محمد ناصر
من النادر في عالمنا العربي ان يتفوق اسم كاتب مسلسل على كبار نجومه، ومن الصعب ان يستطيع اسم الكاتب ان يكون سببا اساسيا لموافقة النجوم على المشاركة في العمل، الا في حالات نادرة، وعلى رأسها الكاتب الكبير اسامة انور عكاشة اكثر كتاب الدراما العرب مقدرة على تشريح المجتمع بتناقضاته الصارخة وعلى ربط احداث العمل برصد تاريخي وزمني كحالة مسلسل «الشهد والدموع» الذي صوّر لنا اسرة رضوان الحلواني بتشعباتها الدرامية وارتباطها بالأحداث الزمنية في تلك الفترة، وكذلك الامر مع مسلسل «ليالي الحلمية» الذي انتقل فيه من الاسرة الى مستوى الحي او المنطقة ثم حاليا على مستوى القرية او مدينة المركز في مسلسل «المصراوية».
ستة أجزاء
و«المصراوية» الذي يعرض حصريا على قناة دبي تبدأ احداثه مع بداية فترة الحرب العالمية الاولى عام 1919 من خلال قرية بشنين بشمال الدلتا وعمدتها «فتح الله» فتى القرية وفارسها الذي تتوزع من بين يديه الاحداث لتتجمع بحكايات تؤرخ لمصر من عام 1919 حتى اوائل القرن الـ 21 وذلك في ستة اجزاء في محاولة من عكاشة للعودة الى ميدانه الاساسي وهو مسلسلات الاجزاء بعد اعماله المميزة من «ليالي الحلمية» وصولا الى «زيزينيا».
خاتمة أعماله
وبحسب الكاتب الكبير فإن هذا المسلسل سيكون خاتمة اعماله وخلاصة تجربته في الكتابة التلفزيونية وسينهي به مشوارا حافلا وغنيا بالأعمال التي رسمت خطا جديدا في عالم الدراما المصرية والعربية، ولكن هل ينجح اسامة انور عكاشة واسماعيل عبدالحافظ في ان يقدما لنا عملا عبارة عن مسك الختام بالنسبة لكاتب كبير؟ وهل يستحق هذا العمل ان يكون عصارة تجربته؟
العرض الحصري
من البديهي ان يتم تقييم هذا العمل من جزئه الاول، فـ «ليالي الحلمية» و«زيزينيا» شكلا ظاهرة جماهيرية كبيرة من جزأيهما الاولين وهو ما عجز عنه حتى الآن مسلسل «المصراوية» بل ولم ينجح في الوصول حتى لنسبة مشاهدة عادية، ولا نعلم ان كان العرض الحصري هو السبب في ذلك او لا، خاصة مع تزامن عرضه على تلفزيون دبي فقط بذات التوقيت مع مسلسل حصري آخر هو «الملك فاروق».
ففي ظل المنافسة الفضائية الشرسة التي تغرقنا بعشرات المسلسلات عانى العمل من المط والتطوير بطريقة مبالغ فيها ولم تشهد احداثه تصاعدا دراميا بل حفلت بالبطء، هذا بالاضافة الى تشتت الاحداث، فنرى بطلة العمل المصراوية غادة عادل مثلا في الحلقة السابعة لتغيب ثلاث حلقات متتالية بعدها.
نجوم الصف الأول
إلا ان ما يحسب للعمل هو كسره لقاعدة نجوم الصف الاول في مصر وعلى الرغم من وجود هشام سليم وغادة عادل وروجينا فإن هذه الاسماء مع براعتهم التمثيلية لا يستطيعون ان يحملوا مسلسلا كاملا حسب عرف الدراما المصرية، فاستطاع الكاتب والمخرج وطاقم العمل الخروج من دائرة النجوم، فبرهن المسلسل عن علو كعب هشام سليم الذي برع كعادته دوما بأداء اي شخصية تسند اليه، وكذلك الأمر مع روجينا، اما غادة عادل فلم نر حتى الآن ما يستحق ان يطلق من اجله اسم عمل كامل من ستة اجزاء نسبة الى دورها، وتبقى «ست اخواتها» وهو دور سميحة ايوب في المسلسل سيدة التمثيل وملكته المتوجة.
الإنتاج الضخم
كما تميز المسلسل بأماكن تصويره، حيث تم بناء قرية بمواصفات خاصة تتناسب مع الحقبة الزمنية، وتم الاهتمام بأدق التفاصيل في مسألة الديكورات والإكسسوارات والملابس، ما يدل على سخاء جهة الإنتاج المتمثلة بتلفزيون دبي.
المصراوية
يبقى ان نقول ان اعمال المبدع اسامة انور عكاشة لا تقارن الا بأعماله، لأنه ان حدث عكس ذلك فالنتيجة تصب لصالحه، فمن هنا نقارن مسلسل المصراوية بأعماله السابقة لنجد ان اعماله السابقة ترجح على العمل الجديد.
واذا كنا قارنا من قبل بين اعماله السابقة مثل «عفاريت السيالة»، «احلام في البوابة» و«كناريا وشركاه» فأتت النتيجة لصالح «كناريا وشركاه» فاننا نسأل: هل سيتفوق مسلسل «المصراوية» على مسلسلات الأجزاء السابقة كـ «ليالي الحلمية» و«زيزينيا» ليكون عملا يستحق بالفعل ان يكون خاتمة أعمال كاتب كبير بحجم اسامة انور عكاشة؟
الصفحات الفنية في ملف ( pdf )