بيروت - عبير حمدان
ما يميز الفنانة چوليا بطرس عن فنانات جيلها يكمن في شفافيتها وصدقها مع نفسها لتأتي اطلالتها مختلفة فتكون چوليا المواطنة العادية ضيفة استثنائية لبرنامج سياسي حيث يغيب الحوار الفني التقليدي وتبرز مواقف لا تخجل منها هذه الفنانة التي اعتادت الثورة منذ انطلاقتها في العام 1985 من خلال اغنيتها «غابت شمس الحق» التي حصدت شهرة كبيرة ولاتزال حتى الآن.
هكذا اختارت چوليا ان تطل على المشاهدين الفنانة والمواطنة اللبنانية التي تتحدث وتناقش وتقول رأيها دون خوف لأنها تؤمن بالحرية وتتنفسها لذلك اعتمد فريق عمل برنامج «الاسبوع في مساء» اغنية «أنا بتنفس حرية» في الدعاية التي سبقت عرض الحلقة الاخيرة من البرنامج في سنة 2007.
لا يمكن اختصار المقدمة التي استهل بها الزميل جورج صليبي حلقته الا اذا وصفناها بأنها مقدمة لا تشبه الا چوليا، وبادلته من جهتها تحية خاصة تمهيدا لحوار في السياسة والقضايا الانسانية وحملة «احبائي»، تفاصيل اخرى لا تقل اهمية عما سبق طرحتها چوليا خلال حوارها التالي نصه:
بدأنا مع چوليا بسؤال عن رؤيتها للواقع السياسي في لبنان كمواطنة عادية فأجابت «مشكلتنا في لبنان هي عدم الانتماء للوطن ونحن الآن في مرحلة كل فئة تحاول الغاء الفئة الاخرى وانا قناعتي انه لا مجال لاحد ان يلغي غيره».
لبنان الأكبر
واضافت «الحوار مفقود الآن وبعض اللبنانيين مرتهن بالخارج ويراهن على التطورات الاقليمية والدولية، وبرأيي الحل الأمثل هو الابتعاد عن الطائفية والكف عن التعامل مع مسؤول ما، او اي شخص في موقع معين على أنه اكبر من لبنان اذ يجـــب الا يكــون هناك أي أحد أكبر من البلد، وللأسف البعض لم يتعلم من تجارب الماضي ولايزال الحقد موجودا ودفينا في القلوب».
واكدت چوليا انها ترفض ان تكون طرفا مع احد كونها حريصة على عدم التفريق بين ابناء الشعب الواحد، لذلك هي لم تشارك في اي تظاهرة قامت في لبنان فيما عدا التظاهرة التي قامت امام الاسكوا خلال حرب يوليو استنكارا لمجزرة «قانا» الثانية، حيث عبرت عن غضبها مما يجري وشكرت اطفال اسرائيل على الهدايا التي بعثوا بها لأطفال لبنان الذين لم يستيقظوا كي يتسلموا هداياهم القاتلة.
أغنية «أحبائي»
ورأت چوليا ان العمل الصادق يصل لكل الناس، ورغم الجدل الذي احاط بعملها الاخير «أحبائي» فانها لا تعتبر نفسها جزءا من الانقسام الحاصل لكنها ترى ان اسرائيل هي العدو والمغتصب للأراضي العربية لذلك رأت انه من واجبها تسليط الضوء على الانتصار الذي حققته مجموعة صغيرة من اللبنانيين من خلال مقاومتها لأقوى خامس جيش في العالم (الجيش الإسرائيلي) حسب وصفها للواقع كما تراه.
