محمود عابدين
انفرد ثلاثي الكوميديا عادل امام، محمد سعد وأحمد حلمي ببسط نفوذهم الكوميدياني على الساحة الفنية بثلاثة اعمال هي «مرجان احمد مرجان» لإمام، «كركر» لسعد و«كده رضا» لحلمي، متقدمين بأفلامهم على زملاء المهنة.
«مرجان أحمد مرجان» دراما تجمع بين الواقع في ترهل ظروفه الاجتماعية، والتغيرات التي طرأت على سلوك الناس، فهذه الشخصية الجاهلة بأدوات العلم، العالمة والقادرة في الوقت ذاته على جمع المال بأكثر من وسيلة استطاع من خلالها المخرج علي ادريس ان يقتص من اصحاب السطوة والنفوذ، اذ اضفى على شخصية مرجان هالة من القوة والحظوة نتيجة امتلاكها للمال في الوقت الذي لم تستطع فيه الشخصية كسب نظرة الاحترام من أعين الكثيرين بسبب جهلها وسلوكها اللذين تعودت عليهما، وبهذا المنطق وهذا التجسيد سلك النجم الكبير عادل امام الطريق الصحيح عندما ظهر بسن تناسب وضعه وشخصه، وان كنت أعيب عليه تدخله في رسم الشخصية التي يوافق على لعبها، اما الرقيقة ميرفت أمين فلا اقل من ان توصف بدينامو العمل بالكامل رغم انها نأت بدورها عن الكوميديا وكان التألق من نصيبها.
«كركر» كل من ذهب لمشاهدة الفيلم يؤكد انه يهدف بالاساس الى مشاهدة شخص الكوميديان محمد سعد، هذه الشخصية المعتوهة الفاقدة للقدرة على النطق السليم استطاع ان ينتزع الضحكة من صدور المشاهدين باقتدار، الامر الذي خلق نوعا من عدم منطقية الاحداث في ارادة «كركر»، وإصراره على تكوين عائلة، وهو المجنون؟ باعتقادي - كمشاهد - ان هناك خللا ما في البناء الدرامي للفيلم، لكن ما شفع للعمل ككل في النهاية هو كما اشرنا، الضحك ولا شيء غير الضحك في زمن تاهت فيه معالم الوعظ والافتخار بانتقاء الادوار، اما اللذيذة ياسمين عبدالعزيز، فقد اجادت في اداء دورها داخل حلبة الصراع الكوميدي للفيلم.
«كده رضا» أعيد تكرارا - حتى ولو لم تكن منه فائدة - ان الهدف من الكوميديا المساقة في اطار السخرية من الواقع الأليم بكل ما يحمله من تناقضات تظهر غياب الضمير الأمني، والتواصل الاجتماعي، ولكن الفيلم في مجمله لاقى استحسانا عند المشاهد، صحيح ان العمر الفني للفنان الشاب احمد حلمي قصير بالنسبة لكبار الكوميديا العربية، وتحديدا المصرية، الا انه استطاع - وبثبات - ان يحافظ على جماهيريته من خلال ادائه الرائع لدور التوائم الثلاثة، فالقيام بدور 3 شخصيات مختلفة الطباع لفرد واحد، هو أمر صعب للغاية، خصوصا عندما يتطلب منه الامر في احد المشاهد شخصيتين في الوقت والمكان ذاتهما، ومع ذلك اقول ان العمل بحد ذاته بعيد عن الواقع، اذ كيف لأب، لا مهنة له سوى السرقة والنصب ان يستمر فترة طويلة في خداع المجتمع بما فيه الامن عن طريق تسجيل توائمه الثلاثة بشهادة ميلاد واحدة لأسباب يراها - من وجهة نظره - كالتوفير في المصروفات الدراسية، ودرء الحسد عنهم، وكذلك العمل على منعهم من أداء الواجب الوطني؟!
تلخيصا، هذا هو الواقع وما يحتاج اليه من كوميديا ممزوجة بالتراجيديا لواقع مقلوب.
الصفحات الفنية في ملف ( pdf )