أحمد الوسمي
كل من يتابع الحركة الفنية في منطقة الخليج عامة والكويت على وجه الخصوص يشعر بوجود طفرة انتاجية واضحة في اتجاه الاعمال العاطفية والرومانسية هذا العام، وهي الخطوة التي ظلت لسنوات طويلة جامدة دون حراك حتى جاءت الدراما التركية لتحرك المياه الراكدة، بدءا بمسلسل «سنوات الضياع»، مرورا بمسلسل «نور» ومن ثم سلسلة اعمال اخرى بطلتها «لميس»، وهذه الطفرة أو الصحوة إن صح التعبير لها مبررات كثيرة ومختلفة، ويأتي في مقدمتها أن تأثير الدراما العاطفية على المشاهد العربي كان له أثر بالغ وواضح، في حين أثر سلبا على الدراما الخليجية التي ظلت تطل برأسها بين الفينة والاخرى بصورة خجولة معتمدة على نجوم الصف الاول الذين ينتظرهم المشاهد في كل رمضان. وقبل أن نتطرق الى ظاهرة اقتحام الدراما التركية لبيوتنا عنوة دعونا نتوقف عند مجموعة من المسلسلات التي أنتجت اخيرا، ومنها ما تم عرضه ومنها ما لا يزال قيد التصوير، ومن هذه الاعمال التي انطلقت قبل عامين مسلسل «ليلى» للفنانة هيفاء حسين والذي حقق نجاحا ظل مغمورا بسبب المارد التركي، وفي رمضان الفائت، كما قدم لنا الكاتب الشاب فهد العليوة مسلسل «ساهر الليل» الذي ترك خلفه أثرا ايجابيا لعفوية القصص العاطفية التي جمعت أبطاله، وكان لهذا المسلسل الذي أبدع في اخراجه محمد دحام الشمري دور رئيسي في اتجاه بعض المؤلفين والمنتجين للبحث عن الجديد والمفقود في الدراما المحلية، فانهالت مجموعة من المسلسلات دفعة واحدة، منها «للحب زمن آخر، تو النهار، الحب وحده لا يكفي، الحب البريء، وجريمة العاطفة» والاخيران يفضل منتجهما عدم الكشف عن تفاصيلهما حتى تكتمل الصورة بالنسبة له.
ومن خلال التدقيق في كتّاب الساحة المحلية، نجد أن المعضلة الحقيقية التي تواجهنا هي افتقارنا للكاتب الذي يملك إحساسا مرهفا يستطيع من خلاله نسج مجموعة من القصص الغرامية الصادقة التي يمكن أن تشكل بيوتا نرجسية مليئة بالعاطفة ومشحونة بالأحاسيس تشبه ما يقدمه الاتراك من عاطفة جياشة، وربما تكون تجربة فهد العليوة هي الاقرب، كونها تجربة حديثة العهد وسيكون للكاتبة السورية الواعدة سلام أحمد قول آخر عندما يرى النور مسلسلها الجديد «للحب زمن آخر» والذي تقدم فيه كيف يتصارع الانسان مع ذاته من أجل ان يظل الحب قائما، هذا الخيط الرفيع الذي يلامس خط التماس في مشاعرنا هو ما نفتقر إليه في وسط قضايا الطلاق والنصب والاحتيال والإدمان والجشع.. إلخ.
ويظل السؤال هل تستطيع الدراما الخليجية مقارعة الدراما التركية في كل شيء؟ بالتأكيد ستكون الاجابة لا، لكننا نستطيع ان نقدم دراما جيدة، والسبب ان سقف الحرية عند الأتراك كبير ويمكن ان يتجسد ذلك من خلال أداء المشاهد التمثيلية، بحيث تكون الاقرب الى الواقع، وهو ما يؤثر في المشاهد بشكل مباش، ولكنه يتعارض مع عاداتنا وتقاليدنا فمن غير المعقول ان تقبل ممثلة خليجية بمشهد حميمي ولو بالكلام وكل من يتابع النسخة الأصلية من الدراما التركية سيكتشف أن مقص الرقيب «شرذم» المشاهد بنسبة لا تقل عن 80% وبلا شك سيتحمل المخرجون المسؤولية، لذلك لابد أن يفكروا في حلول بديلة وناجعة ومقنعة يمكنها أن تعطينا مشاهد رومانسية صادقة مع احترام العادات والتقاليد، ولعل المخرج محمد دحام الشمري خير من نجح في ذلك في «ساهر الليل» دون المساس بحياء الممثلات أو استفزاز المشاهدين خلف الشاشة. إذن الى جانب القصور الكبير في الكاتب التلفزيوني الذي يفقه في تقديم الدراما العاطفية نفتقر الى المنتج الذي يغامر في انتاج عمل لا يتضمن الاثارة المشهدية سواء في الحوارات الجريئة أو الملابس القصيرة مثلما اعتادت بعض المسلسلات، وان غالبية المنتجين باتوا يعتمدون على إقحام نماذج سلبية وشاذة تستفز المشاهد وتكون حديثا عند الناس.