عبدالحميد الخطيب
بدأت أمس الأول منافسات العروض المشاركة في الدورة الخامسة لمهرجان الخرافي للابداع المسرحي حيث بدأت الليلة بافتتاح ذي نكهة خاصة بادارة الكوميديان الكبير طارق العلي الذي قدم تعازيه للوسط الفني لرحيل الفنان الكبير خليل اسماعيل، بعدها تحدث رئيس مجلس الأمناء د.نبيل الفيلكاوي الذي تمنى للمشاركين في المسابقة الرسمية التوفيق وواسى الوسط الفني في فقدانه أحد أعلامه وهو الفنان الكبير خليل اسماعيل الذي وصفه بأنه صاحب ابتسامة وله فلسفة خاصة في هذه الحياة الفانية.
تلا د.الفيلكاوي اعتلاء لجنة التحكيم خشبة المسرح وبعدها جاءت عائشة الحشاش وهي احدى أصحاب الاحتياجات الخاصة في لفتة تحسب للادارة المنظمة للمهرجان لتعلن افتتاح المهرجان رسميا وبدأ عرض أولى المسرحيات المشاركة في المسابقة وهي مسرحية «يا دانة دنا الليل».
يفتح المسرح على شراع السفينة وبحارة يجدفون وسط المياه ليقاطعهم مشهد دخول ابراهيم القطان او سهيل بن زيدون المطرب الذي يسير في الفلاة باحثا عن رشفة ماء حتى يجد تلك الواحة التي يقترب منها ويفاجأ بصوت يئن وإذا به بإحدى النساء اللاتي يبحث عن معين في هذه الصحراء الجرداء ويتعارفان وتحكي له قصتها فإذا هي شاه بنت فالح الطويش أحد كبار رجال الهلالية وتحمله أمانة ليوصلها الى خلفان شيخ قبيلة الزارة وتموت شاه ويوارى جثمانها التراب ويذهب سهيل للبحث عن هذا الشيخ ليوصل له الأمانة لكنه يتقابل مع دليل بالصحراء وهو ابراهيم بوطيبان أو عقاب الذي يأخذه بدوره الى شيخ قبيلة الزارة متهما اياه بقتل وسرقة شاه، ويقطع يده ولكن الأقدار تشاء ان تعود شاه الى الحياة وتسرع الى قبيلة الزاره وتقابل شيخها وتنقذ هذا الانسان الطيب الشهم في اشارة قوية وتنبيه لدور هذه الصفات في حياتنا.
لفت الانتباه
المسرحية جاءت خير افتتاح للدورة الخامسة لمهرجان الخرافي للابداع المسرحي حيث استطاعت لفت الانتباه لمعاني انسانية بدأنا نفقدها وذلك بالاستعانة بنجوم كبار شاركوا في احياء هذه الحالة الانسانية الدرامية المتمثلة في الشهامة والمروءة والطيبة.
النص تناول هذه المعاني في جمل حوارية بسيطة ومفهومة، وفطامي العطار وضعت صراعا دراميا سلسا رغم تسارعه الا انه كان منسجما مع الشخصيات ولم تبخل العطار باضافة بعض الاثارة والتشويق ما أعطى المسرحية نوعا من الاتزان وساعد في ذلك كشفها عن الهويات التراثية للأبطال مشيرة الى حقبة زمنية الكثير منا لا يعرفها واعطاء عظة بمدى أهمية الصفات الحميدة في وقت الشدائد.
استغلال موهبته
أما المخرج علي العلي فقد استطاع استغلال موهبته في تطويع النص واخراجه برؤية خيالية لأحداث واقعية مستعينا بالامكانيات المسرحية التي تعودنا دائما منه ان يستخدمها.
هذا ولا ننكر المجهود الواضح له في ادارة المسرحية والرؤية التي طبقها النجوم ومنهم جاسم النبهان وهدى حسين اللذان أجادا في دوريهما وكذلك ابراهيم القطان الذي رغم افلات النص منه لأكثر من مرة وبطء حركته على المسرح، إلا انه استطاع رسم ابتسامة على شفاه الجمهور واثني على الفنان الشاب ابراهيم بوطيبان الذي أجاد في دوره كدلال بالصحراء.