شمس الحق
وعن الثمن الذي قد يدفعه الفنان ثمنا لانتمائه السياسي تجيب: عندما غنيت في العام 1985 «غابت شمس الحق» كنت في المنطقة الشرقية لبيروت كما كانت التسمية في ذلك الزمن فضلا عن طريقة تفكير كل طرف، لكني لم اتعرض لأي هجوم مباشر رغم ان جزءا كبيرا من اللبنانيين في حينه لم يكن يعتبر ان الجنوب اللبناني يعنيه، او انه اساسا تابع لوطنه حسب مقياسه ورؤيته وبهذا استمررت، لكن المفارقة هي في الواقع الذي نعيشه اليوم وأراه أصعب من تلك المرحلة وأشعر بأن «أحبائي» اثارت جدلا أكبر، وعلى اساسه تعاملوا معي
برفض، واعتبروني طرفا في النزاعات وهذا يؤلمني»، ولفتت ان دور الفنان يكمن في نشر ثقافة الحياة والجمال والفكر والشعر والصوت، لكن هناك كثيرين ضد هذه الثقافة رغم انهم يدعّون العكس.
وأكدت جوليا انها لا تطمح الى أي منصب سياسي رغم انها فكرت للحظة لو تكون رئيسة جمهورية علهّا تجمع اللبنانيين، واكدت ان تفكيرها هذا ما هو الا على سبيل المزاح.
جارة الوادي
جارة الوادي السيدة فيروز هي الملكة ولا مجال لمقارنة أحد بها، وانطلاقا من رؤيتها تلك توجهت بدعوة لكل الصحافيين الذين يكتبون أي مقال أو يقدمون أي برنامج فني الا يضعوا اسم أي فنانة بجانب اسم فيروز، لأنها الملكة وعلى رأسها دائما التاج.
سياسي لبناني
الى ذلك تحترم جوليا كل السياسيين اللبنانيين انطلاقا من قناعتها بان الاختلاف في الرأي لا يحتم بالضرورة عدم احترام الآخرين وتثني على علاقتها بالسياسيين.
فتؤكد بان تواصلها مع الرئيس اللبناني السابق اميل لحود بدأ منذ ان كان قائدا للجيش اللبناني، استمر ليتوج بلقائها به بعد التحرير في عام 2000، حيث طلبت منه اقامة حفلة في الجنوب اللبناني، وتشير الى الصداقة التي تربطها وزوجها بالعماد ميشال عون الذي تعتبره صاحب مبدأ وتصفه بالأستاذ الصادق مع نفسه».
وتعود معرفتها وزوجها بالرئيس فؤاد السنيورة الى وقت كان فيه وزيرا للمالية وتقر بأنها كانت تفضله في منصبه السابق اكثر، حيث ان العلاقة تبدلت بعد ان تسلم رئاسة الحكومة. اما في ما يتصل بالرئيس الحريري فجوليا ترى ان غيابه اثر كثيرا على لبنان واتمنى لو انه موجود الآن، لانه كان الوحيد القادر على مد جسور التواصل بين اللبنانيين.
نصرالله
وعن لقائها بالسيد حسن نصرالله وموافقته على ادائها اغنية مستوحاة في رسالته التي توجه بها الى المقاومين في الجنوب اللبناني فتجيب:
التقيت السيد حسن نصرالله بعد ان انجزت عمل «احبائي» وليس قبله، وكنت اشعر بأني سأبكي لحظة لقائي به فأنا احلم بهذا اللقاء منذ عام 2000 عندما توج السيد قائدا على امتداد العالم العربي وهو رمز عربي برأيي وتضيف جوليا:
ان اكثر ما ازعجني اني لا استطيع ان اصافحه لذا احسست بان الكلام سيضيع مني امامه وعندما رأيته وضعت يدي على قلبي وقلت له بأني جمعت كل الحب والاحترام الموجودين في الدنيا في يدي ووضعت يدي على قلبي لاخبره عــــن مدى سعادتي فأجاب بانه كان يتمنى لقائي منــــذ سمعني امـــام «الاسكوا» وقال: بانني من الاشخاص الذين ساهموا بتحقيق الانتصار.
الصفحة الفنية في ملف ( pdf )