مفرح الشمري
تتواصل أنشطة مهرجان القرين الثقافي بدورته الـ 17 الخاصة بضيف شرف المهرجان هذا العام وهي جمهورية مصر العربية، حيث التقى الوسط الاعلامي والفني مساء أمس الاول في جمعية الصحافيين بالإعلامي القدير وجدي الحكيم ليقف شاهدا على عصر ذهبي أسس للذائقة العربية، كما يقف شاهدا على عمق الروابط الثقافية المصرية ـ الكويتية خلال نصف قرن من الزمان، فهو إذن صاحب شهادة مزدوجة يلتقي فيها ما هو إعلامي وفني بما هو سياسي. ينتمي الحكيم إلى مصر تاريخا وميلادا، كما ينتمي إلى الكويت خبرة وتجربة وصداقات لا حصر لها. إنه أفضل وجه يعبر عن تلك العلاقة بين البلدين رسميا وشعبيا في مجال حيوي جدا، هو مجال الثقافة والفن والإعلام والإبداع. ولعل هذه الأسباب هي التي حفزت اللجنة العليا المنظمة لمهرجان القرين الثقافي للاحتفاء به، في جمعية الصحافيين بحضور الأمين العام المساعد للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب عبدالهادي العجمي والسفير المصري طاهر فرحات ورئيس جمعية الصحافيين أحمد بهبهاني ومدير المهرجان سهل العجمي وحشد كبير من الفنانين والإعلاميين والديبلوماسيين. ورغم فيض الحكايات والذكريات لدى قامة إعلامية كبيرة شهدت عن كثب تأسيس التلفزيون في مصر والكويت، والانطلاقة الكبرى لإذاعتي البلدين في خمسينيات القرن الماضي، الا انها حكايات لا تخلو من عبر ودروس،
سنحاول أن نجملها فيما يلي:
في بداية اللقاء الذي أداره الإعلامي فوزي التميمي، دلل الحكيم عبر شواهد كثيرة على عمق الارتباط التاريخي بين الكويت ومصر، ثقافيا وفنيا، فأشار إلى أن أول حفل لأم كلثوم خارج مصر كان في الكويت بعد أن أقنعها به عبدالعزيز جعفر وخالد الشريعان. وكذلك أول حفل يغني فيه الموسيقار بليغ حمدي على خشبة المسرح وأمام الجمهور كان في سينما الأندلس، وأول حفل لسيد مكاوي كان أيضا في سينما الأندلس. كما كانت هناك تجارب مسرحية مهمة في الكويت لكتاب مصريين مثل محفوظ عبدالرحمن وألفريد فرج.
ليؤكد الحكيم أنه خلال خمسين عاما لم يتوقف التعاون الفني والإعلامي بين البلدين على المستوى الرسمي، أو على مستوى التجارب الفردية.
توثيق الإبداع
وأشار الحكيم إلى تاريخ طويل من التسجيلات النادرة واللقاءات التي جمعته بعمالقة الفن وعلى رأسهم أم كلثوم وعبدالوهاب. وحكى عن أول لقاء جمعه بموسيقار الأجيال وهو في بداية مشواره الإعلامي وكيف تأخر عليه ساعتين فعاتبه وأعطاه نصيحة ذهبية في الانضباط والالتزام وقال له «أنت لازم تعمل شغلك 100%» وعندما سأله عن اسمه فقال: محمد وجدي حسن الحكيم المحجري، فرد عبدالوهاب مازحا: «دي مظاهرة مش اسم» واختار له اسم الشهرة «وجدي الحكيم» للتناغم بين الياء في الاسمين.
ومن خلال علاقته الوطيدة بموسيقار الأجيال التقى الحكيم عمالقة الفن والثقافة مثل عبدالحليم حافظ، إحسان عبدالقدوس، توفيق الحكيم، العقاد، مصطفى أمين وغيرهم.
كما يروي كيف ظل 18 سنة يطلب من كوكب الشرق التسجيل معها وهي تتهرب لأنها ترى أن رسالتها الوحيدة هي الغناء وليس «الكلام»، فهي حتى في أغانيها لم تكن تتكلم ولا تقدم من معها، ولا تمشي أمام الجمهور، بل تفتح الستارة مع وقوفها مباشرة أمام الجمهور، وعادة تكون المقدمة الموسيقية طويلة لتتيح لها فرصة تأمل جمهورها عن قرب قبل أن تغني له.
وبحكم وجوده في لجنة النصوص الغنائية تعرف أيضا على كبار الشعراء أمثال أحمد رامي، عزيز أباظة، طاهر أبو فاشا، محمود حسن إسماعيل، صلاح عبدالصبور وغيرهم.
