مفرح الشمري
في 26/10/2005 زار البلاد المخرج العالمي الراحل مصطفى العقاد بدعوة من وزارة الإعلام ليحل ضيفا على برنامج الاعلامية غادة الرزوقي الذي كان يبث على الهواء في شهر رمضان في ذلك العام، «الأنباء» انفردت باستقبال «العقاد» في قاعة التشريفات بمطار الكويت الذي سلّم بحرارة على كل مستقبليه بروح حلوة وفكاهية تدل على نفسه الشفافة في تعامله مع الآخرين.
العقاد الذي لم يمتنع عن اجابة اي سؤال وجهته له حتى ولو كان فيه نوع من الإحراج، لكن لأنه مخرج عالمي فقد كان يعرف كيف يجيب عن الأسئلة بحرفنة، وأدهشني عندما هاجم المخرج يوسف شاهين بأسلوب راق بعيد عن الهمجية التي نراها الآن ونسمعها حينما أحرق الكتب في فيلم «ابن رشد»، حيث لامه بشدة لأن هذا المشهد اعتبره إهانة للمسلمين.
كان العقاد عندما يتكلم عن الكويت يقف لدقائق ثم يعود ويكمل، سألته: لماذا هذا التوقف؟ قال: صدقني مهما تحدثت عن الكويت وأهلها لا يمكن ان أوفيها حقها، خاصة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد عندما كان رئيسا لمجلس الوزراء ووزير الإعلام الأسبق محمد العسعوسي ووزير المالية الأسبق عبدالرحمن العتيقي وغيرهم من الذين وقفوا معي في بداية حياتي الفنية، وأضاف والشوق في عينه: جئت أشكر الكويت حكومة وشعبا على وقوفها معي ولأنني بدأت من الكويت أعتبر نفسي رجعت لجذوري حتى أتذكر ايامي الجميلة مع اصدقائي الأعزاء.
العقاد في حديثه معي بدا متفائلا، ولم تفارق الابتسامة محياه، وتحدث عن مشاريعه السينمائية المقبلة منها «صلاح الدين الأيوبي» و«صبيحة الأندلسية» الذي كان يهدف من خلالهما لاظهار الصورة المشرقة للحضارة الاسلامية وإدانة كل اشكال الإرهاب، وكان يريد الاستعانة بنجوم عالميين حتى يخاطب الغرب بلغة يفهمها.
وغادر العقاد الديرة متجها الى الأردن لملاقاة ابنته ريما فطالته يد الغدر والإرهاب، بينما كان ينتظرها في بهو فندق «حياة عمان» الذي وصل اليه قبل ساعة من حدوث التفجيرات، وبدلا من ان يستقبل ابنته ريما بالأحضان والقبلات تحول كل شيء فجأة الى بركان من نار ودم وأشلاء، نقل العقاد وابنته الى المستشفى فلفظت ابنته آخر انفاسها فور وصولها الى المستشفى، الأمر الذي جعل حالة العقاد الصحية تتدهور بعد سماع خبر مصرع ابنته، فأصيب بأزمة قلبية انتهت برحيله في 11/11/2005، وضاع حلم «صبيحة الأندلسية»!
هذه حكاية الصورة التي جمعتني مع ألمع المخرجين العرب العالميين مصطفى العقاد والتي أصبحت من اجمل الصور التي أنظر اليها باعتزاز وفخر، لأن «الأنباء» كانت آخر صحيفة عربية تحدث اليها العقاد رحمه الله.
الصفحات الفنية في ملف ( pdf )