عبدالحميد الخطيب
عقدت اللجنة المنظمة لمهرجان الخرافي الخامس للإبداع المسرحي في بداية انشطة اليوم الرابع مؤتمرا صحافيا لأحد رموز الفن والمسرح الكويتي، انه الفنان القدير علي البريكي الذي أتى للاحتفال مع مهرجان الخرافي في أحلى ايام المسرح التي ينتظرها الجميع من العام الى العام.
علي البريكي عبر عن سعادته بهذا التكريم الذي شرفه به مهرجان الخرافي معتبره من المهرجانات الكبيرة في المنطقة الخليجية. واشاد بدعم رئيس مجلس الامة جاسم الخرافي للشباب الكويتي ووقوفه بجانب المواهب الحقيقية حتى يكون لها مكان في ركب التطور المسرحي.
من جانبه، اكد د.نبيل الفيلكاوي رئيس مجلس الامناء واللجنة المنظمة مكانة علي البريكي وهو احد الرموز التي يفتخر المسرح بها، واشار الى عطائه الذي لا يتوقف وحرصه على التواصل مع الاجيال الشابة واعطائها من خبرته لما فيه مصلحة الديرة. واوضح ان مهرجان الخرافي حريص كل عام على تكريم هذه الرموز الكبيرة ووضع اسم علي البريكي هذا العام هو شرف للمهرجان.
تاريخ طويل
اما الفنان احمد السلمان، فألمح الى الباع الطويل والتاريخ المتأصل الذي يسير وراء الفنان القدير علي البريكي، حيث قال: ان علي البريكي أعطى الفن الكثير من جهده ووقته وأصبح احد العلامات الكبيرة بالساحة الفنية وقدوة للكثير من الفنانين.
بدوره، تحدث الفنان علي جمعة عن الجانب الإنساني في حياة الفنان القدير علي البريكي واصفا اياه بأنه فنان صاحب مبادئ وله خبرة طويلة لا يبخل بها على أحد واخلاقه تتحدث عنه قبل اعماله.
واضاف ان تكريم علي البريكي هو تكريم للفنانين جميعا، لأنه رائد كبير وفنان له وزنه بالوسط الفني.
كما اشار الزميل عبدالستار ناجي الى ان الفنان القدير علي البريكي يحتاج الى الكثير من الكلام لكي نوفيه قدره لأنه صاحب قامة عالية وما قدمه من فن راق واعمال خالدة كفيل بأن يتحدث عن هذا العملاق.
بداية المسرحية
بدأت الأنظار تتجه بعد انتهاء المؤتمر الصحافي الخاص بتكريم الفنان القدير علي البريكي الى مسرح الدسمة منتظرة بداية عرض اليوم الرابع وهو مسرحية «ثلث الثلاثة» حيث يبدو على المسرح ديكور يعطينا اكثر من ايحاء فهو جعلنا نشعر بان الديكور لمبان وامامها شارع، أو لمنزل متهالك وسط عمارات فخمة أو لحانة يسهر بها الناس ويشربون بها الخمر، وهذا هو ما كان حيث بدأت المسرحية من داخل هذه الحانة عندما دخل مبارك سلطان في مصاحبة معزوفة موسيقية ليغني «جميلة رشيقة الحليوة» ويزداد حماسه في الغناء وهو تحت تأثير الخمر عندما تمر من امامه امرأة قبيحة ولكنه يراها ملكة جمال.
السكير والحانة
ينتقل بعدها الحوار الى المذياع الذي يحب أن يسمعه هذا الرجل القابع بالحانة وينصت لفقرة الابراج، وذلك لاعطاء ايحاء واضح بمدى تأثره بعلم النجوم، وهذا حال جميع الباحثين عن الامل والذي بات جليا من خلال حواره مع زميله بالحانة الذي بدا عليه الانتهازية حيث يتركه ليعمل بمفرده مقابل ان يعطيه جزءا قليلا من المال مستغلا منطقة اللافهم عنده او الغباء.
يفاجأ هذا الرجل السكير بملصوقات على جسده تقول «لكل عضو من جسدك سعر معين فاتصل بنا» وكأنه اعلان لبيع الاعضاء فيعرض الامر على صديقه الذي بدوره يشجعه على ذلك مستغلا مدى احتياج هذا الرجل للمال والحب حيث يجعل صديقته تساعده والتي بدورها تحاول ان توقع هذا السكير في حبائلها واعدة اياه بالزواج حتى يرضخ لهذا المخطط، وبالفعل يحدث الاتفاق ويوافق الرجل على بيع اعضائه ويأتي التجار ويجعلونه في فترة اختبار للتأكد من سلامته وسلامة اعضائه، ولكنهم يفاجأون بأنه لا يصلح للشراء وهنا تظهر مفاجأة كبرى حيث انه من بنود عقد الاتفاق انه في حال عدم صلاحية الرجل أو اعضائه يتم استبداله بآخر من نفس النوع أي ذكر فيأخذون صديقه الذي كان يريد ان يخدعه ويأخذ النقود مقابل بيعه.