المؤتمر الصحافي
بعد انتهاء العرض عقد مؤتمر صحافي، وذلك لتحليل العرض المسرحي «يا دانة دنا الليل» بحضور المخرج علي العلي والكاتبة فطامي العطار وادارة الزميل عبدالستار ناجي، حيث استهل المؤتمر د.دخيل الدخيل مهنئا ببداية المهرجان الذي أعطى الحركة المسرحية الكويتية الكثير واشاد بدور المسرح الشعبي الذي يعمل بكل امكاناته لايصال الرسالة الهادفة والاعمال الجيدة للناس، وكذلك لدعمه للشباب واعطائهم الفرص وأبلغ دليل على ذلك هو تجربة المخرج علي العلي الذي استطاع اخراج عمل مسرحي جيد وقطع بعض الالغاز التي جاءت صعبة في النص الذي اعتبره الدخيل صعبا ويحتاج الى معالجة اكثر. ولولا موهبة وتفوق علي لما خرج بهذه الصورة.
أداء انفعالي
من جانبها، اوضحت الكاتبة عواطف البدر انها تشيد بأداء هدى حسين لكن اداءها كان انفعاليا اكثر مما هو مطلوب، حيث سبقت النص وتمنت ان يكون النص بنفس قوة هدى حسين.
واضافت انها تمنت ان يكون النص بقوة اداء النجوم المشاركين فيه وان يكون مترابطا اكثر، وذلك فيما يتعلق بالماضي والحاضر وربط الاحداث بينهما.
بدوره أكد الكاتب حمد بدر ان فطامي العطار حاولت ايجاد معادلة صعبة ولكن بعض الخيوط افلتت منها خصوصا في تناولها للبادية والحضر وتمنى ان يكون هناك توازن اكثر في الاحداث وكذلك مساحة اكبر لإعطاء الفرص للنجوم المشاركين للإبداع بصورة اكبر. واثنى على دور المخرج علي العلي وذلك في استخدامه عناصر المسرح لانجاح العمل.
سكتة قلبية
اما علاء الجابر فاعتبر النص مناسبا للإذاعة اكثر من المسرح وأشفق على المخرج الذي استطاع ان يحرك الابطال لتقديم هذا النص، واضاف انه يشعر بان هذه المسرحية اصيبت بالسكتة القلبية لوجود الكثير من الفجوات بالنص.
من جانبها، اشارت الزميلة ليلى احمد الى ان النص كان خياليا اكثر واحداثه لا تناسب سنة الطاعون، واشادت باداء البحارة والنبهان والديكور.
زوايا قوية
وفي اطار ردودها على الانتقادات التي جاءت بالنسبة لمسرحية «يا دانة دنا الليل»، اكدت الكاتبة فطامي العطار ان المشكلة ليست في النص ولكن في اننا كعرب نفتش عن انفسنا داخل هذه النصوص، وبالتالي يكون منظورنا لها شخصيا، واشارت الى ان القصة متكاملة ومتوازنة وبها الكثير من الجوانب والزوايا القوية ولم تعن في النص سنة الطاعون وانما الاحداث كانت تحكى عن سنة 1514 إبان حكم الخليفة العثماني سليمان القانوني، وتناولت هذه الحقبة بفنتازيا واقعية وليست خيالية، واكدت على ان يكون التعليق على المسرحية ليس من خلال العرض المشاهد وانما من خلال قراءة القصة المتناولة في هذا العرض.
واضافت انها غير مطالبة بتقديم اي تفسير عن النص فالاذواق تختلف والآراء تختلف.
حرية الاختيار
من جانبه، شكر علي العلي المسرح الشعبي لثقته فيه وفي قدراته الاخراجية واعطائه الفرصة والحرية لاختيار جميع عناصر العرض المسرحي، واكد ان اكبر دليل على نجاح المسرحية هو هذه الحيرة التي يعاني منهـــا النقــــاد مــا بين مؤيـــد ومعـــارض.
واشار الى انه لم يستخدم الاضاءة والصوت كمؤثرات في هذا العمل لأنه لم ير مبررا، وهذا ما تعلمه، وهو ان المخرج يختار النص والمكان والأبطال وأوضح انه لم يكن لديه وقت طويل لدخول المهرجان غير شهر واحد، وهذا ما اضطره للاستعانة بنجوم كبار لديهم الخبرة والكفاءة للإلمام بما يريده خلال هذه الفترة.
وألمح الى تعاون الجميع معه، وكذلك الى الجهد المبذول في المسرحية التي قال عنها: انه يفهمها جيدا واستطاع تحريك النجوم على المسرح حسب رؤيته هو فقط، مؤكدا انه ليس صاحب تفرد في هذا الجانب وانما من خلال الاحترام المتبادل مع ابطال العرض.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )