عبدالحميد الخطيب
على الرغم من النقد الذي يوجه للنصوص المسرحية التي تناقش الواقع العربي بسطحية وتكرار الا ان مسرحية «النظارة» التي قدمتها مساء أمس الأول فرقة «الحشاش جروب» على خشبة مسرح الدسمة ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان الخرافي المسرحي جاءت مغايرة إلى حد ما سواء في القضايا التي تناقشها أو في أداء الممثلين وكذلك سينوغرافيا المشهد المسرحي يخرج المتلقون من أجواء القصة طوال مدة العرض.
ركزت المسرحية التي حضرها عدد كبير من محبي المسرح النوعي على فكرة الخداع التي يتبعها المسؤولون مع العاملين معهم وحيلهم الذائفة للهروب من المسؤوليات وتحميلها على غيرهم حتى يهربوا من المسألة عندما يخطئون، حيث دارت الأحداث حول مجموعة من رجال الشرطة في احد المخافر يتفقون على وضع حبوب هلوسة للمفوض «يوسف الحشاش» حتى يسخرون منه قليلا، خصوصا انه متجبر ويرهقهم يوميا في العمل، وبالفعل يضعون له حبوب الهلوسة في شرابه وعندما يتناولها المفوض يقع فريسة للأوهام، فيستغل افراد الشرطة الموقف ويبدأون في نسج قصة خيالية ويقنعون المفوض بأنه قتل زوجته، ويأتي مساعد الشرطة «أسامة المزيعل» ويطلب من المفوض ألا يذكر لأحد انه قتل زوجته حتى لا يقع تحت طائلة القانون ويستجيب المفوض لكلام مساعده، وفجأة يظهر رجل غريب «محمد اسيري» يريد تسليم نفسه للشرطة، لأنه قتل زوجته، فيسأله المفوض لماذا قتلت زوجتك؟ فيرد الرجل: لأنها كانت تخونني مع آخرين، ويقص الرجل للمفوض حكايته، ولكن يكتشف المفوض ان الرجل يلبس ملابس للشرطة فيقول له: انت شرطي واعرفك وهنا تنكشف الحكاية، حيث يخبره أفراد الشرطة العاملون معه بأن كل ما حدث هو «مقلب» أعدوه له حتى يسخرون منه مقابل قسوته معهم، وتنتهي المسرحية على صوت يقول: الوزير قادم لكنهم يفاجأون بانه شخص حقيقي جاء ليبلغ عن قتله لزوجته.
من خلال المشاهد التي جسدتها أدوار الفنانين المشاركين كشفت «النظارة» عن حقيقة العلاقة بين الأنظمة الظالمة والشعوب ودعت من خلال ادراج بعض المناطق الحوارية التي تتحدث عن الثورات العربية حاليا - تجسيد يوسف الحشاش لشخصية القذافي وهو يخطب منفعلا في شعبه ـ إلى تصحيح هذه العلاقة وقد عكست السينوغرافيا المستخدمة «رغم تقليديتها» من ديكور واضاءة ومؤثرات صوتية ما تريد المخرجة وضحة السني إيصاله للجمهور ووصلت الفكرة بسهولة من خلال أداء متميز من أسامة المزيعل الذي حاز اعجاب الجمهور وأجاد في أداء مساعد الشرطة الخفيف الظل، ولم يأخذ عليه أي ملاحظــة الا اقحامـــه لـ «غمزة» عن فصله من رئاسة مسرح الخليج، ما أثار استياء بعض الحضور الذين شعروا بأن المزيعل يريد تصفية بعض الحسابات من خلال هذا العرض المسرحي، ولا ننسى الفنان يوسف الحشاش الذي حاول الاجتهاد في تقديم دور المفوض، ولكن أداءه جاء متوسطا وشابه التكرار وبدا عليه التركيز أكثر على اضحاك الجمهور وهو ما يحسب أيضا ضد المخرجة وضحة السني التي ركزت بشكل أساسي على «الايفهات» وابتعدت في بعض اجزاء المسرحية عن المضمون، فبدت الأحداث مهلهلة وغير مقنعة و«بايخة» مثل قفز المفوض أمام الجمهور خوفا من ان يقتله الرجل، ولكنه يقوم ويعود الى المسرح دون معرفة لمبرر هذا المشهد التمثيلي.
يذكر ان مسرحية «النظارة» من بطولة أسامة المزيعل ويوسف الحشاش ومحمد أسيري وآخرون وتأليف يوسف الحشاش واخراج وضحة السني والاضاءة لعلي الشقيح والموسيقي والمؤثرات الصوتية لعبدالله الحشاش.