الأمل والحياة الى البادية السورية عقب سنوات عجاف تسببت في هجرة الكثيرين الى خارج المحافظة.
وتشكل الكمأة أو الفقع كما تسمى في المنطقة، مصدر رزق مهما لبعض السكان الذين يخرجون في جماعات للبحث عنها إضافة إلى أنها تشكل حافزا للهواة الذين يخرجون للبادية باستمرار حيث يتطلب العثور عليها خبرة ومهارات خاصة.
ونقلت «سانا» عن المهندس الزراعي أحمد عطية ان الكمأة من أهم أنواع الفطريات ولكن حتى الآن لم تنجح محاولات زراعتها المتكررة في أغلب الدول العربية خاصة في السعودية وهي تنتشر بشكل كبير في البادية وفي الأراضي الرملية ووجودها مرتبط ارتباطا مباشرا بالأمطار وغزارتها ولها العديد من الفوائد لكونها تحتوي على معادن الفوسفور والصوديوم والكالسيوم والبوتاسيوم ونسب عالية من الفيتامينات، لافتــا إلى إن الرعد والبرق والمطر خلال شهري أكتوبر ونوفمبر لها دور كبير في ظهور الكمأة حيث يطلق سكان البادية على هذه العملية اسم «التوسيم» وهذا يدل على موسم وفير من الكمأة وخاصة إذا تبعت هذه العملية أمطار وفيرة.
وأوضح أن الكمأة تظهر في البادية ومناطق أبو حامضة وجبل عبدالعزيز وقصركي والشدادي ومركدا وأم مدفع أي تتركز في المناطق الجنوبية من المحافظة علما أن المنطقة الشمالية من الحسكة وفيرة الأمطار لكن الكمأة لا تنمو فيها لكون أراضيها رخوة وغير متماسكة على عكس أراضي المنطقة الجنوبية والبادية.
وبين ناجي إسماعيل إدريس وهو متخصص في جني الكمأة وبيعها ان الأنواع الموجودة حاليا في الأسواق أغلبها شتوي فيما ينضج الزبيدي الذي يتصف بنكهة ورائحة مميزة في شهر أبريل.
بدوره قال علي المداد وهو تاجر كمأة إن الكميات الموجودة حاليا في الأسواق أغلبها تأتي من أراضي المحميات الخاصة في البادية «منطقة الرغل» وتمتاز الحسكة بوجود 3 أنواع للكمأة أهمها الزبيدي ولونها أبيض وهي الأكثر حاليا في الأسواق والحدج ولونها أسود والحرقة لونها بني داكن.
وأضاف ان أغلب الكميات التي كانت في الأسواق خلال السنوات السابقة كانت مستوردة من بعض الدول العربية وتباع بأسعار مرتفعة ولكن هذا الموسم يبشر بخير وموسم وفير حيث يقدر وسطي الكميات الموجودة في الأسواق حاليا ومازلنا في بداية الموسم بأكثــر من طن علما أنه في موسم 1998/1999 وصلت الكميات في الأسواق يوميا إلى 15 طنا.
وقال علي الأسود أحد سكان البادية ويعمل بجني الكماة إن ظهورها يرتبط بظهور زهرة اسمها الخشخاشة أو الجريد في الأراضي الرملية ومجرد ظهورها في الأرض يدل على وجود الكمأة كما أن ظهور نبتة اسمها الشيخ في منطقة البادية يدل على محصول وفير إضافة إلى دلالات أخرى كتشقق سطح الأرض أو تطاير الحشرات فوق مواقع معينة وبمجرد العثور على كمأة واحدة نبدأ بالبحث حولها بشكل دائري ونجني يوميا ما يقارب 10 كيلوغرامات وتتراوح أسعاره بين 250 و400 ليرة وذلك حسب أنواعه وقد ظهرت العديد من النباتات خلال هذه الفترة في الأراضي الرملية ولم تشهدها المحافظة منذ 4 سنوات كالعكوب والخبازة والجنيبرة والفطر الذي ينمو في الأراضي البعلية والأراضي التي لم تتم زراعتها لأكثر من موسم.