محمد ناصر
تتميز الدراما السورية عادة بمواضيعها الزاخرة والمتنوعة، وان كانت بدايات انتشارها على مستوى الفضائيات عبر الفانتازيا التاريخية، وتلك المسلسلات التي ترصد حقبات معينة من تاريخ المنطقة، «اخوة التراب» و«الجوارح» وغيرهما.
من جانبه، بدأ المخرج بسام الملا بمسلسلاته عن الحارة الدمشقية القديمة التي تعالج مواضيع حدثت بالفعل أواخر القرن التاسع عشر وحتى بدايات القرن العشرين، فكان مسلسل «ايام شامية» الذي حصد نجاحا كبيرا ثم أتبعه بمسلسل «الخوالي» الذي فاق بنجاحه اي مسلسل آخر للملا، حتى قدم عام 2003 مسلسل «ليالي الصالحية» الذي استمر في تحقيق المكاسب للملا كمخرج، وللفضائيات العربية التي تسابقت على شرائه وعرضه.
وعندما عرض الملا العام الماضي مسلسل «باب الحارة» بجزئه الاول قوبل العمل بهجوم شديد من قبل النقاد الذين رأوا فيه مسلسلا لتعليم صنع الكبة الشامية، معتبرين الملا بمسلسله هذا لا يضيف اي جديد الى مسلسلاته الثلاثة السابقة، وكل ما فعله هو عبارة عن استثمار تاريخه.
وعلى عكس رأي النقاد، جاء الاحتفاء الشعبي العريض بالمسلسل كبيرا لدرجة تفوق شعبية «ليالي الصالحية»، الاكثر إتقانا وتشويقا وحبكة، ما حدا شركات الإنتاج الفنية على شرائه.
وبناء على رغبات الفضائيات جاء الطلب الملح من الملا بالتصدي لإخراج جزء ثان من «باب الحارة».
وبعدما كان اسم الملا ضمانة واضحة لنجاح اي عمل يتحدث عن المجتمع الدمشقي، وبعدما كان يعتبر اللاعب الاساسي، بل والوحيد، في مجال اخراج هذا النوع من الدراما، دخل هذا العام حلبة المنافسة مع مخرجين آخرين هم: هشام شربتجي في مسلسل «جرن الشاويش» وسيف الدين السبيعي في مسلسل «الحصرم الشامي» ورضوان شاهين في «كوم الحجر».
ومن المفارقات الواجب التوقف عندها ان المنافسة الشديدة بين مسلسلات «الحارة الدمشقية» استشرت بين الفضائيات التي تسابقت على عرضها ففازت اوربت بالعرض الحصري لـ «الحصرم الشامي» وتلفزيون الكويت بالعرض الحصري لـ «كوم الحجر» وتلفزيون الجديد والفضائية السورية وقناة شام بعرض مسلسل «جرن الشاويش» اما مسلسل «باب الحارة» فقد تم شراؤه من قبل «mbc»، قطر والليبية.هذا ولم تخل هذه المسلسلات من المشاكل، حيث امتنع كاتب «باب الحارة» الجزء الاول كمال مرة عن كتابة الجزء الثاني وانتقل لكتابة مسلسل «كوم الحجر» الذي يرصد الحياة السياسية والثقافية في سورية من فترة 1932 حتى 1936، وتدور احداثه في منطقتين متجاورتين هما مدينة حلب ومنطقة تدعى كوم الحجر، ويشهد العمل عدة احداث متتالية، منها انتخاب اول رئيس لسورية وهو محمد علي العابد وتوقيع معاهدة الاستقلال بعد اضراب الخمسين يوما عام 1936، كما يتناول المسلسل نضال الشعب السوري في تلك المرحلة المهمة من تاريخه ويؤدي شخصيات العمل مجموعة من النجوم السوريين: بسام كوسا، سلوم حداد، منى واصف، سلمى المصري، نورا رحال، زهير رمضان وعبدالهادي صباغ.
يقدم مسلسل «جرن الشاويش» اضاءات ومحطات وايقاعات متفردة تُعيد لدمشق القديمة سحرها الاجتماعي من خلال عزف منفرد تتلون موسيقاه بالحب والجمال، أعد الفكرة د.نبيل طعمة، وكتبت السيناريو سلمى اللحام، ويبتعد المسلسل عن الاجواء التقليدية التي شابها التكرار في المسلسلات الاجتماعية الشامية، التي قدمت في السنوات الماضية، كما صور المسلسل في احياء حقيقية، وفي حارات وأزقة دمشق القديمة.
يستند مسلسل «الحصرم الشامي» الى وثيقة تاريخية وهي «حوادث دمشق اليومية» للبديري الحلاق، وهو عمل تاريخي بعيد عن الفولكلورية، ويتحدث عن فترة حكم سليمان باشا العظم بين 1740 - 1780، كما يبحث في الصراع الذي كان يحدث بين اتباع الليبرالية، وهم زعماء العصابات الذين كانوا يحاولون السيطرة على تجارة القمح في ذلك الوقت وبين الوالي سليمان باشا العظم وبالتالي السيطرة على مدينة دمشق، وهذا الصراع الذي كان يأخذ في طريقه الفقراء والمعوزين.
العمل من اخراج سيف الدين سبيعي، وبطولة خالد تاجا، عباس النوري، كاريس بشار، رفيق الدين سبيعي، وغيرهم.
مع بداية شهر رمضان بدأ يتوالى عرض حلقات المسلسلات الأربعة لتكون للنقاد كلمة، وللجمهور ألف كلمة وكلمة، وبالتالي هو من سيحدد مدى شعبية أغا من هذه الأعمال، وهل يتفوق اي من المسلسلات الثلاثة الجديدة على «باب الحارة» ام ستستمر ظاهرة باب الحارة لهذا العام، على الرغم من حصول المسلسلات الثلاثة الأخرى على تقدير فني أعلى من مسلسل «باب الحارة»؟
الصفحات الفنية في ملف ( pdf )