إجادة المخرج
اجاد المخرج نصار النصار في صياغة موعظة من خلال القصة الرائعة لفيصل العبيد، وذلك من خلال التوارد الدرامي والتفاعلات المختلفة الناشئة من الاحتياج النابع من النفس البشرية للمال والحب، وهذا ما استطاع ان يبرزه من خلال رؤيته الواضحة للاماكن التي يمكن ان تحدث بها القصة وايضا للاشخاص المؤدين لهذا الواقع الدرامي، فاختيار مبارك سلطان الذي أجاد وتنقل دراميا صعودا وهبوطا بين تدرجات الانفعالات الدرامية ما بين سكر وحزن وسعادة ولهفة كان موفقا جدا الا من بعض التطويل الذي فرضه عليهم الوقت كما يبدو وما أبهرني بالفعل هو ميرنا سعيد التي أعادت اكتشاف نفسها واضعة اسمها على خريطة الفن الكويتي كإحدى الفنانات الصاعدات صاحبات المواهب، فلقد كانت متألقة في اعطاء انطباعات الحب والمكر والخيانة، وأعــــطت للعرض مصداقية وعرفتنا دور المرأة الفاعل في التأثير على الـــــقرارات من خلال استخدام البطل واستغلاله لما فيه مصلحة اتمام الصفقة.
الجميع أجادوا والمسرح في هذا اليوم كان متألقا ووصلتنا الرسالة الهادفة من وراء هذا العرض فتحية لجميع المشاركين فيه.
المؤتمر الصحافي
في نهاية اليوم الرابع من أنشطة مهرجان الخرافي الخامس للمسرح عقدت اللجنة المنظمة المؤتمر الصحافي الخاص بعرض مسرحية «ثلث الثلاثة» والذي جاء بحضور المخرج نصار النصار فقط الذي قدم اعتذاره لعدم تمكن المؤلف فيصل العبيد من الحضور لارتباطه بالسفر، الأسئلة بدأت مع الزميلة غادة عبدالمنعم التي أثنت على العمل ولكنها أشارت الى احساسها في بعض المشاهد بالرتابة والتطويل والتباعد في الحوار ما أعطاها انطباعا عن عدم التوافق بين رؤية المخرج وكتابة المؤلف وانتقدت حركة الموت في نهاية المسرحية للرجل السكير ورفسة الرجل التي ركلته بها ميرنا سعيد عند استهزائها به واعتباره رجلا غبيا لا يساوي شيئا.
من جانبه أوضح الزميل عماد جمعة انه كان يتمنى ان يكون العرض محليا ولا يميل للغربية مشيدا بالسينوغرافيا والموسيقى المصاحبة للعرض.
أما الزميل عبدالستار ناجي فأكد ان فيصل العبيد هو أحد الكتاب الذين يمتلكون هذا الجزء الكبير من الموهبة ودائما ما يذهب بنا بعيدا عن حدود الخيال.
واضاف ان قصة مسرحية «ثلث الثلاثة» فيها الكثير من التميز فهي تعطينا أكثر من حكمة وتعرفنا ما هو معنى الاحتياج والأزمة وما الذي يجعل الانسان يتنازل عن أعضائه.
وألمح الى التطور الذي يشهده المؤلف من عام الى آخر وكذلك المخرج نصار النصار الذي استطاع استخدام أدواته في اخراج مسرحية راقية مؤكدا على حرص النصار في استخدام الموسيقى والديكور في خدمة عمله وتطرق أيضا الى الأداء المتميز لجميع المشاركين وخصوصا مبارك سلطان الذي استطاع ان يتحرك بحرية بين الحالات المختلفة التي عاشها في العمل.
دعم الشباب
وبدوره تحدث د. نبيل الفيلكاوي قائلا: ان مهرجان الخرافي له آلية معروفة للجميع وان هدفه الأساسي هو دعم الشباب الكويتي واعطاؤه الفرصة للتنفيس عن نفسه وابراز موهبته واستنكر الهجوم الذي يلاقيه الشباب الذين يحاولون ان يكون لهم مكان بالساحة الفنية معتبرا ان أي نقد لهم ما هو إلا تحطيم وقتل لطموحات هذا الشباب، وطالب الجميع بأن يقفوا وراء هذا المهرجان من أجل الشباب الكويتي وان يبعدوا تصفية الحسابات عنهم حتى نوفر جوا ملائما لاخراج أجيال كويتية لديها ثقة بنفسها وبمسرحها، واعلن في نهاية حديثه انه من منطلق دعم رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي ومن قناعته بأهمية دعم الشباب سيوفر ثلاثة آلاف دينار لكل عرض شبابي مشارك في مهرجان الخرافي في دورته المقبلة.
رؤية إخراجية
وفي معرض ردوده على ما جاء من أسئلة صحافية أكد نصار النصار انه أعجب بنص المؤلف فيصل العبيد «ثلث الثلاثة» وعندما قرأه وضحت أمامه الرؤية الاخراجية لهذا العمل وهو دائما يؤمن بأن الواقعية مهمة في أي عمل يهدف الى توصيل رسالة حقيقية للجمهور.
واشار الى ان المهرجانات يكون بها وقت محدد لتقديم العرض المسرحي لذلك كان لابد من ان يكون هناك تطويل في بعض مناطق العمل حتى يصل العرض الى الوقت المحدد وهذا ما جعلنا نشعر أحيانا بأن هناك رتابة واطالة في الحوار.
واوضح انه لا يعنيه تقديم نص محلي أو عالمي، المهــــم عنـــــده هو اختيار القصة أو العاطفة التي تبنى على احساسه الخاص، واضاف ان اختياره لقصص عالمية ومحلية مختلفة لا يدفع الى الملل والتكرار.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )