بيروت ـ ندى مفرج سعيد
نشر موقع «صوت بيروت» الصور الأخيرة للمخرج اللبناني يحيى سعادة قبل ساعات من رحيله بسبب صعقة كهربائية في محطة القطار في منطقة أزمير في تركيا، حيث كان من المقرر أن يصور للفنانة مايا دياب كليبا.
وتظهر الصور كيف يدرب المخرج مايا على الرقص تمهيدا لتصوير الكليب ويعاين ملابسها التي صممها لها المصمم اللبناني نيكولا جبران والذي كان من المفترض أن يرافقهم الى تركيا وعدل. وقال نيكولا جبران لـ«الأنباء»: من الصعب أن أعبر عن إحساسي في هذه اللحظة، لكن أكيد سأفتقده، فهو رافقني منذ بدايتي ففرحنا معا وكبرنا معا. وبصراحة كنت أعمل معهم على الكليب الذي كان يفترض أن يصوره لمايا دياب، وكان يفترض أن أتواجد معهم في تركيا، لكن لظروف طارئة في العمل لم أذهب، لكنني كنت أقول ليحيى ان يؤجل العمل، فكنا نشعر بأن هنالك شيئا غريبا، لكنه أصر على السفر في هذا الوقت وكأنه كان ذاهبا الى هناك للموت.
وحول السبب الذي حمل يحيى على مد يده الى الكابل وهو يعرف أن فيه خطرا حتميا قال: كان يحيى إنسانا عنيدا ويحب المخاطرة، ولو لم يكن هكذا لما وصل الى ما وصل اليه اليوم، أي الموت، وأعتقد أنه يجب أن ننتظر الكثير من الوقت ليخلق لنا مخرج كيحيى سعادة لا يعرف التقليد، إذ من الصعب إيجاد شخص مثله، وسنستكمل مسيرته جميعا مع كل فريقه الكبير.
وعلمت «الأنباء» ان الفنانة مايا دياب قررت إعادة تصوير كليب أغنية «بنت اليوزباشي» التي كانت ستصورها مع المخرج يحيى سعادة قبل أن تصعقه الكهرباء، على ان يأتي التصوير بنفس أفكار المخرج الراحل، وستحتفظ بتوقيعه على الكليب، وستتعاون فيه مع نفس فريق عمل سعادة، والمنتج المنفذ للكليب ايمان شقيقة يحيى، وسيتم تصويره بعد فترة، بمجرد تمالك شقيقة المخرج لقواها.
من جهة أخرى روى الإعلامي عماد هواري الذي كان موجودا الى جانب المخرج مع شقيقته إيمان ومن مكتبه دايفس وفريق تركي لـ «الأنباء» ما حصل في تركيا بالتفصيل فاللحظات الاخيرة من مقتل المخرج، حيث قال: وصلنا الجمعة الى أزمير وكان يفترض أن نصور الكليب السبت. وقد سبقنا يحيى الى اسطنبول، حيث كان يفترض تصوير الكليب في محطة حيدر باشا، إلا أن المحطة التاريخية التهم سقفها حريق في 28 نوفمبر، فقالت له مايا دياب انها شعرت بفأل سوء، وطلبت منه تصوير الكليب في لبنان، لكنه أصر على تصويره في أزمير.
وأضاف: كنا نزلنا في فندق الهيلتون، وعندما وصل يحيى الى الفندق تمنى أن تكون غرفته تشرف على البحر لأنه يحب المنظر، وجلس مع مايا دياب ومعنا يسأل الفنانة عن الثياب التي سترتديها وهي من تصميم نيكولا جبران، وسألها كم فستانا جلبت معها ويقول «إن شاء الله ما يكون في حديد في الفستان لأنه يجب أن ترقصي ولا أريد أن يحدث معي كما حصل خلال تصوير كليب هيفاء وهبي، حيث لم تتمكن من الرقص في آخر كليب بسبب الفستان». وجلسنا نمازح بعضنا وقال إنه تمنى لو بقي في اسطنبول ليشاهد منظر الثلج المتساقط. وقال يحيى لمايا: لم يعجبني القطار في محطة أزمير فطلبت جلب «قطار بموت» من منطقة أخرى.
بعد ذلك طلب منا ان نرتاح في غرفنا لنلتقي الساعة الثالثة في محطة أزمير لتمارين الرقص، وقال انه سيذهب الى المحطة لمعاينة المكان. وذهبت معه شقيقته إيمان ودافيس وأنا والفريق التركي. وراح يحذر الجميع من ملامسة الشريط لأنه يحمل الخطر على الحياة. لنراه فجأة يصعد الى ظهر القطار، فقالت له إيمان إنها ستعمل على قطع التيار الكهربائي عن المحطة، لكن في لحظات رأيناه يشد بكنزته ويغلف كفه بها، وسمعنا دويا كبيرا ووميضا ليطير ثم يقع على الارض وقبل أن يفارق الحياة قال لشقيقته «لا أشعر بجسدي ساعديني وامسكي بيدي لا تتركيني».
أما انطوان سعادة والد المخرج فقال لـ «الأنباء»: كان يحيى يؤمن بأن الانسان جسد وروح إذا مات الجسد تبقى الروح حية ترش بذورها وعطاءها على الأحباب والعائلة والاصدقاء. فهو لم يكن يتحمل حتى ثيابه عليه وكأنه كان يشعر بأنه في سجن في لبنان، لأنه كان يريد أن يخلع كل هذه التقاليد القديمة التي لم يكن يؤمن بها، كان يطلب التحرر ويسعى اليه. كلما أصابه مكروه كنت أشعر وكأن شيئا يطعنني في قلبي، وكأن روحي متصلة بروحه.
من جانبه اكد مايك فغالي انه حذر المخرج الراحل يحيى سعادة من الموت وقال لـ«النشرة»: سعادة أخ وصديق ومن خوفي ومن حرقتي عليه حذرته، وارسلت له خبرا من بعض المقربين جدا له، ولكن ما يفرضه رب الكون هو ما سيحدث على الارض، وانا وبالرغم من آلام الفراق وحسرة موته فرحت له كثيرا، فهو حيث موجود الآن سيكون اكثر سعادة منا، فهناك سيعرف قيمته الحقيقية ولن يحاربه احد كما كان يحدث معه على الارض واصبح في السماء سأصلي له كما اصلي لوالدي من الآن فصاعدا.