عشرات من النجوم والمشاهير مروا في طريقه وكانت له معهم ذكريات وتسجيلات، ولهذا السبب شدد الحكيم على أهمية نشر مثل هذه التسجيلات وإعادة عرضها تلفزيونيا للأجيال الشابة لتعزز روح الانتماء إلى الوطن، لأن الانتماء لا يأتي من خريطة على الحائط بل من الارتباط بالرموز. واعتبر أن هذه التسجيلات هي مشوار عمره وأفضل تأريخ لمسيرته الإعلامية.
الليلة المحمدية
تعتبر «الليلة المحمدية» السادسة والتي أعقبت الاحتلال الغاشم للكويت عام 1990 محطة لا تنسى في مسيرة الإعلامي الكبير، فهو الدينامو والجندي المجهول الذي وقف وراءها، لتمثل موقفا وطنيا ومبدئيا ضد الغزو الغاشم.
وقال إنه قرر أن تخصص تلك الليلة للتضامن مع الكويت وشعبها في تلك المحنة، بالاتفاق مع الشاعر الكبير الذي كتب دراما وأغنيات تلك الليلة والموسيقار جمال سلامة، وكان من المقرر أن يؤدي أغنية «اللهم لا اعتراض» الفنان شادي الخليج لكنه اعتذر لانشغاله بالسفر، فذهب الحكيم إلى أصدقاء كويتيين كانوا في أحد الفنادق والتقى بالمصادفة الفنان الشاب آنذاك وعملاق الاغنية العربية والخليجية حاليا عبدالله الرويشد ورشحه لتقديم الأغنية وبالفعل سجلها قبل ليلة واحدة من الحفل.
وذكر الحكيم أن الأزهر اعترض على جملة «ومسجد أنا بنيته بيقول دا مسجدي» وتعقد الموقف لولا فطنة الإعلامي يوسف الجاسم الذي اقترح تغييرها إلى «ومسجد لله بنيته» فلاقى التغيير استحسان الأبنودي وحلت الأزمة.
وأشاد الحكيم بموقف الفنانة القديرة سعاد عبدالله التي ترددت في تقديم الرويشد مبدية رغبتها في تقديم عمل أكبر، لكنه أقنعها بالحضور والاستماع إلى الكلمات التي ستقولها ثم فوجئ بها تصعد إلى خشبة المسرح وتعبر تعبيرا دراميا عما حدث للكويت بصورة أثرت في الجميع. فكانت «الليلة المحمدية» بكائية في حب الكويت.
وفي هذا السياق أكد الحكيم على محبته للكويت التي كانت بوابته إلى الخليج كله، والتي يشرف بالإقامة فيها وإن لم يكن له بيت فيها. وهنا عقب الإعلامي فوزي التميمي بأن قلوب الكويت جميعا هي بيتك.
واعتبر الحكيم أن دعوته وتكريمه في القرين بمثابة المنديل الذي يجفف به عرقه.
ثم كان للحضور مداخلات ثرية تضيف إلى جوانب مختلفة لهذا اللقاء، فالفنان القدير منصور المنصور أعاد التأكيد على أن كل بيوت الكويتيين هي بيتك، وأشار إلى أن علاقته بالحكيم تعود إلى الستينيات من القرن الماضي وأن والده كان ينصحه بالاستماع إلى صوته. الإعلامية منى طالب أكدت على أن المحبة متبادلة بين الشعبين المصري والكويتي، وأن الكثيرين من أهل الكويت لهم بيوت في مصر وفي هذه البيوت التي كانت عامرة باللقاءات والحفلات التقت معظم نجوم العصر الذهبي مثل السيدة أم كلثوم وفايزة أحمد ونجاة.. كما ان الكثيرين من رموز الكويت تعلموا ودرسوا في مصر.. فهي أم الدنيا والرئة التي نتنفس منها أوكسجين الحياة.
بدورها رحبت المحامية والناشطة نجلاء النقي باستضافة الإعلامي وجدي الحكيم والاحتفاء به، وأشادت بسيرته ومسيرته الإعلامية المشرفة لكل عربي..
كما أعلنت عن استضافة وتكريم صالون نجلاء النقي للإعلامي الكبير مساء بعد غد (السبت) مؤكدة أن بيوت الكويت كلها هي بيته.
الحكيم في ملتقى نجلاء النقي غداً
يعقد ملتقى نجلاء النقي غداً «السبت» مؤتمرا صحافيا للإعلامي القدير وجدي الحكيم بحضورالمطربة القديرة نجاح سلام والفنان القدير منصور المنصور ونخبة من الفنانين والإعلاميين وذلك في مقر الملتقى بمنطقة سلوى ق2 م388 في الواحدة ظهرا.